يسعى الاسلامويون من رجال الدين المتطرفين وأتباعهم أوالخانعين الخائفين أو المستفيدين وغيرهم من المتاجرين بالدين ومن نصبوا أنفسهم أوصياء على الجميع الى السعي الحثيث لواد ثورات التحرر في كل انحاء عالمنا العربي والاسلامي، ولا يخفى على أحد دور السلفيين والوهابيين وخاصة ما يعرف باسم هيئة كبار العلماء لمواجهة الدعوات الى الثورة في مهد الظلام الوهابي دولة السعودية هذا الدور القوي والمعنون في هذا المجال تحت عنوان أبدي أثير (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، واعتبار ان كل ثائر خارج على ضلال وظلم حكام الجهل والتخلف والظلام هو خارج عن الدين، وهو المتوقع من قوم ظلاميون يأبون نور الحرية والعدالة والديموقراطية مستفيدين أو خانعين في ظلام الظلم والاستبداد.

مستغلين في ذلك آيات الله في كتابه الكريم بلويهم لتفسيراتها منذ أكثر من ألف عام (ولازالوا على النهج هم مؤمنون موقنون) لتتلائم مع توجهاتهم الظلامية وشرعنة ظلم واستبداد الحكام، ونستطيع حتى وبكل بساطة ان نلجأ الى الفضائيات ومواقع الانترنت وحتى اليوتيوب لقراءة ومشاهدة حية أو مسجلة صوت وصورة لفتاويهم وما يخرج من ألسنتهم من تكفير واظلام ودعوة الى مخافة وسوء مصير الوقوع في البدع والضلال والمشاركة بالثورات والخروج على حكامنا الأبرار وفقآ لوجهة نظرهم حتى وان كانوا ظالمين وفقآ لوجهة نظر الآخرين.


مستمرين في ذلك على ما دأب عليه معلموهم ومورثوهم من لي لتفسيرات كتاب الله، أو الاستعانة بأحاديث ضعيفة أو مخترعة أو مخرجة (هي وبعض الآيات القرآنية) من سياقها، ناهينا عن قصص تراثية من نسج خيالات من خافوا الحكام أو انتفعوا منهم وشرعنوا للحاكم ظلمه وتحويل الحكم الى ملك عضوض وخلوده في الحكم وتوريثه لأبنائه.


مستمرين في نهج النقل الذي اعتادوه وتربوا فكريآ عليه، فلا نظرة موضوعية حيادية جديدة الى الواقع المعاش ولا استعانة بعقل تجريبي تحليلي منطقي من رحم الحياة ودنيا اليوم، ويسمعوننا ليلى ونهارى أنه لا بد من الرجوع الى السلف وترك الخلف، مع ان السلف الصالح فعلآ شهد عصر الاغتيالات والفتنة الكبرى ومواقع الجمل والنهروان، وضياع وحدة الأمة وتشرذمها الى فرق ومذاهب بعضها يكفر بعضآ والسلف الذي من بعده مباشرة لم يشهد الا الملك العضوض وظلم المجون في عصريه الأموي والعباسيوموقعة كربلاء الا من رحم ربي في بضع سنين عددا خاصة في عصر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، فلاقدرة لهم على الابداع والتماشي مع العصر الحديث واعادة انتاج فقه جديد بديلآ عن فقه ابن تيمية وابن القيم والغزالي وكان العقل البشري توقف عند هؤلاء او بمعنى أصح أن الزمن توقف عند هؤلاء.

هناك ثلاثة محاور لابد من اتباعها في مواجهة الاسلامويون وهي على النحو التالي :

1- لو اتبعنا منهاجهم واتينا لهم من مقولات الاولين التي لا يحبون أو حتى قد لايعرفون بوجودها على شاكلة الآتي :

كثير من الأحكام الخاصة بالشريعة الإسلامية تختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله أو لحدوث ضرورة أو لفساد أهل الزمان بحيث لو بقى الحكم على ما كان عليه أولاً للزم منه المشقة والضرر بالناس ولخالف قواعد الشريعة الإسلامية المبنية على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد لهذا نرى مشايخ المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد فى مواضع كثيرة بناها على ما كان فى زمنه لعلمهم بأنه لو كان فى زمنهم لقال بما قالوا به أخذاً من قواعد مذهبه.... نص مقولة الفقيه (ابن عابدين) فى رسالته (نشر العرف).

