تعاني عملية صناعة القرار الاقتصادي الوطني العراقي من خلل واضح وكبير. فمنذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق في عام 2003، طغى الارتباك والتناقض والغموض على اساليب واليات صياغة السياسات والاجراءات والتشريعات والقوانين الاقتصادية، الامر الذي يتجلى بوضوح في استمرار الازمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد وتفاقم تداعياتها السياسية والاجتماعية.

واكمالا لما ورد في مقالتي السابقة ( ايلاف 20/10/2010 )، بالامكان الادعاء بأن هيمنة المشروع الاقتصادي الامريكي في العراق، من جانب، وغياب المشروع الاقتصادي الوطني العراقي، من جانب اخر، تعتبر من اهم الاسباب التي تفسر الضعف والارتباك في عملية صناعة القرار الاقتصادي الوطني العراقي. وفي الوقت الذي يتركز فيه النقاش والسجال السياسي الدائر بين القوى السياسية العراقية المشاركة في السلطة، حول الانسحاب النهائي للقوات الامريكية من العراق في نهاية هذا العام، نلاحظ بأن هنالك إهمال واضح للقضية الجوهرية المتعلقة باستمرار التواجد الاقتصادي الامريكي في العراق. فاتفاقية سحب القوات الامريكية قد راافقتها اتفاقية اطار التعاون الاستراتيجي التي ابرمت في ذات الوقت (2008) بين الجانبين، والتي تعتبرها الادارة الامريكية بمثابة مرحلة جديدة في تواجدها في العراق، وكانتقال من التواجد العسكري الى التواجد المدني ( in Iraq Military to Civilian Transition).

ترى، ما هي طبيعة ومدى تأثير استمرار هيمنة المشروع الامريكي على عملية صناعة القرار الاقتصادي الوطني العراقي؟. وما طبيعة الشروط الاساسية التي ينبغي تلبيتها في صياغة هذا القرار الذي طال انتظاره؟.

اهداف وسياسات المشروع الاقتصادي الامريكي في العراق:
يهدف المشروع الاقتصادي الامريكي اساسا الى خدمة مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية كقوة اقتصادية كبرى. فاولا، تعتبر الادارة الامريكية العراق مصدر كامن وبديل لتوفير الطاقة (النفط والغاز)، ليس فقط بسبب اهمية وضخامة المخزون النفطي العراقي والافاق الواعدة لزيادة الانتاج، بل لان ذلك له علاقة وثيقة بتقييم الادارة الامريكية للتطورات السياسية والاقتصادية الدولية المحتملة، والتطورات في منطقة الشرق الاوسط وبالتحديد في منطقة الخليج العربي. ثانيا، في ظل احتدام المنافسة التجارية والصراع على الاسواق بين اطراف تزداد في العدد والقوة، تنظر الادارة الامريكية الى العراق كسوق محتملة لتصريف وبيع منتجاتها من السلع والخدمات وبضمنها الاسلحة والمعدات الحربية. ثالثا، ان انفتاح وتحرر الاقتصاد العراقي سيخلق فرص واعدة قد تندفع رؤوس الاموال الامريكية لاقتناصها بحثا عن تنويع مصادر الارباح وتقلييل المخاطر. تلك هي الاهداف الجوهرية لاحتلال العراق وتكريس هيمنة مشروعها الاقتصادي في هذا البلد.

ولتحقيق هذه الاهداف، يؤكد المشروع الاقتصادي الامريكي على السياسات التالية: 1- تطوير الانتاج النفطي العراقي وزيادة العوائد المتأتية من تصديره. 2- تحرير الاقتصاد العراقي من خلال الانتقال الى نظام السوق وتطوير القطاع الخاص وصيانة الملكية الخاصة، 3- تقليص دور الدولة وتحجيم مركزيتها واضعاف تدخلها في الشؤون الاقتصادية، والتركيز في الادارة الاقتصادية العامة على السياسات المالية والنقدية القصيرة الامد والهادفة لتنظيم الدورة الاقتصادية، وكذلك الحفاظ على استقلالية البنك المركزي. 4- تحقيق الانفتاح الاقتصادي الشامل للاقتصاد العراقي على العالم الخارجي من خلال تحرير التجارة الخارجية وحركة رؤوس الاموال وانفتاح السوق المالية وتحرير اسعار الفائدة المحلية وربط سعر صرف الدينار العراقي بالدولار الامريكي وادماج العراق في الاقتصاد العالمي. وتمارس المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، ادوار اساسية في هذا المجال.

