بات الإعلام السوري الحكومي والخاص الفضائي والمسموع والمكتوب، وبحيوية ونشاط الإعلام الالكتروني المحسوب على النظام دخل هو أيضاً من أجل تجييش بل تخويف السوريين من بعضهم البعض، وبذر روح التشكيك فيما بينهم بحيث صار كل واحد يتوجس الخوف من الآخر، ويكاد أو يرغب في اقتناء السلاح كي لايموت على يد جاره الذي عاش معه سنوات طويلة، وليكون حاضراً للمعركة الكبرى..
هذه المعركة هذه المرة ليست مع العدو الصهيوني الذي لم نطلق رصاصة واحدة باتجاه صدره منذ أكثر من أربعة عقود، طبعاً المعركة للأسف هذه المرة مع الشعب.
ومنذ الخامس عشر من آذار الماضي وضع هذا الإعلام كل ثقله لتشويه انتفاضة الشباب السوري من أجل الحرية، وتحريف مسارها لكي تفشل في تحقيق أهدافها، ومن أجل تحقيق هذا الهدف استعانت بجيش المذيعين والمحررين، وحتى بالفنانين الذين نعت بعضهم جموع المحتجين والمطالبين بالمزيد من الحرية والشفافية بالبلطجية وقطاع الطرق وقتالي القتلة، ولم ينس هذا الإعلام أ ن استعان بالرموز الدينية، وكان أشهر نجمين دينيين البوطي بن سعيد رمضان والمفتي حسون، وبعض الأحبار والمطارنة المسيحيين، وكل ذلك من أجل إجهاض الثورة السورية،وذلك بالاستفادة من أخطاء وعثرات النظامين التونسي والمصري، واعتماد القمع وسيلة وحيدة،وبالتحديد حينما أعلن وزير الداخلية وبصراحة وبكل شفافية أن الوطن مهدد، وأن التظاهرات خرجت عن مسارها المعهود ولابد من الضرب بيد من حديد لكل من تسوّل نفسه بالتظاهر وطلب تسريع تطبيق القوانين، وعدم الانتظار إلى أ ن تقع الواقعة،ولا يعد ينفع الندم بعد ذلك حيث سيتم خلط الاوراق والذهاب بالبلد إلى المجهول.
الإعلام السوري شرخ ويشرخ آذان جماهيره في كل لحظة وكل دقيقة بالمؤامرة المزعومة وأن سورية بلد الممانعة وله مواقف تزعج الصهاينة والامبريالية الامريكية وأزلامها في المنطقة ولهذا فالمؤامرة عليها كبيرة، وهذه الدول تريد إسقاط النظام لتسقط معسكر المقاومة.
وبعد إنذار الوزير، وأمره بالقضاء على جميع المتظاهرين، ظهر هذا واضحاً في اقتحام الجيش السوري لمدينة بانياس وقراها وخاصة قرية البيضا، واعتقال العشرات، وزجهم في المعتقلات، ومعاقبة الشعب بانقطاع الكهرباء عنه وكذلك الماء والهواتف والخبز، والنزير بحدوث ماساة إنسانية إذا استمر الوضع أكثر من يوم او يومين.
المشهد حالياً حسب الاعلام السوري بكل أبواقه وإطلاقه مزاعم واتهامات لهذا وذاك، واختلاق قصص ومقابلات لا تقنع كل من في رأسه عقل، هذا الإعلام أدخل الرعب في قلوب شريحة واسعة من الشعب بحيث أن الحكومة إذا قررت ان تضع موضوع رفع قانون الطوارئ في الاستفتاء حسبما سمعنا، او إبداله بقانون الإرهاب سيختار الكثير الإبقاء على قانون الطوارئ إلا إذا كان قانون الإرهاب لايقل قسوة عن سابقه، لماذا؟ لان الإعلام السوري نجح في إقناع بعض الناس أن امامهم طريقان إما الرضوخ للحكم الحالي إلى ما لا نهاية من الزمن، وبالتالي العيش بامان، أو اختيار التغيير والديمقرطية وبالتالي العيش في حالة القلق وعدم الامان على الروح والاهل.
هكذا سوقت آلة الإعلام السورية الوضع وكأن الشعب السوري ليس شعباً مدنياً، وبالفعل، وكما أسلفنا بدأت وسائل الإعلام السورية تكثر من عرض مقابلات مع مواطنين يطالبون بعدم رفع حالة الطوارئ حفاظاً على الاستقرار، وقد ظهر الامر وكأن السوريين غير جديرين بأن يعيشوا حياة فيها كرامة واحترام لإنسانيتهم،وكما أن المجتمع بدا مجتمعاً منفلتاً quot; ما يجي إلا بالعصاquot; quot; وبدو الصرماية ع راسوquot; ولا يمكن ضبطه إلا بقانون طوارئ تنفذه أجهزة المخابرات الرهيبة والتي كثيرا ما جعلت المواطن السوري يصاب بجلطة قلبية راح على أساسها من مجرد دعوته وتشريفه م قبل الشباب الطيبة من أجل بعض الأسئلة والاستفسارات.
يقيناً أن حالة الطوارئ ليست هي الضمانة ليكون السوريون سعداء في عيشهم وحياتهم.. لكنها الحكومة هي التي تسوق هذا السرطان ليدخل في جسد السوريين من جديد، بعدما تنشقوا عبير الحرية ولو بالهتاف،وصاروا لأول مرة منذ عقود طويلة يسمعون أصواتهم التي خنقت.
على سبيل الفكهنة: أحد الذين التقوا برئيس الجمهورية وهو وجه كبير من وجوه عشيرته في الجزيرة، سئل ماذا قال للرئيس قال: والله آني أول شي طلبت من الريس أ ن يلغي قانون الطوارق، ولما اراد الصحفي أ ن يصحح له قال له: ياخيو لويش انت افهم مني، الشوام يلفظون القاف باأا هي عندهم طوارئ وعندنا في الجزيرة طوارق.. طوارق.
- آخر تحديث :
التعليقات