الجمود على المنقولات أبداً ضلال فى الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين.... نص مقولة للإمام القرافى.

من أفتى الناس بمجرد المنقول فى الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأحوالهم فقد ضلّ وأضلّ. فمهما تجدد العرف فاعتبره ومهما سقط فألغه، ولا تجمد على المنقول فى الكتب طول عمرك.... نص مقولة لابن القيم فى (إعلام الموقعين).

2- ولو استعنا بالقرآن المجيد الذي ينطق بالحق ومن خلال بعض الآيات نتبين الآتي على النحو التالي :

وقال لهم نَبِيُّهُ إنّ الله قد بَعثَ لكم طالوتَ مَلِكاً قالوا أنّى يكونُ لهُ المُلكُ علينا ونحنُ أحقّ بالمُلك منهُ ولم يُؤتَ سَعَةً من المال قال إنّ الله اصطفاهُ عليكم وزادهُ بَسطَةً في العِلمِ والجِسمِ والله يُؤتِي مُلكَهُ مَن يشاءُ واللهُ واسعٌ عليم) }البقرة247{.

فمنذ متى الله سبحانه وتعالى يصطفي الطغاة والمستبدين أم أنهم هم الذين يفرضون أنفسهم باستسلام الشعب واستكانته وشيوع الظلم والضعف والمهانة والأنانية بينهم فيكون أمر الله ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، هذا اضافة الى ان الله حدد أن وفرة العلم وقوة الشكيمة والعزيمة لابد أن تكون المعايير الأساسية للصالحين للحكم، وبالطبع فان السواد الأعظم من حكامنا على مدار تارخنا الفاني والآني ان كانوا توافروا على شئ لكان المال الوفير من قوت الشعب واستغلاله وان قويت شكيمتهم وعُزت ارادتهم فكانت في سبيل قهر شعوبهم، والا فلم الفقر الذي ورثناه ولما الجهل والضياع والتخلف الذي نعيشه ولما الثورات التي قمنا بها.


(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * -أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) }البقرة12-11 {.


) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) }البقرة 27{.


) إِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) } البقرة 205{.

(إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) }المائدة 33{.


(وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) }الأعراف 56{.


) وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) }هود 85{.


(وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) }الرعد 25{.


)فَاتَّقُوا اللهَ وأَطِيعُون * ولا تُطِيعُوا أمرَ المُسرِفِين * الذين يُفسِدونَ في الأرضِ ولا يُصلِحُون) }الشُّعراء 150-152{.


(وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) }الشعراء 183{.


(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) }النمل 14{.


(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) }القصص 77{.


(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) }الروم 41{.


(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) }محمد 22{.


(وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) }الفجر 9-14{.


لماذا لم يذكر ويكرر رجال الدين هذه الآيات وهم طوال الوقت يكررون على مسامعنا ويزرعون في عقولنا آية أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} ( النساء 59 {،ماذا كانوا يفعلون ويقولون من على منابرهم ومجالسهم وقنواتهم الفضائية حيث كانوا يمنعون الناس من الثورة والخروج على الحاكم ويصفون الثوار بأنهم فجار وأهل ضلالة واليوم يقولون عنهم شهداء ومنهم من يسعى الى تكوين أحزاب سياسية والتنعم بما كان له مكفرآ ولاعنآ


(مَا أَفاءَ اللهُ على رَسُولِهِ مِن أهلِ القُرى فَلِلّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُربى واليَتامى والمَساكِينِ وابنِ السَّبِيلِ كَي لا يَكونَ دُولَةً بَينَ الأغنِياءِ مِنكُم وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا واتَّقُوا اللهَ إنّ اللهَ شَديدُ العِقاب * لِلفُقَرَاءِ المُهاجِرِينَ الذينَ أُخرِجُوا مِن دِيارِهِم وأموَالِهِم يَبتَغُونَ فَضلاً مِنَ اللهِ ورِضوَاناً ويَنصُرُونَ اللهَ ورَسُولَهُ أولئِكَ هُمُ الصَّادِقون) }الحشر 7-8{.