تلك هي الاهداف والسياسات التي تشكل جوهر المشروع الاقتصادي الامريكي والذي لازالت الادارة الامريكية مستمرة بتنفيذه في العراق منذ عام 2003، وذلك ما ستكرسه اتفاقية اطار التعاون الاستراتيجي المشار اليها اعلاه.

على الرغم من استمرار اصرار الادارة الامريكية في المضي بتكريس هيمنة مشروعها الاقتصادي في العراق، اعتقد بأن هذا المشروع قد فشل في تحقيق اهدافه المعلنة. فبدلا من ان تؤدي الزيادة المتصاعدة في العوائد النفطية الى بروز نتائج ملموسة ومشجعة في تأهيل وتطوير وتنويع القاعدة الانتاجية للاقتصاد العراقي وخلق فرص العمل المطلوبة وتوفير الخدمات العامة الاساسية للشعب العراقي المنكوب، ادت هذه الزيادة المالية الى سوء استخدام المال العام وانتشار واسع للفساد المالي والاداري. وبدلا عن الانتقال الى نظام السوق وتفعيل واسناد دور القطاع الخاص الوطني، لم تؤدي قرارات ( اوامر) الانفتاح والتحرر الاقتصادي (2003-2004) لسلطة التحالف المؤقتة برئاسة الحاكم الامريكي بول بريمر، سوى الى انهيار 95% من مشاريع القطاع الخاص خلال الثمانية اعوام السابقة، كما اعلن مؤخرا رئيس اتحاد الصناعات العراقية. ولم تضفي هذه القرارات وما تلاها من مشاريع الاعمار الامريكية الى خلق فئة من رجال الاعمال من العراقيين المبدعين والرواد بل ادت الى بروز مجاميع من المقاولين المتخلفين والوسطاء الفاسدين والمفسدين والسماسرة والمضاربين الجشعين. كذلك، لم تقود السياسات المالية المتبناة منذ عام 2003 ولحد الان، سوى الى ترهل مؤسسات الدولة وتدهور هيبتها. ويكفي للتدليل على استمرار هذا الواقع المأسوي للسياسة المالية، الاشارة الى غياب الحسابات الختامية للعديد من الاعوام الماضية وعدم امتلاك معلومات كافية ودقيقة حول ما يقوم به بنك التجارة العراقي المملوك للدولة والذي يحتكر كافة التحويلات المالية الكبيرة والمتعلقة باستيرادات الدولة من الخارج. ايضا، بدلا من ان توجه السياسة النقدية جهدها الاساسي لبناء نظام مصرفي نشيط وفعال قادر على تنمية الادخارات الوطنية وتوجيهها الى الاستثمارات المنتجة، كان الهم الاساسي لهذه السياسة هو الدفاع غير المقنع والممل عن quot;استقلاليتهاquot; المزعومة، الامر الذي وصل الى حد تمترس ادارة البنك المركزي العراقي خلف المنظمات المالية الدولية والاستقواء بها، واستثمار هذه الادارة للصراعات القائمة بين الكتل السياسية. وقد وصل الامر الى الاستنجاد بمساعد وزيرالخزانة الامريكية الذي جاء الى بغداد للدفاع عن مواقفها المتتعارضة مع توجه الحكومة العراقية بصدد هذه القضية التي اثيرت في بداية هذا العام. ويضاف الى ذلك، ان السياسات التي ابتغت الانفتاح والاندماج الاقتصادي للعراق بالاقتصاد العالمي من اجل جذب الاستثمارات الاجنبية ونقل التكنولوجيا، قد فشلت هي الاخرى فيما سعت لتحقيقه. فلم يدخل البلاد ولحد الان ما يستحق الذكر من استثمارات اجنبية ( بأستثناء قطاع النفط)، واصبح العراق سوق لنفايات العالم الاخر على حد التصريح الاخير لرئيس مجلس النواب العراقي.

