لعل كثيرون لا يعلمون أن (إخطبوط) شركة سعودي أوجيه وصل إلى طباعة المصحف في مجمع الملك فهد في المدينة. فهذه الشركة لها أذرع تمتد إلى كل المجالات؛ ومع ذلك هي من أسوء الشركات أداء، وأقلها قدرة على الالتزام بمواعيد التنفيذ، ناهيك عن رائحتها التي أزكمت الأنوف، عندما تداولت أنباء فساد منسوبيها والعاملين فيها وكالات الأنباء مؤخراً، في فضيحة اختلاس 500 مليون دولار، والتي يقال أنها الآن محل تحقيق ومتابعة من قبل الجهات الأمنية في المملكة؛ ونرجو إذا ثبتت التهمة أن يمتد الحقيق، و تشمل المساءلة جميع مشاريع (التعميد المباشر) التي تهطل على هذه الشركة (كالمطر) دون وجه حق، والتي هي محل قصص وحكايات أشبه بالأساطير، تمتلئ بها مجالس السعوديين وكذلك اللبنانيين؛ ودون أن (تفتح) ملفات مشاريع هذه الشركة، ويُعاد التحقيق مع مسؤوليها، وبالذات في طريقة (التعاقد) معها، ومن هُم (المستفيدون) من هذا التعاقد، فإن الإصلاح الذي يتحدث عنه المسؤولون سيبقى مجرد (شعار) يبحث عن التطبيق.

صحيفة (سبق) الإلكترونية نشرت قبل أيام تحقيقاً عن أسباب إضراب السعوديين في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، تحدث فيه موظفو شركة أوجيه (السعوديين) مؤكدين أن إضرابهم بسبب تدني مرتباتهم، وضعف الحوافز والبدلات والعلاوات السنية. الغريب أن الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الدكتور محمد العوفي، وهو الموظف المشرف من قبل الدولة، (نفى) أن يكون هناك أصلاً إضراب، و( أن طباعة المصحف لم تتوقف، ولم يُضرِب أي مُوظَّف عن العمل، مُشيراً إلى أن المصاحف متوفِّرة حسب الاتفاق مع الشركة، مضيفا : نحن نسير وِفق خطة إنتاج مُعيَّنة ومحدَّدة، وهناك أخطاء نُشِرت، وخلط بين الناس، مُسميات مغالطة نُشِرت، وهذا ليس صحيحاً) حسب تصريحه في (سبق). غير أن العاملين في المجمع، ومديرهم أكدوا الإضراب، أي (كذبوا) تصريح الدكتور محمد العوفي. وقد وصل عدد المضربين عن العمل حسب ما جاء في (العربية نت ) إلى 900 موظفاً من أصل 1400 موظف؛ ويذكر أن رواتب العاملين في منتهى التدني، إذ يتراوح معدل الرواتب الشهرية ما بين 1500 و4000 ريال كراتب إجمالي بالعلاوات والبدلات. أما الإنتاج فانخفض من 52 ألف نسخة يومياً إلى أقل من 2000 نسخة فقط كما جاء في موقع (العربية نت) التابع لقناة العربية.

والأسئلة التي تثيرها هذه القضية كثيرة ومتشعبة، لعل أهمها لماذا يحاول الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الدكتور محمد العوفي التعتيم على القضية، وينفي وجود الإضراب، في حين أن الواجب أن يقف مع مواطنيه السعوديين ضد الشركة المُشغِّلة لا يعتم على المشكلة؛ وقوفه بهذا الحماس، إلى درجة نفي وجود المشكلة من أساسها، كما في تصريحه ل (سبق)، يثر كثيراً من علامات الاستفهام بصراحة!. النقطة الثانية والمهمة هنا ه ضرورة وضع سلم رواتب للموظفين السعوديين، يكون مجزياً، ومشتملاً على البدلات، والعلاوات، يفرض على الشركة المشغلة للمشروع الالتزام به. أما ترك عمل هؤلاء الموظفين تحت رحمة هذه الشركة، وغطرسة مديرها، وكأن أبناء هذه البلاد أقل من أن يديروا مثل هذه المشاريع، فهذا هو (العيب) الذي لا يستطيع كائنٌ من كان أن يبرره؛ فهل يستطيع مدير هذه الشركة أن يجيبني لماذا المشرف من قبل الشركةغير سعودي؟

وطالما أن المملكة قد أنشأت (هيئة مكافحة الفساد) ضمن الأوامر الملكية الإصلاحية الأخيرة، فجميع السعوديين ينتظرون أن تمتد يد التحقيق والمساءلة إلى مشاريع هذه الشركة بما فيها هذا المشروع؛ وكلنا آذان صاغية لما سوف يسفر عنه التحقيق.