ونظن أن ثوراتنا قامت لشيوع الظلم وعدم العدالة الاجتماعية حتى أضحت دولآ للأغنياء والمفاسدين لا مكان فيها لفقير او شريف، ولماذا لم يفهموا كلمة المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم..... أولئك هم الصادقون، لماذا وهم المعروف عنهم انهم متفقهوا الدين ومبدعوا القياس بان الخروج على الحاكم الظالم الذي أخرج الناس من ديارهم وأفقدهم اموالهم وكرامتهم وعزتهم أن من يفعل ذلك فهو من الثوار الأحرار الأبرار وأنه من الصادقين لا من الضالين مثيري الفتن كما كانوا يقولون عن ثوارنا وعن ثوراتنا، مع ذلك جاهد كثير من المشايخ حق جهادهم في الدفاع عن مثل هذه الدول الظالمة المحتكر فيها الثروات والسلطات لصالح فئة من الفاسدين الصغاة البغاة وقاموا بتحريم الخروج على حاكمها المستبدون الفجرة.


(وَالسَّماءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ * ألاّ تَطغَوا في المِيزَان * وأقِيمُوا الوَزنَ بِالقِسطِ ولا تُخسِروا المِيزان) }الرّحمن 7-9{.


وبالطبع فان حكامنا أخسروا الميزان فالثورات لاتدلع رفاهية وتضييعى للوقت وانما تندلع حين لا يُحكم بالقسط ويميل الميزانالى الظلم والاقصاء ورفض الرأي الآخر وانتشار الفساد.


3- ونأتي بعد ذلك الى جانب مهم والمصدر الرئيس الذي يستقي منه ضعاة الاستكانة والمهانة والقبول بفجار الحكام بهتان ما يقولون، مستندين الى أحاديث مخترعة ومنسوبة الى خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :


- وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال : من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني.


- و في ( الصحيحين ) أيضا : على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة


- وعن عوف بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، فقلنا : يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة.


من الواضح وفقآ لملفوظ ودلالة كل قول مما سبق حجم التعارض والتناقد بينهم، فتارة يقولون على لسان رسول الرحمة المهداه أن من يعص الأمير فقد عصاني، وهل الأمير لا ينطق عن الهوى وهو معصوم من الخطأ لكي لا نعارضه بل ويرفعه الرسول الكريم الى مرتبته على الرغم ان رسول الله غير معصوم الا في حدود تبليغ القرآن الكريم فما محمد الا بشر، ثم يعودون ويقولون فإن أمر بمعصية ((فلا سمع ولا طاعة))، ثم يعودون ويقولون، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ((ولا ينزعن يدا من طاعة ))؛ اضافة الى أن راوي الحديث المزعوم يعتبر أن اقامة الصلاة كافية لحفظ العهد للحاكم والقبول به، ولكن الخبر هنا أنه وعلى سبيل المثال لا الحصر فان كلا من معاوية ويزيد وعبد الملك بن مروان والحجاج وأبو العباس وأبو جعفر المنصور ووصولآ لا نهاية الى صدام حسين والغالبية العظمى من حكام اليوم يؤدون الصلاة ويصومون ويحجون بل ويزكون (طبعآ من مال الشعب المسروق)، ألهذا لا يجب الخروج عليهم؟؟!!


- وعن حذيفة بن اليمان قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت : يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : نعم، فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : نعم، وفيه دخن، قال : قلت : وما دخنه؟ قال : قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : نعم : دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، فقلت : يا رسول الله، صفهم لنا؟ قال : نعم، قوم من جلدتنا، يتكلمون بألسنتنا، قلت : يا رسول الله، فما ترى إذا أدركني ذلك؟ قال : تلزم جماعة المسلمين، وإمامهم. فقلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.


- وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، فميتة جاهلية. وفي رواية : فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.


وبالطبع فان مثل هذه الأقوال (وان تماشينا معهم واعتبرناها أحاديثآ، فهي مخرجة من سياقها أو من النية الحقيقية المقالة بها) فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم أبدآ لم يكن من دعاة الاستسلام والخنوع والا لما استطاع ان يحقق كل هذا المجد والنصرة والعزة من الله سبحانه جل في علاه، على شاكلة أن ستين عامآ مع سلطانآ جائر أفضل من عام بلا امام، مثل هذه الأقاويل يستغلها المتنطعون والمتطرفون من دعاة الخذلان والاستكانة، لكي يشوهوا كل معارض لهم وكل من يخرج عن الاستكانة والاستسلام والاجماع على الضعف والمهانة والتسليم للحاكم الظالم الطاغي الباغي والقبول بالجور وهو ماحدث ولازال يحدث على مدار مئات السنين.