المشروع الاقتصادي الوطني وصناعة القرار الاقتصادي العراقي:
خلال السنوات السابقة وفي ظل هيمنة المشروع الاقتصادي الامريكي، عانت ادارة الشؤون الاقتصادية للدولة العراقية من ثغرات عديدة وخطيرة من ابرزها:-
bull;التركيز على الجوانب المالية في استغلال الثروة النفطية من خلال ايلاء اهتمام خاص بزيادة مستويات الانتاج العراقي من النفط والغاز، وما يترتب على ذلك من ارتفاع في العوائد المالية. ويبرر هذا التوجه الى حد كبير الاعتماد الواضح في ادارة الشؤون الاقتصادية للدولة على quot;السياساتquot; المالية والنقدية واستقلالية البنك المركزي، وحصر كافة التحويلات الخارجية لدفع مشتريات الدولة من الخارج في مصرف التجارة العراقي ودعم من يقف خلف هذه المؤسسات من القوى السياسية المشاركة في السلطة.
وقد انعكس هذا المنحى بشكل سلبي على طبيعة واسلوب صياغة السياسات الاقتصادية بشكل عام. لقد بقيت هذه الاخيرة طيلة السنوات السابقة تفتقد الى الوضوح في الاهداف والتوجهات، ولازالت محكومة باسلوب التجربة والخط الباهظ التكاليف والمتدني في العوائد. كذلك، لم تتجاوز هذه الادارة حالة التشتت وفقدان التنسيق وغياب معايير المفاضلة والمتابعة والتقييم بين البرامج و الاجراءات الاقتصادية والمالية التي يتم تبنيها وتنفيذها من قبل الحكومة. وبالامكان ايراد العديد من المواقف المتناقضة المتعلقة بجملة من القضايا الاقتصادية العامة والاساسية للتدليل على عجز وتخبط وانعدام المصداقية في الطريقة التي تتم بها معالجة المشاكل الاقتصادية الراهنة التي تواجه البلاد ( قانون النفط والغاز، ملفات الفساد المالي، ملف الكهرباء، قضية شركة الخطوط الجوية العراقية، قضية استقلالية البنك المركزي وعلاقته بالحكومة، التصرف بالموجودات المالية العراقية المتراكمة والمودعة في الخارج، مصير مؤسسات القطاع العام، تحديد رواتب وامتيازات رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة، تمويل بناء ميناء الفاو الكبير.......،).
bull;تدهور في السلطات المركزية للدولة واختلال التوازن بين المركزية واللامركزية في ادارة الدولة، تحت حجة نشرالديمقراطية والشراكة وتوفير التماس المباشر للمسئول الحكومي مع المواطن، لقد شهدت الاعوام الثمانية الماضية، تدهور واضح في هيبة السلطات المركزية للدولة، وتشرذم واضح وسافر في توزيع المسئوليات العامة بين السلطة الاتحادية وبين اقليم كوردستان والمحافظات الاخرى. وكانت نتيجة ذلك ليس فقط اضعاف ملحوظ في الاداء الحكومي وغياب متابعة انجازاته، بل ادى ايضا الى غياب المسئولية وانتشار الفساد والتقصير في تلبية حاجات الشعب والتخفيف من معاناته المستمرة.
bull;ادى الافتقار الى الجدية في تناول القضايا الاقتصادية لدى اغلب القوى السياسية النافذة الى اهمال واضح للخبرات الاقتصادية الوطنية وتجاهل اراءها ومقترحاتها ذات العلاقة بالمصالح الوطنية المشتركة، وذلك لمجر ان هذه الاراء والمقترحات لا تنسجم مع المصالح الحزبية الضيقة لهذه القوى. لقد انعكس غياب الاهتمام بالخبرات الاقتصادية الوطنية الى تزايد دور المستشارين الاجانب -الذين لا تتوفر لديهم الدراية الكافية بتعقيدات الوضع الاقتصادي للبلاد- في التاثير سلبيا على صناعة القرار الاقتصادي الوطني والادارة الاقتصادية بشكل عام. وكنتيجة لهذا الاعتماد المتزايد على quot;النصائح والارشادات والاستشاراتquot; الاجنبية، تحول التعامل مع القضايا الاقتصادية الوطنية المعقدة الى الانشغال بمسائل فنية مبسطة وغير واقعية.

