إنها خنقة تصيبني دائماً... ترى كيف تفهمون الشعب السوري...؟؟ ترى كيف تكتبون الشعب السوري...؟؟؟ لم يذكر التاريخ لا القديم منه و لا الحديث بظاهرة شاذة واستثنائية تشبه ظاهرة ما يسمى البعث العربي الاشتراكي في سورية و الذي تمثله السلطة الحاكمة في سورية بقيادة بشار الاسد ومن قبله حافظ الأسد، فرغم ملئ التاريخ بالمئات لا بل الألوف من الظواهر و الحالات الاستثنائية التي كثيراً ما تأتي كنتيجة حتمية لأمر خطأ يحصل في مكونات الإنسان و التاريخ إلا أن حزب البعث يأتي كظاهرة أولى من هيث الشواذ فالمتابع لمسيرة البعث من بدايته وحتى الآن يكتشف ودون عناء أنها حالة خطأ في التاريخ ليس في التاريخ السوري فقط بل العربي لما شكلت هذه المجموعة من عبءٍ ثقيل على الأمة العربية عامة وسورية خاصة لأن الفكر الذي أنتجه هذا الحزب كان أرضاً خصبة لزراعة الشر من الأنانية و انكار الآخر المختلف و إقصاء و تهميش الغير و القمع و الإضطهاد، فما نراه اليوم من الأزمات و المشاكل و الظروف الصعبة التي مرت و تمر على وطننا سورية و التي أدت إلى ما حدث في معظم المدن السورية من مظاهرات و إعتصامات تطالب بالحرية و الديمقراطية و ما نتج عنها من قتل و إعتقالات و بأساليب وحشية تعود في أسبابها بشكل أو بآخر إلى هذه المجموعة البعثية ذات البنية الخاطئة فكرياً و اجتماعيا و ثقافيا و التي أصبحت عالة على سورية الحبيبة لما شكلت و تشكل من عوائق أمام تطور و تقدم هذا الوطن عبر فرملتها لا بل و قمعها لكل عملية تقدمية أو تطويرية قد تزيد الرخاء و التنمية و تولد الإخاء و المحبة بين شرائح المجتمع السوري كافة و تولد نظرية الإنتماء إلأى الثقافة الوطنية بدلاً من نظرية الإنتماء الإجتماعي و السياسي لكن و للأسف الشديد و الشديد مازال هذا النظام البعثي يزيد من ترسيخ المبدأ الذي يقول بأن البعث هو الوطن و هو القائد و هو الدولة و المجتمع بذرائع فكرية طوباوية و شعارات قومية و وطنية ودينية تارة أو دستورية تارة أخرى وقوننة كل شيء في إطاره البعثي و كأن البعث هو الوحيد الذي يجري في عروقه الدم الأزرق الصح و الكل في الكل خطأ وبالتالي هو الذي يملك الحق و الحقيقة و بأمر من سبحانه تعالى...!!!