- وحديث حدثنيrlm; rlm;وهب بن بقية الواسطي rlm;حدثنا rlm;خالد بن عبد الله rlm;عن rlm;الجريري rlm;عن rlm;أبي نضرة rlm;عن rlm;rlm;أبي سعيد الخدري rlm;قال : rlm;قال رسول الله rlm;(ص) rlm;إذا rlm;بويع rlm;rlm;لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما. صحيح مسلم - الإمارة - رقم الحديث : ( 3444 ) rlm;وقد فات الذي اخترع هذا الحديث على لسان الرسول الكريم، أنها دعوة صريحة الى الحرب الاهلية، فكل ما كان يهم صاحبها هو حسم الأمر للخليفة الذي يريد ويشرع ويحلل اهدار دماء المعارضين، فدماء الخليفة الآخر فقط هي التي لن تهدر بل دماء مؤيديه بطبيعة الحال لأنهم خرجوا وفق سيناريو وتصور المؤلف وخياله عن اجماع الأمة والفت في عضدها والنيل من وحدتها، دون أن يحدد من هو الخليفة الآخر هل هو من أتى بعد الخليفة الأول والذي ربما حصل على البيعة ظلمآ وجورآ وبهتانآ أو أن بيعته جاءت موافقة لرأي مجموعة من الناس الذين يرون فيه دوام عزتهم ومصالحهم، أم انه الخليفة الذي عدل في بداية حكمه ثم استهوته السلطة والجاه فحاد عن الطريق القويم فكان لابد من استبداله بخليفة ىخر يعيد العدل بين الناس ويحكم على الصراط المستقيم.


وان كان أبو القاسم الأنصاري يفسرها على أنه كانت لغة العرب تكتب بلا نقاط فقوله صلى الله عليه وسلم : quot;إذا بويع للخليفتين فاقتلوا الآخر منهماquot; قوله quot;فاقتلواquot; كانت هذه الكلمة بلا نقاط فيحتمل ان تقرئ: quot;فأقيلواquot; من الإقالة أي كما تسمى اليوم استقالة وبالتالي لا يجب أن تسفك الدماء، ولكن كم من الناس يلجأ الى هذا التفسير، خاصة من دمويي الفكر، ولكن بصراحة واضحة فان هذا التفسير يسقط أمام الحديثين التاليين (اللذين تم اختراعهما على لسان الرسول الكريم) والمؤكدين لذات المعنى والسياق السابق وهو سياق رفض المعارضة والرأي الآخر وقتل الحرية والتنافس الحر وتمجيد الخلود في الحكم والاصرار على سفك دماء المعارضين.


- وحدثني عثمان بن أبي شيبة حدثنا يونس بن أبي يعفور عن أبيه عن عرفجة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه. أَخْرَجَهُ مُسلِمٌ، وهو مصنف أنه حديث شديد الضعف ولكن هيهات أن يرفضه دعاة الاستكانة وسلبيوا المواقف، أفان جاء من هو خير منه ومن يدعوا في برنامجه الانتخابي الى ما فيه خير أو مزيد من خير وفلاح الأمة، أيُقتل شأنه شأن الفاسدون في الأرض والمجرمون، لا لشئ الا ليُخلد الحاكم الحالي حتى ولو كان من الصالحين (وما أندرهم ولم نعهدهم في زماننا هذا).


- وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر. رواه مسلم، مع أنه قال في متن كلامه (فليطعه ان استطاع) أي أنه يعطيه الحرية في معارضته، فكيف يقتل الآخر الذي يعارضه.

