بدأت تنتشر بسرعة البرق إشاعات قوية عن خطة سرية بين الحزب الوطني وجماعة الأخوان المسلمين من أجل تمكين قوى الإسلام السياسي من السيطرة على مقاليد الحكم في مصر. وقد بدأت الخطة عندما كلف الرئيس مبارك الجيش بإدارة شئون البلاد.. بعدها قام السيد عمر سليمان بمحاولة إدارة حوار بين قوى المعارضة والنظام السابق شاركت فيه بقوة جماعة الأخوان المسلمين المحظورة آنذاك وكانت أولى ثمار هذا اللقاء أن الجماعة أصبحت قوة علنية غير محظورة وظهرت لأول مرة على الساحة السياسية المصرية كقوة معارضة بعدما كانت تعتبر قوة مقاومة محظورة. ولعل الجميع يتذكر قول السيد عمر سليمان أن أمام جماعة الأخوان المسلمين الفرصة الذهبية للمشاركة في العملية السياسية وبالفعل استثمرت الجماعة هذا النجاح بسبب التحرر من الحظر السياسي والمعنوي وبدأت بقوة الرجوع للشارع والالتحام بالثوار لتتبني موقف قيادة الثورة.
بدأت الجماعة في تدعيم ريادتها المزعومة للثورة بعد زيارة الشيخ القرضاوي لميدان التحرير وإقامة الصلاة وإلقاء خطبة الجمعة أمام الملايين.. تلك الخطبة التي طرحت بوضوح مكنونات الأجندة السياسية لجماعة الأخوان المسلمين.
ثم بدأت عمليات الإفراج المنظم عن كل أعضاء الجماعة من المعتقلين وما صاحب ذلك من احتفالات حاشدة للظهور بمظهر المنتصر الذي يجب أن يفوز بقيادة البلاد. ولعل الجميع يتذكر الحفل الكبير بمناسبة الإفراج عن بعض قياداتها من المعتقل بعد أحداث جامعة الأزهر.. هذا الحفل الذي أقامته الجماعة في قاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر بحضور شخصيات كثيرة من رموز النظام السابق وقوى ميدان التحرير.
في هذه الأثناء انتشرت بقوة جموع شباب الإخوان داخل الجامعات ونوادي أعضاء هيئات التدريس والنقابات من أجل الشحن والحشد في اتجاه تحقيق أجندتها المحظورة سابقا... كل هذا يجري على قدم وثاق في ظل غياب تام لكل قوى المعارضة وشباب الثورة والذين لم يتوحدوا بعد واعتقد ليس قريبا بسبب وضع المعوقات عمدا وقصدا حتى تظل الساحة تحت سيطرة الجماعة.
تقول بعض التحليلات أن الصفقة السرية بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين تسير طبقا لفقه الأولويات وحتى تظل مصر تحت سيطرة قادة ثورة 1952 والتي كانت ثورة اخوانجية بجدارة. فعندما ضعف الحزب شعبيا وكان لابد له أن يرحل من الطبيعي جدا أن يسلم السلطة لشريكه الخفي وخصمه في الحكم فهو الأولى من كل قوى المعارضة الضعيفة والغير مدعومة شعبيا... وخصوصا أن الكثير من رموز النظام السابق وأعضاء الحزب الوطني كانوا على علاقات وثيقة جدا مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين... بل والكثير منهم يتبني سياسات الجماعة الدعوية والسياسية دون أن يفصح عن ذلك علانية حفاظا على شكل الحزب أمام الأقباط لكسب تأيدهم له وهو ما نجح فيه بالفعل.
أيضا لعلنا نتذكر قول الرئيس مبارك الشهير مخاطبا الداخل والخارج quot; أما أنا وإما الفوضى وسيطرة جماعة الأخوان المسلمين على الحكمquot; هذا ما تعمل عليه الآن قوى كثيرة في الخفاء والعلن من أجل تمكين جماعة الأخوان المسلمين من الوصول للحكم نكاية في الغرب الذي لم يستمع لكلمات الرئيس والنظام السابق وعقابا للذين طالبوا بسقوطه وكأن لسان حاله يقول quot; خليهم يشربوا... هم الذين جلبوه لأنفسهمquot;.
الوضع الآن جد خطير... فجماعة الأخوان ومعها معظم التيارات الدينية المتشددة تبذل قصارى الجهد والحشد بين البسطاء وكثيرين غيرهم من اجل التصويت بنعم ويساعدهم في ذلك ويسهل لهم التحرك كل السلطات القائمة بدون أي تدخل.
ولأنها جماعة منظمة تكتيكيا وفنيا ونظاميا فربما تنجح في سعيها وستكون النتيجة الحتمية اكتساح الانتخابات البرلمانية بعدد يمكنها على الأقل من أن تصبح هي الرقبة التي تحرك الرأس كما يقول المثل الروسي.. quot;إذا كان الرجل هو رأس المرأة فالمرأة هي الرقبة التي تحرك الرأسquot;. ثم تأتي الخطوة التالية فترشح الجماعة وتدعم رئيساً من بين الذين يسعون لتحقيق أجندتها على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي.
والجميع يعلم أن تركيا تقدم العون، حزب الله يقدم الدعم وخصوصا بعدما أطاح بحكومة سعد الحريري وحولها إلى قوة معارضة. إيران تقدم كل أشكال التأييد... الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يقدم الأفكار والأموال ومعه أمراء الإسلام السياسي بأفكارهم وأموالهم. أمريكا في حالة ذهول وأصابتها الدهشة فالتزمت الصمت وأحيانا تلوح بحجب المعونات...
الجاهل يؤكد والعالم يشك والعاقل يتدبر... لذلك على المصريين العقلاء إن يتدبروا الأمر بجديه وإخلاص وانتماء لمصر وليس لجماعة بعينها أو حزب بعينه لأن الغد يتحدد به مصير مصر وليس مرحلة انتقالية كما يروجون.
فبإمكان شباب الثورة الذي طالب بدولة مدنية حرة أن يتوحد فورا مع جموع المصريين الذي يحبون مصر ويريدونها دولة ديمقراطية حرة حتى يمكن حماية مكتسبات الثورة..
لا للتعديلات الدستورية.. لا ترقع الدايب ولا تعدل العايب... مصر لا ترغب في استبدال الحزب الوطني بجماعة الأخوان المسلمين... مصر بحاجة إلى مشاركة كل القوى الوطنية بدون أية استثناءات... مصر بحاجة إلى دستور صحيح قوي كامل واضح صريح... دستور عصري يستمد كيانه من كل فئات وطبقات الشعب ويصيغ مواده رجال القانون... دستور يرقى بمصر ويضعها في مقدمة دول العالم فهي تستحق ذلك.
Shoukrala @hotmail.com
- آخر تحديث :
التعليقات