إنها مهزلة الانسان و التاريخ بأن يتحدث رئيس دولة بعدما قتلت أحهزته الأمنية أكثر من 100 من مواطنيه لا لشي فقط لأنهم طالبوا بحق أقرته القوانين الإلهية و الوضعية بهذا الأسلوب الساخر عن أكثر من نصف سورية و يتهمهم بالخونة و المتآمرين ويهين هذه الدماء التي سالت في درعا و اللاذقية و دمشق و أن لا يواسي أمهات الشهداء بكلمة واحدة و الأتفه من ذلك // أستميح القارئ العزيز // هي تلك المجموعات التي تدعي النخبة من فنانين و إعلاميين و أخص بالذكر المؤسسات الإعلامية و بشكل أخص التلفزيون أن تدافع عن القتلة و تصفهم بالشهداء و تصف الشهداء بالخونة و المتآمرين... لكن العودة إلى تاريخ هذه المدرسة القومية العربية التي أفقدت العروبة معانيها الإنسانية يرى أن من الطبيعي جداً أن هذه الحزب أفرز الكثير من أمثال بشار الأسد، فهذه هي طبيعة و ايديولوجية حزب البعث، فكل من يخالفه الرأي يضعه في خانة الخيانة و العمالة و اللإنسانية لا بل ويتحدى الشعب السوري و بعنجهية وبلطجة في الوقت الذي أثبتت التجارب التاريخية أن هذه المجموعة المتسلطة أو المغتصبة للحكم منذ 48 عاماً على عدمية مقاييسها و معاييرها الأخلاقية و القومية و الوطنية و لعل ما نشهده اليوم من جرائم سياسية و إنسانية من حيث القمع و الخوف الرعب المخابراتي المزروع في قلوب الشعب عبر ممارستهم لأبشع الوسائل القمعية و جرائم اقتصادية من نهب واختلاس للأموال العامة و الرشوة المتفشية في مؤسسات و إدارات الدولة مما شكل حالة من الفرز الطبقي الواضح الفقر العام و الغنى الخاص الفاحش فضلاً عن أكبر جريمة اجتماعية في تاريخ الشعب السوري حيث علّم الشعب الخوف و الجبن و اللاثقة بالنفس حتى أصبح معظم الأمراض الاجتماعية الخطيرة يعاني منها الشعب السوري أليس هذا كله شاهد قوي مضاد لمن ينفخ في البوق البعثي و إني أدعوا هؤلاء أن يستكشفوا الوضع و الواقع الصحيح من الشعب و ليس من القيادة البعثية و أن ينزلوا في الأحياء الشعبية و ليس في أبو رمانة أو الروضة.

و المؤسف حقاً أن تتبنى وبشكل واضح مجموعات سورية وعربية مثقفة أكثر المفاهيم البعثية إرهاباً و تتهم الشعب السوري بإتهامات لا أساس لها من الصحة و تنظر في المفاهيم القومية و الوطنية كما عرّفها و وضعها مجموعات بعثية أمنية جاهلة و على أساس التناغم و التوافق مع مصالحها الشخصية و السلطوية وذلك من خلال تحديدها لشروط الإنتماء القومي والوطني للمواطن السوري وهو أما أن تكون بعثياً و في نفس الوقت عبداً مأموراً لهم و إن لم تكن بعثياً فعليك على ألأقل تقبل بما يملي عليك البعث وتنفيذ سياسته بشكل غير مباشر وهذا ينطبق تماماً على أحزاب الجبهة الوطنية، أو فأنت لست وطنياً و لا قومياً وخائن ابن خائن...!!!! ثم عليك أما أن تكون في السجون أو تقتل أو الهروب إلى الخارج و هذا لمن يملك الحظ و المال..!! ونتيجة لما قامت السلطة البعثية و المخابراتية السورية من ممارسة الإرهاب القمع و على مدى 40 عاماً على المواطن السوري البائس تحت ذريعة هذين المفهومين البعثيين أقتنع أو تقنع الكثير من الشعب السوري بهما و بهما فقط كأصح مفهومين على الإطلاق وكل تعريف غير ذلك هو خطأ لا بل و دعوة صهيونية لتقسيم البلاد و تسليمه لإسرائيل..!! و هذ سر تلك المظاهرات المليونية كما أدعى النظام السوري.....!!!