bull;غياب المشاركة الشعبية. لقد اثبتت تجربة الاعوام الثمانية الماضية بان الاستبعاد والتغييب لمشاركة الشعب في تحديد مطالبه وطموحاته وفي ادارة شؤون الدولة كانت من بين الاسباب الاساسية التي ادت الى فقدان مصداقية المشروع الاقتصادي الامريكي في العراق، والى فشل الاجراءات والسياسات الاقتصادية الحكومية التي كانت تدور في اطار هيمنة هذا المشروع.

bull;بروز واضح لدور المنظمات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية في التأثير على صناعة ومسارات القرار الاقتصادي الوطني، الامر الذي ادى الى الارتباك في طبيعة وتوجهات ادارة الشؤون الاقتصادية والمالية للدولة. وبالرغم من ان العراق ومن خلال علاقته بصندوق النقد الدولي على سبيل المثال، قد حقق بعض النتائج الايجابية المرحلية في ما يتعلق بمسألة الديون الخارجية، ادى استمرار التدخل غير المبرر لهذه المؤسسة الى اضعاف ملموس في قدرات العراق على تكييف علاقاته الخارجية وفقا لما تمليه مصالحه الوطنية. وقد انعكس استمرار هذا التوجه في الضعف الفاضح للدبلوماسية الاقتصادية العراقية، وفي الدور الهامشي الذي قامت به وزارة الخارجية العراقية في هذا المجال. فطيلة السنوات السابقة لم تقدم هذه الوزارة ما يمكن الاشارة اليه من تقارير ودراسات رصينة حول القضايا الجوهرية والملحة التي تخص العراق كقضايا المياه والمنافذ المائية، والطاقة والاستثمارات الخارجية وحركة اليد العاملة عبر الحدود، والتسلح والتكنولوجيا والبيئة، الامر الذي كان ولا يزال مبعث للشكوى من اطراف عديدة في الحكومة والبرلمان والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

كما اشار الخبير الاقتصادي العراقي المعروف الدكتور صبري زاير السعدي في كتابه المرجع حول تجربة التنمية الاقتصادية في العراق( دار المدى 2009 )، يحتاج العراق الى مشروع اقتصادي عراقي يساهم باحداث نقلة حضارية ونوغية في البلاد، ان الهدف الاستراتيجي لهذا المشروع هو تحقيق التنمية المستدامة التي تسعى الى ايجاد مجتمع منتج ومزدهر وامن ومنفتح ومبدع وخلاق، مجتمع يتمتع بالتماسك والقوة و تسود فيه الحرية والعدالة والانصاف واحترم القانون وصيانة حقوق الانسان والحفاظ على البيئة. وفي اطار هذا التوجه الاستراتيجي، تتوضح الاختلافات الجوهرية بين المشروع الامريكي والمشروع العراقي في ادارة الدولة بشكل عام، والكيفية التي يصاغ بها القرار الاقتصادي. ان المشروع الاقتصادي الوطني يؤكد على:-