فلا عجب في النهاية بعد كل ذلك أن نجد حكامنا وزبانيتهم من حاشيتهم وأزلامهم من أعوانهم مهما هان شأنهم يقومون بقمع وقهر واضطهاد وتعذيب وسحل وقتل لمعارضيهم، فما ان يفرغوا من ذلك أو بمعنى أصح فما ان يفرغوا من المعارضين يهرولوا الى المساجد ويسجدوا لله رب العالمين، ومن ناحية أخرى نجد كثيرين ممن يعرفون بالمشايخ يعلنون أو يصمتون معلنين قبولهم بضرب المعارضين وقمعهم بل ويدعون بعد ذلك لهؤلاء الحكام وزبانيتهم الفجرة بالتوفيق ودوام الحكمة والعزة بين صفوف الأمة، والمغيَّبون من ورائهم يرددون آمين يا رب العالمين.


ومن ناحية اخرى انتشر في الآونة الاخيرة لفظ ومفهوم جديد ألا وهو دولة مدنية ذات مرجعية دينية، دون وقوف على الدلالة الحقيقية لهذا المفهوم والذي في ظاهره الرحمة وفي باطنه الأبواب الخلفية التي سينفذ منها المتاجرون بالدين ورافعي الشعارات الدينية ليكونوا هم الحاكمون سواء كانوا في مقاعد الحكم او كانوا على منابر المساجد والكنائس أو حتى كانوا في بيوتهم، ما معنى مرجعية دينية أي انها وفقى حتى للذين يقدمون أنفسهم على أنهم وسطيون ومعتدلون هي تلك المبادئ المتفق عليها.

ولكن الاشكال يبرز هنا وما هي هذه المبادئ على وجه التحديد وفي اطار الحصر؟، وهل يمكن اعتبار حق المرأة المسيحية بتولي الحكم أحد تلك المبادئ أم لا؟، وهل الأحزاب السياسية التي لاترفع شعارات دينية وتبتعد عن المتاجرة بالدين واحتكاره وتصنيف الناس على أساس دينهم بل ومذاهبهم أيضآ هل مثل تلك الأحزاب سيُعترف بها ويُحترم حقها في الوجود والوصول الى السلطة من قبل هذا الفريق الذي يرفع الشعارات الدينية؟ بمعنى آخر هل هذا الفريق المحتكر للدين والذي يُعرف المختلفون معه على أنهم القوم الضالون أو الملحدون (لا المعارضون او أصحاب الآراء الأخرى) على الرغم من أنهم يصلون ويصومون، سيكف عن اعتبار أن الأحزاب السياسية بدعة مستوردة من الغرب ولابد من نفيها واجتثاثها وعدم القبول بها لأنها تفت في عضد الأمة وتفرق الناس في الضلال والضياع مثلما يقول السلفيون وأعوانهم ومن والاهم؟، وهل بعد تحديد هذه المبادئ وحصرها هل يعد ذلك كافيآ وسدآ مانعآ أمام أحد الاسلامويون أو المتأقبطون أو المتشددون التابعون لمختلف المذاهب والديانات من أن يدمج موقفآ أو ظرفآ وحالآ هنا وهناك ويلحقه بواحدة من هذه المبادئ ويعتبر الأمر قدسآ مقدسى لا يجب المساس به؟.

فنتجه مع مرور الأيام والزمان الى اتساع دائرة المحظورات (وهي الفن الذي يتخصص فيه غالبية رجال الدين المتطرفين ) ونعود الى نفس الدائرة المفرغة من التعزير (العقاب) والتكفير، ومن ناحية أخرى ان خرج علينا أحدهم قائلا ان المبادئ الدينية المتفق عليها هي تلك المبادئ التي تتعلق بحساب المخطئ ومنع الانحلال والمجون من أن يسودوا المجتمع، ومنع السرقة والقتل والرشوة والفساد وما الى ذلك من القيم الحميدة المجيدة، يكون التساؤل هنا ومن قال أن دولة كالصين او اليابان لا تؤمنان حتى بوجود الله سبحانه وتعالى تدعوان الى نشر الفسوق والانحلال ومباركة الرشوة وتعزيز الفساد ومكافأة السارق والقاتل، فلو أنهم كذلك فلما هما وماشابههما من الدول أكثر قوة وعزة ومنعة ومجدآ منا؟، هذا ان كنا حذنا نصيبآ من المجد فبسبب ثورات الحرية التي يراها المتنطعون فتنة وبدعة وضلالة. لا لنا الا الله ورسله وما أنعم به علينا من العقل لنمجد الحرية والعدالة والمساواة والديموقراطية الكاملة ولو كره المتنطعون.