طوال العقود الثلاثة المنصرمة من الحکم الديني الشمولي في إيران، دأبت الاوساط الحاکمة هناك، على التأکيد بعدم وجود أية معارضة للنظام و ان الشعب برمته يؤيد نظام الحکم القائم و راض عنه تماما، وأصرت تلك الاوساط على نعت معارضيها بأشنع الاوصاف و أردأها و وضعتهم دوما في خانات الخيانة و الصهيونية و الاستعمار و الکفر و الصليبية، و انهمquot;أي المعارضةquot; معزولون عن الشعب الايراني و ليس لهم أي وجود او مکان او تواجد بين صفوفه.

و طوال العقود الثلاثة المنصرمة، لم يشر النظام يوما الى الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الفکرية المزرية في عموم أرجاء إيران، وانما ظل يشيد لوحده فقط و من دون ملل بالتطور و التقدم على مختلف الاصعدة وان الشعب يغرف من فيض المکتسبات و المنجزات الکثيرة التي تنهمر على رؤوس رجال الدين من السماء بدون حساب!

قطعا ليس بأمر مهم أن ترتفع نسبة البطالة في إيران الى ارقام مخيفة و ليس مهم أبدا أن يعيش أکثر من 85% من الشعب الايراني تحت خط الفقر في وقت تنعم أراضي إيران بثروة نفطية هائلة، کما أن نسبة الشباب و الشابات غير المتمکنين من الزواج ترتفع هي الاخرى بصورة استثنائية، ناهيك عن أن الادمان على المواد المخدرة يرتفع هو الآخر بنسب قياسية، أما الحديث عن وجود أکثر من 400 ألف أمرأة إيرانية يمارسن الدعارة في شوارع طهران نفسها بسبب من سوء الحالة المعيشية و الغلاء الفاحش الذي يتفاقم يوما بعد آخر بسبب سوء الاداء الاقتصادي و جهالة النظام الحاکم، فهو حديث من دون طائل، وطبعا يرفض النظام الاقرار بحقيقة إکتضاض السجون بالمعارضين و ان إيران باتت من ضمن الدول التي ترتفع فيها نسبة الاعدامات بصورة مخيفة و مقلقة، کل هذه الاوضاع البالغة السلبية، ليست بذات أهمية لرجال الدين طالما بقوا في سدة الحکم، حالهم حال النظم الدکتاتورية في کل من ليبيا و سوريا و اليمن.

لقد بقي النظام الديني المتخلف في طهران يصر على عدم وجود أية معارضة او مقاومة شعبية ضده و تمکن لحد العام 2009، من حجب الحقائق و تزييفها و تحريفها و قلبها عن العالم أجمع، لکن الشعب الايراني الذي ضاق ذرعا بالسياسات القمعية و وخامة الاوضاع القائمة، إنفجر أخيرا ليعلن للعالم في عام 2009 عن رفضه القاطع للنظام نفسه وليست سياساته فقط بل وان الامر وصل الى الهتاف ضد الولي الفقيه نفسه و تمزيق صورته علنا، وظلت الانتفاضة الشعبية بوجهه تتسع يوما بعد آخر حتى وصلت الى حد بات فيه النظام محاصرا داخل اسواره کما کان حال نظام الشاه قبله، وفي الوقت الذي يعيش النظام أياما قاتمة من تأريخه الاسود، تتصاعد المقاومة الايرانية و تتقدم للأمام بخطى ثابتة و راسخة، وهاهي البرلمانات الاوربية و الغربية الواحدة تلو الاخرى تؤيد انتفاضة الشعب و تدعم المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بأغلبيات مطلقة، فمن فرنسا الى إيطاليا و هولندا و بلجيکا و آيسلندا و مالطا، کل برلمانات هذه الدول تساند انتفاضة الشعب الايراني و تدعم الخيار الثالث للتغيير في إيران عبر دعم مقاومة الشعب الايراني و احترام خياره و عزل و نبذ النظام الدکتاتوري الحاکم في طهران، في هذا الخضم و في غمرة أعراس الربيع العربي حيث تتساقط خلاله کراسي الحکم الدکتاتورية الواحدة تلو الاخرى، يقوم المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بالدعوة الى تجمع حاشد في باريس في يوم السبت القادم 18 حزيران، من المؤمل أن يتقاطر عليه الالاف من أبناء الجاليات الايرانية و العربية و تحضره جمهرة کبيرة من الشخصيات البرلمانية و السياسية في الدول الغربية و دول عربية، ويسعى النظام الايراني کعادته الى السعي المفرط لحجب کل الانباء المتعلقة بهذا النشاط السياسي الکبير عن الشعب الايراني و الذي هو بحق عرس للثورة الايرانية ضد الاستبداد و الظلم، متناسيا من أن هذا النشاط يمثل اساسا وجهة نظر و موقف الشعب الذي يطرحه من خلال مقاومته الوطنية الظافرة، وان الشعب الايراني الذي تغمره فرحة کبيرة بسقوط النظم الدکتاتورية العربية، فإن فرحته الکبرى ستتجلى بسقوط النظام الديني المتطرف في طهران و إعادة الملالي الى أماکنهم الحقيقية وهو أمر بات قاب قوسين او أدنى.