bull;الحفاظ على الثروات الطبيعية ويضمنها الثروة النقطية، والحرص على عدم تفتتها والتأكيد على الكفاءة والحكمة في استغلالها واستخدامها على اعتبار ان هذه الثروات ملك للشعب العراقي والاجيال القادمة. ولذا، لا يكتفي هذا المشروع بزيادة الانتاج من النفط والغاز وبما يترتب من نتائج مالية على هذه الزيادة، بل انه يؤكد على اولا، رفع الانتاج المادي واحداث تغيرات هيكلية في بنية الاقتصاد العراقي من خلال توسيع وتنويع القاعدة الانتاجية والتكنولوجية وتطويرالطاقات الانتاجية الزراعية والصناعية، وتأهيل البنى التحتية، وتوفير السلع والخدمات لتلبية حاجات المواطنين. ثانيا، ضمان الامن الغذائي للسكان من خلال تطوير القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية والاستغلال الرشيد للثروة المائية. ثالثا زيادة مستويات الدخل والمعيشة من خلال توفير فرص العمل رفع مستويات الاجور وربط ذلك بمستويات الانتاجية والتطورات التكنولوجية. رابعا، تحقيق العدالة والانصاف قي توزيع الثروة والدخول بين المواطنين، وتوفير الضمان الاجتماعي والمساعدات الاجتماعية. وخامسا، الحفاظ على نظافة وجمال البيئة ورفع الوعي البيئي.

bull;الاسراع في اعادة الاعتبار لدور الدولة وفي المرحلة الراهنة بصورة خاصة، لما لهذا الدور من اهمية خاسمة من خلال الاستثمارات العامة في توفير الامن وتأهيل البنى التحتية وتقديم الخدمات العامة واسناد القطاع الخاص وعلاج مشاكل البطالة والفقر في البلاد. ويتطلب ذلك تقوية السلطات الاتحادية، وبشكل خاص في جانبها التنفيذي، والحرص على التوازن بين المركزية واللامركزية في عملية صناعة القرار الاقتصادي الوطني، واذا كانت القوى السياسية المشاركة في السلطة محقة في ادعاءها بان العراق يملك المقومات الاساسية للنظام الديمقراطي من دستور وانتخابات وبرلمان وقضاء مستقل وهيئات مستقلة للمحاسية والمتابعة والالتزام بالقانون، فما الداعي للتخوف من الحد من لامركزية السلطة بأعتباره امر ضروري ومطلوب، في الظروف الراهنة للبلاد، لتفادي الفوضى والتخبط في ادارة الدولة.

bull;ان مشاركة ومساهمة واسناد الشعب عبر النقاش العام والمستفيض والجدي والمنظم، ومن خلال تنظيماته المهنية والنقابية والطلابية المستقلة ومرجعياته الدينية والثقافية والعلمية وجمعياته المدنية ومنتدياته الاعلامية، تعتبر عوامل اساسية وحاسمة في الاسناد والدفاع وضمان نجاح معالجة المشاكل الاقتصادية الراهنة والقادمة.

bull;الاسراع بصياغة دبلوماسية اقتصادية عراقية حكيمة تستهدف تطوير علاقات العراق الاقتصادية والتجارية والمالية والفنية والعلمية مع مختلف دول العالم. ان الدبلوماسية الاقتصادية تدخل باعتبارها متغيرا جوهريا في الكيفية التي يصاغ بها القرار الاقتصادي الوطني المستقل. فعلى سبيل المثال، ان السعي لتعزيز وتطوير الاسواق الخارجية للنفط العراقي، يفرض على العمل الدبلوماسي العراقي ايلاء اهتمام خاص بتطوير العلاقات الخارجية مع الدول المستهلكة للنفط العراقي. ايضا، تقتضي حاجة العراق لجذب الاستثمارات الخارجية والحصول على التكنولوجيا والخبرات الفنية المطلوبة تقوية وتعزير العلاقات مع الدول التي تشكل مصادر مهمة للاستثمار والتكنولوجيا.

من كل ما سبق ذكره، تتضح الحاجة الملحة الى تكاتف الجهود الوطنية من اجل صياغة وتبني مشروع اقتصادي عراقي يهدف الى ارساء القواعد الرصينة والاليات الواضحة التي تقتضيها صناعة قرار اقتصادي عراقي رشيد ومستقل. فهذا المشروع هو الضامن الاساسي لتعظيم استفادة البلاد من ثرواته الطبيعية والبشرية الكبيرة، ومن ايه تعاون اقتصادي دولي، امريكي او غير امريكي، من اجل اخراج العراق من ازمته الاقتصادية الشاملة الراهنة ووضعه على طريق التمو والاستقرار والازدهار.


استاذ الاقتصاد في اكاديمية كريتيه- فرنسا
[email protected]