ليس هي دعوة مفتوحة للإحتلال الأجنبي أبدا، ولكنها دعوة لفرملة وضبط سلطة المخابرات وجيش القمع وترك الشعب السوري يقرر مصيره ويفرض ربيع حريته ويحقق إرادته التي يعبر عنها ملايين الأحرار من الشعب السوري بمطالباتهم الوطنية العادلة وبسموهم وتعاليهم على اللعبة الطائفية المهلكة التي يحاول النظام جرهم إليها أملا في إنقاذ رأسه من التغيير الحتمي والذي حانت لحظة ولادته مهما صعبت التضحيات وبلغ الثمن الذي يتوجب على الأحرار دفعه من أجل الحرية الحمراء التي تمكن أحرار سوريا قبل عقود من تطويع وكسر رأس الإحتلال الفرنسي واليوم تقوم الأجيال الجديدة الشابة السورية التي رضعت من ( نبع البعث )! وتربت تحت الوصاية الفكرية والأدبية للنظام المتجمد المتخشب، ولكنها في النهاية إستردت وعيها وأمتلكت إرادتها لتجهر بالدعوة الشجاعة والمباشرة للتغيير وهي تعلم بفداحة الثمن وبدموية النظام وبعدم إمتناعه عن إقتراف أي جريمة مهما كان شكلها ولونها من أجل منع الناس من تحقيق أهدافها، لقد كان واضحا منذ اللحظات الأولى للإنتفاضة التاريخية المجيدة للشعب السوري في درعا وماتلاها من أن النظام مستعد للذهاب لأبعد مدى دموي ممكن في قمع الإنتفاضة وفي الإجهاز على الأحرار، وقد برز ذلك بشكل بشع من خلال خطاب الرئيس السوري الكارثي في مجلس الشعب! وحيث كانت نكات الرئيس وروحه الساخرة وإبتسامته الخلابة في حال إنفصال عن الواقع المأساوي السوري؟ فسيادته كان يضحك بملأ شدقيه على مناظر الأصابع المقطوعة للأطفال وعلى مهرجانات السلخ البشرية في درعا وعلى حصد رؤوس الشباب السوري الحر في المدن السورية الأخرى!!

لقد كانت تلك التعابير والتصرفات الرئاسية تعبيرا حقيقيا عن منهجية السلطة الغاشمة وأسلوبها الإرهابي الثلجي في ممارسة العنف والقمع المفرط وبطريقة لا تختلف عن ماحصل في ثمانينيات القرن الماضي رغم تغير الظروف والمعادلات الداخلية والدولية ولكن عقلية السلطة الوراثية وجيناتها الإرهابية تظل هي السائدة أبد الدهر وهي سياسة لن تتغير إلا برحيل النظام نحو نهاياته الطبيعية، لقد راهن النظام السوري من خلال إستعمال أدواته السلطوية كالسيدة ( بثينة شعبان الصحاف ) ووعودها المثيرة للسخرية، والتصريحات المتفائلة لنائب الرئيس فاروق الشرع ومن ثم من خلال الوعود والإجراءات والقرارات الترقيعية على إمكانية إحتواء الثورةالشعبية ومحاصرة أبطالها وإبطال مفعولها من خلال أساليب المناورة والترغيب والترهيب وبث الإشاعات والأكاذيب حول وجود جماعات خارجة عن السيطرة تثير الفوضى في الشارع وتمارس القتل والإرهاب!! رغم وجود العشرات من الفروع المخابراتية وأمن الدولة والعصابات الطائفية السرية المعدة لليوم الموعود لتفجير سوريا من الداخل في لحظات الحسم والسقوط!

سيناريوهات الرعب السلطوي السوري أكبر من كل ماهو متوقع، وعمليات القتل الشامل لن تتوقف، وإصرار النظام على ركوب رأسه وإحتقار إرادة الجماهير وصم اذنيه عن تنفيذ مطالب الناس والشباب وأهمها إطلاق سراح آلاف المعتقلين والمغيبين في قبور المخابرات السرية والعلنية جميعها عوامل ستؤدي في النهاية لصدام دموي مرعب وكبير أعد له النظام العدة مبكرا وسخر كل إمكانياته الأمنية والعسكرية لتحقيقه خصوصا وأن حزب البعث السوري قد أثبتت الأحداث بأنه مجرد خرقة بالية إنتهت منذ عام 1966 ولا إمكانية أبدا لإعادة الحياة لجثة ميت متحلله هي جثة البعث!

فالنظام طبقا لتطورات ألأوضاع الميدانية هو اليوم بصدد الإعداد لمزرة شعبية كبرى ستكون عارا على المدنية والمجتمع الدولي في القرن الحادي والعشرين، فكل المؤشرات باتت تتجه نحو ذلك الخيار المرعب خصوصا وأن المجانين هم من يتحكمون بقوات الحرس الجمهوري السوري والدمويين هم من يقود أجهزة المخابرات المتوحشة التي لو فتحت أرشيفها لأضحت جرائم الخمير الحمر في كمبوديا ضد الإنسانية مجرد لعب أطفال..! الشعب السوري يتعرض اليوم لمجزرة رهيبة والمطلوب من المجتمع الدولي التحرك الفاعل لحماية الناس وقطع يد الإرهاب السلطوي إن كانت هنالك فعلا ثمةمباديء إنسانية دولية تنفذ تعهداتها فعلا على أرض الواقع...

فلتتوقف ماكنة موت نظام القتل السوري، وليأخذ المجتمع الدولي دوره في ردع القتلة والمجرمين والمعتوهين وحاملي جينات الغدر والشر... فهل سيحمي الضمير الدولي الشعب السوري من المجزرة القادمة؟.. نتأمل ذلك.. ولاعزاء للقتلة والمجانين الذين تحولوا لحكام في الشرق القديم..

[email protected]