جامعة الدول العربية التي تحتل مبنى يشرف على النيل في القاهرة ومنه تدير شؤون الاقطار العربية كمنظمة أقليمية تأسست عام 1945م من القرن الماضي وانتخبت لها أول أمين مصري هو الباشا عبد الرحمن عزام يكون قد مر على انطلاقتها نحو 56 سنة نجحت فيما نجحت به من محاولة لتأطير العمل العربي المشترك بحدوده الدنيا وتعرضت كثيرا الى عواصف الصراعات والنزاعات العربية والتي زلزلتها مرة عند قيام الرئيس المصري السادات عام 1977م بزيارته الشهيرة الى أسرائيل ونتج عنها قرار العرب بالرحيل بجامعتهم العربية بعيدا عن القاهرة متجهين الى تونس الخضراء في شمال افريقيا العربي لتحط هناك لعشرة سنوات وتختار الشخصية التونسية البارزة الشاذلي القليبي أمينا عاما لها من خارج تواتر سلسلة الأمناء العامون من مصر وعندما عادت الى القاهرة من جديد عادت مصر الى منصب الأمين العام مرة أخرى ليتولى أمانتها العامة الدكتور عصمت عبد المجيد ومن ثم شغل أمانتها العامة السيد عمرو موسى لفترتين وربما سيكون موسى آخر أمين عام مصري بعد أن تقدمت قطر بمرشحها السيد عبد الرحمن العطية أمين عام سابق لمجلس التعاون الخليجي ويتوقع مراقبون أن تتقدم الجزائر واليمن والعراق او غيرهم ايضا بمرشحين ومع أرتفاع حرارة النقاش كلما أقترب ميعاد الانتخاب في شهر مايو الجديد في قمة بغداد المفترضة تكون الجامعة العربية أمام تغير متوقع في العرف او العادة التي تواترت بأختيار الأمين العام من مصر اذ ان هناك مطالبات عديدة ومنذ فترة ليست بالقصيرة بتدوير منصب الأمين العام بين الدول الأعضاء فقد سبق وان تقدمت الجزائر بمثل هذا الطلب وكذلك اليمن التي رشحت الشخصية اليمنية والسياسي المعروف ورئيس الوزراء الأسبق محسن العيني الا انها سحبته بناء على رجاء القيادة المصرية لتفسح المجال للسيد عمرو موسى الا ان هذه المرة تبدو الصورة مختلفة فبعد التغيرات التي حصلت في قمة هرم مصر وتبدل نظام الحكم وانشغالات حكومة مصر بمتطلبات المرحلة الجديدة وما تمر به المنطقة العربية من أحداث وتحولات سياسية وفكرية طالت زعماء عرب وحكومات عديدة وهنالك بلدان ونظم سياسية تجاهد من أجل البقاء ثم ان المزاج العام صار أكثر تقبلا لفكرة تدوير منصب الأمين العام سيما وانه لا وجود لنص مكتوب في الميثاق يحدد ان منصب الأمين العام من مصر إضافة الى انها دولة مقر كما حدد هذا بوضوح الميثاق. وبالمقارنة مع منظمة الأمم المتحدة بأعتبارها المنتدى الأممي الأهم والذي تزامن مع تاريخ إنشاء جامعة الدول العربية في عام 1945م والتي لم يشغل منصب أمينها العام من الولايات المتحدة الامريكية على الرغم ان مقرها عبارة عن ناطحة سحاب في مدينة نييورك. بل ان امريكا لم تطلب هذا لنفسها مرة واحدة. المهم في الموضوع ان الجامعة العربية مع قرب اختيار أمينا عاما جديدا لها مدعوة وبعد مرور أكثر من نصف قرن على اعمالها هي نفسها بحاجة الى تجديد وربما تغيير لطالما ان التغيير هو سنة من سنن الحياة وهنا يجوز لنا ان نتسائل لم لا تغير الجامعة مقرها البائس في القاهرة وتغادر الى مدينة او عاصمة عربية اخرى. نعم الأنظار تتطلع الى مدينة دبي لتكون حاضنة لجامعة عربية متجددة فهذه المدينة الشابة والفاتنة والتي ارست لها مكانة من بين افضل عشرة مدن في العالم تمتاز بالتطور والحداثة تظم اجمل ثلاثة مطارات حديثة وعالمية والتي تعرف بهبوط وإقلاع طائرة كل 3 ثوان وهي المدينة الأشهر بتكنلوجيا المعلومات والبيئة المثالية للإدارة بمواصفات القرن الجديد وبموقعها الرائع ومبانيها الجميلة تستطيع ان تقدم نفسها مضيفة لمقر جديد يبعث الحيوية وينشط الدورة الدموية لجامعتنا العربية. مدينة واحة للوئام تتكلم كثيرا في الاقتصاد والنمو ويحبها الجميع ثم انها خارج اطار الصراعات والخلافات العربية ويحبها العالم ومقصد محبب لطواقم الدبلوماسيين والعاملين العرب والاجانب.. هي فكرة قابلة للنقاش وصالحة للتنفيذ العاجل ففي دبي كل شارع يمكن ان يستوعب مقرا للجامعة العربية ومع تطور منظومة اتصالاتها وحداثة نظمها وبغضها الشديد للبيروقراطية والروتين تصلح وتفتخر امتنا ان تكون دبي نعم دبي لا غير مقرا لجامعة الدول العربية؟
الجامعة التي لا يجد زائرها موقف لسيارته الا بشق الانفس وان ولجت في دهاليزها ومكاتبها لتجد العجب العجاب أثاث قد اكل الدهر عليه وشرب ومكاتب مهترئة وقاعات تغص بإعداد غير محدودة من الموظفين والعاطلين او قل انها كما وصفتها جريدة الفجر المصرية بانها ملاذا آمنا ومجزيا بمرتبات خيالية لأبناء الصفوة من الذوات وكبار المسؤولين المصريين. ناهيك عما اعتراها من أمراض البيروقراطية والروتين العالق في دواليب الدولة المصرية والذي يشكو منه اغلب الكتاب المصريين..
- آخر تحديث :
التعليقات