مقاضاة رئيس الوزراء نوري المالكي أو غريمه أياد علاوي بطبيعة الحال هي من أختصاص البرلمان ومانص عليه دستور مجلس النواب وليس من أختصاص أي شكل آخر لأي محكمة مدنية. وهذه الملاحظة البسيطة رغم أهميتها لاتخص موضوع له أولوياته لما يجري في العراق من فساد مالي لاتتم متابعة فصوله بجدية.

أستبقتُ الأحداث المأساوية بكتابة مقال نقدي في أيلاف عن quot; قادة الكُتل العراقية يتجاهلون بعضهم !quot; ولم اكن أعرف بالتحديد ماسيحصل لاحقاً لعدم علمي بأن الأمور ستتطور وتتأزم من تجاهل قادة العراق لبعضهم الى تهديد ووعيد quot;بالحساب العسيرquot;. وعبارة الحساب العسير وردتْ في خطاب تلفزيوني بثه الدكتور أياد علاوي الى quot; شعبنا الجريحquot; الحائر برؤوس سياسية لاتملك فكرالمرحلة لتحمي المواطن وثروات بلده. ومايدور من أحداث في ساحتنا العراقية لها أرتباط مباشر لما نشعر به من خيبة أمل بسياسيي المرحلة وقصر نظرهم في مجموعة مترابطة معقدة تخص المجتمع، السياسة، المال، والسلطة.

قد يغيب عن بال القارئ ما أقترحه نائب الرئيس الأمريكي جوزف بايدن على مسعود البرزاني في السنة الماضية لأختلاق مجلس جديد (للسياسات الاستراتيجية ) ليرأسه علاوي لحل أشكالية الخلاف وأذابة التوترالناتج عن أنتخابات العراق العامة والتخفيف من صراع الكتل السياسية على مُرشح رئاسة الوزراء. وكما كان متوقعاً، تبنت القائمة العراقية مشروع بايدن الأمر الذي زاد من حدة الخلاف والتنافس بين المالكي وعلاوي وتلكؤ الأول وشكوكه بالغاية والغرض من تشريع قانون بتسمية غريبة ومنح صلاحيات لمجلس يتعارض تأسيسه دستورياً مع السلطات الثلاث في الدولة، أضافة الى كونه، لو تمَّ، ترقيع للشراكة الوطنية وأعادة نفوذ البعث العشائري الى حكم العراق تحت يافطة (المجلس الوطني للسياسات ألأستراتيجية).

ويبدو أن علاوي وضع كل أستراتيجيته الحزبية وتاريخه السياسي على فكرة مجلس مقترح لم يتم تشريعه رغم الضغط الأعلامي لممثليه ورغم محاولات تمريره وتبريره بشعارات فضفاضة تحدثت عن ضرورة تشكيل مجلس (سياسات أستراتيجية عليا )، وهو على أقل تقدير، تقاسم السلطة بطريقة تأمرية فريدة من نوعها في العالم.وأظن أن علاوي أساء الى نفسه بعقد تحالفات مشبوهة مع أصدقاء ظنَ مخطئاً أنهم سيقفون الى جانبه، وأضرَّ بسمعته بظهوره التلفزيوني وأذاعته بيانه ليهاجم فيه بيأس ومرارة المالكي وحكومته ونعته بشتى النعوت اللاأخلاقية.

وقد يغيب عن البال أيضاً بأن أحتدام الصراع على السلطة يجري بسلوكية أرهابية لا تنطبق في خصائصها مع العرف السائد للحياة السياسية العامة. فنرى ألأصوات الصاخبة لثوار القائمة لعراقية تطاللب خلق هذا المجلس المصطنع وصوت أياد علاوي يهدد بالحساب العسير..... quot; البغاة الطاغون quot; quot; خفافيش الليل بقيادة وتوجيه قائد حزب الدعوة والحفنة من جلاوزتهquot; وquot; أبتعدوا عن آل البيتquot; وquot; لم يتعضوا بثورة سيد الشهداء عليه السلامquot; و quot;عملوا في العراق نهباً quot;. وأتوقف هنا دون أستعراض بقية التهم المصقة بحزب الدعوة وتهم أخرى وبعضها يتعلق بquot;سَجنِ الأبرياء quot; لأركز على نقطة quot; سرق أموال الشعبquot; لأنها في رأيي الغرض والغاية من أنتخاب أشخاص يمثلون الشعب في مجلس منتخب.

كنتُ أحسب أن الأرادة المخلصة لقادة العراق قد تتضح لو قامت السلطات العراقية البرلمانية بمقاضاة الحكومة الأمريكية لأختفاء أموال عراقية ( $6.7 billion in cash بليون) كانت في عهدة قوات الأحتلال وتم نقلها الى خزانة أمريكية أو تم توظيفها في بنوك أمريكية منذ عام 2003، وكذلك أختفاء ماقيمته billion 40 بليون دولار لعقود تجارية مزيفة بين البلدين، يتحرى عن أختفائها، كما يُدعى، مجلس النواب العراقي وأعضاء في الكونجرس الأمريكي من بينهم رئيس لجنة الأصلاحات الحكومية في مجاس النواب Henry Waxman، هنري واكسمن، حيث تجري التحقيقات بأطلاق البالونات الحارة ونفخها دون الوصول الى نتائج. فالحقيقة كما جاءت من المفتش الأمريكي العام Stuart Bowen بأنه تم، للمرة الثالثة، أجراء التدقيق والفحوصات الحسابية دون التوصل الى نتائج عن أختفاء الأموال.

وفي هذا الصدد، وعلى صعيد السياسة والمال والسلطة، لاأصدق أي خبر تصوغه ماكنة الأدارة الأعلامية الأمريكية أو العراقية ولاأستطيع أن آخذ أي خبر يصدر منهما أو عنهما على علاته دون متابعة وتحقق وبحث وذلك لوقوف قوى رهيبة وراء كل هذه الفوضى.

أما ما أستعرضه أياد علاوي وظهوره البائس على شاشات التلفزيون للتحدث الى quot;الشعب الجريحquot; والطلب من أبناء الحسين الثورة على الأوضاع الحالية فهو ظهور أستعراضي مثير للشفقة ولا يخلو من ضعف وسوء تقدير. وكالأخرين أشير الى الردود الأنفعالية للسيد المالكي ومجموعته التي تولي موضوع التنافس على السلطة أهمية أكثر من التنافس القانوني على أسترداد أموال الشعب الفقير الذي يئن من ألألم والفقر ويسخر ممن سببوه.

للمراسلة : [email protected]