ولعل الأمر الأكثر كسراً للقلب و العقل هو الخطاب الذي أطلقه البارحة و خداعه و كذبه الواضح على الشعب السوري، في الوقت الذي كنا ننتظر بشك الأمل بالحرية و بالعودة إلى دمشق الياسمين و حلب الشهباء و أن هذا الشاب الصغير الدكتور الرئيس اللواء الفريق العريف المجند بشار الأسد سيقَّبل أرض سورية و يطلق الحرية و يقول تعالوا أيها السوريين نبني وطننا سوريا بالحب و الصدق..... و انكسر القلب و الفكر لأننا لا نريد لسوريا الشر و لا نريد أن يسيل الدم في شوارع مدننا كما سال منذ أكثر 5 سنوات في القامشلي و عفرين و حلب إن تعنت النظام السوري في رفضه لمطالب الشعب و إتهامه للشعب يالتآمر و الخيانة هي بداية النهاية لأن التاريخ هو حركة تغييرية دائمة لكل عناصر تكوينه من أزمنة و أمكنة و كائنات بشرية و حيوانية، وقياس سرعة التاريخ في ازدياد ملحوظ ليجعل المتأخر عن التاريخ خارجاً منه سواء شاء أم أبى لأن الخروج من التاريخ قانون وضعي أولاً و إلهي مهما طال الزمن و على بشار و من حوله من البعثيين أن يدركوا هذا الأمر جيدً، و قد أصبح جلياً اليوم للشعب السوري عدم مصداقية البعث و النظام السوري فيما يطلقه و أطلقه من فلسفات إنشائية فارغة و حذلقات معرفية تتعلق بالقومية الوطنية و الصمود و التصدي و مواجهة العدو الخارجي بعد ما بدا واضحاً لهاثه أمام أبواب واشنطن عشرات المرات للجلوس معه ( البعث السوري ) و لو لمرة واحدة مقابل ما تشاء أمريكا حتى لو كانت تنازلات على مستوى الكرامة الوطنية و القومية فقط لضمان رضاء واشنطن عنه و البقاء في السلطة، فهو مستعد للدخول مع الدولة الإسرائيلية في مفاوضات دون قيد أو شرط في الوقت الذي مازالت ترفض هذه الأخيرة مجرد البحث في أمر المفاوضات مع هذا النظام، فمنذ استلام البعث مقاليد السلطة و على خلاف ما يكتب و يحكى لم يقدم أي إنجاز لا على الصعيد القوي و لا على الصعيد الوطني و لا أدري ما حجج البعثيين و من يمشي في فلكهم من متطفلين قوميين عرب فيما يقولون عن أن سورية ( الدولة ) هي قلعة الصمود أمام المخططات الصهيونية و هي المانعة لسياسة التصهين الممارس أو التي تحاول إسرائيل ممارستها و من خلفها أمريكا...!!!

أية ممانعة هذه و هي حتى الآن لم تطلق طلقة واحدة في جبهة الجولان السوري المحتل و لم يكن الجولان إلا في الترتيب الرابع أو الخامس من اهتمامات النظام البعثي في سورية هذا لو كان هناك بالفعل اهتمامات قومية أو وطنية له و لعلنا نذكر اللقاءات السرية و العلنية بين البعث السوري و الإسرائيليين حينما كان أيهود باراك رئيساً للحكومة الإسرائيلية في التسعينات من القرن الماضي و التنازلات التي كان سيقدمها النظام السوري للدولة العبرية في قضية الجولان إلا أن خروج أيهود باراك من الحكومة و دخول بنيامين نتنياهو محله وهروب هذا الأخير من كل ما توصلت إليه المفاوضات السورية الإسرائيلية أفقدت السلطة السورية المنح التي كانت ستنالها مقابل تنازلاتها لكنها بقيت ( السلطة السورية ) تلهث خلف نتنياهو للتوقيع على أدنى ما يحق لسورية من الجولان إنما الحكومة الإسرائيلية ترفض الرجاءات البعثية ليس لشيء فقط لقناعتها أن النظام السوري ليس بالقوة التي ممكن أن يتفاوض على أساسها مع اليهود حتى على المستوى العقائدي ليفرض شروطه.

إذاً أليست هذه أكذوبة التاريخ يكذبها البعث و نظامه..؟؟
أليس هو حزب البعث الذي قاتل الفلسطينيين في تل الزعتر و قلعة شقيف..؟؟ أليس هو من أخرج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان في الثمانينات..؟؟ أليس هو من جعل من النظام الديمقراطي في لبنان نظاماً أمنياً و عسكرياً من الدرجة الأولى...؟؟؟ أليس هو من زج في السجون المئات لا بل الالآف من العرب في السجون و انتهى بهم إلى الموت و الفقدان..؟؟

هذا على المستوى القومي و الخارجي أما على المستوى الوطني أي الداخلي السوري و ما ارتكبه هذا النظام بحق شعبه فوالله لم يتحمل الحاسوب الذي أعمل عليه ما تحمله ذاكرتي من جرائم و معاناة وقمع وقسوة وخوف وفقر مارسه هذا النظام علينا كشعب سوري و يأتون ما يسمون أنفسهم بالنخبة و خاصة بعض اللبنانيين و غيرهم الآن للدفاع عن هذا النظام البعثي الشاذ قومياً و وطنياً...!

كاتب كردي سوري

مقيم في الدنمارك