القنصل الفرنسي في عاصمة اقليم كردستان، الدكتور فريدريك تيسو، يعتبر من الشخصيات الفرنسية الصديقة للشعب الكردي، وقد لعب دورا فعالا في تحريك دولة فرنسا من خلال حكومتها ورئيسها الراحل فرانسوا ميتران في سنة 1991 للتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا لتوفير حماية المجتمع الدولي للكرد من خلال اصدار القرار 688 وتأمين ملاذ أمن وفرض حظر جوي على المحافظات اربيل والسليمانية ودهوك، لحماية الشعب الكردستاني من العمليات العسكرية وقمع النظام البائد ومن استبداد وطغيان صدام حسين.

وبفعل علاقته المستمرة مع الكرد طوال عقود، وأتقانه للغتهم، وتفاعله مع طبيعة الحياة الكردستانية، صار شخصا عزيزا ومحبوبا من قبل الكثير من السياسيين والشخصيات الثقافية والشبابية في الاقليم، وحظي بالتقدير العالي، ولخبرته الدبلوماسية والسياسية اسندت اليه الحكومة الفرنسية رعاية مصالحها في كردستان العراق.

وانطلاقا من ثقافته الفكرية والانسانية المنطلقة من مباديء حقوق الانسان التي تعود مرجعيتها الى الثورة الفرنسية، وايمانا منه بالدور الريادي لدولته في مجال الحقوق والمباديء والقيم الانسانية، واستنادا الى صداقته المبدئية مع الكرد ومع الشعوب المحبة للحرية، وجه رسالة قيمة الى القيادة الكردية وعلى رأسها مسعود بارزاني رئيس الاقليم في احتفالية القنصلية الفرنسية في أربيل بيوم الوطني الفرنسي في الرابع عشر من تموز.

وقال القنصل الدكتور تيسو في رسالته الموجه الى قادة الكرد ان quot;الحديث المستمر عن نضال البيشمركة وغدقه بعيون الشباب الجديد، عمل غير مبرر ودون جدوى، لأن الجيل الجديد يحتاج الى عالم جديد لكي يجدوا فيه آمالهم ويحققوا رغباتهمquot;، ومن خلال كلمته أدان تعامل السلطة الكردية مع المتظاهرين في الاحداث التي مر بها الاقليم، وأكد ان المواطن الكردي له الحق في التظاهر، وعلى السلطات عدم وضع العراقيل امام هذا الحق، وجدد دعمه للشباب الكردستاني لاتباع القيم الانسانية التي تقيمها فرنسا عاليا.

هذه الكلمات الموجزة التي أطلقها القنصل الفرنسي من باب محبته وتقديره للكرد وقادتهم ومن ما يعانيه الشباب من مسار السلطة في الاقليم، حملت رسائل جليلة بمعاني حكيمة للقادة، لمنح الشباب من الاجيال الجديدة في كردستان حقها في التعبير بحرية عن تطلعاتهم وطموحاتهم ورغباتهم التي تختلف كل الاختلاف مع الجيل القديم لاختلاف العالم الجديد الذي يعيشون فيه عن العالم القديم في أغلب مجالات الحياة الفكرية والسياسية والثقافية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية.

وخلال الاحتفالية قوبل رسالة تيسو من قبل بارزاني برد حمل تأكيدا على وجوب تقدير الجيل الجديد لنضال البيشمركة، وهذا ليس بموضع الخلاف، ولكن رؤية القنصل شددت على ضمان حق حرية التعبير في الرأي والتظاهر لأنه حق مكفل في اللوائح الدولية لحقوق الانسان، وهو مثبت في الدستور الدائم للعراق.

واستقبلت رسالة الدكتور تيسو بترحيب حار من قبل مجاميع شبابية كردية، ودعت مجموعة منهم الولايات المتحدة وبريطانيا للحذو بالموقف الفرنسي للممارسة الضغط على القادة الكرد للتعامل مع الشباب وأحداث الواقع بحكمة لضمان حرية التظاهر والتعبير والراي الاخر وفق اطاره السليم والبعيد عن العنف ورد الفعل، وعدم تكرار تجربة التعامل بعنف مع حق دستوري مضمون لكل مواطن في العراق وفي اقليم كردستان.

وتقديرا للرسالة القيمة التي وجهها الدكتور فريدريك تيسو للقادة الكرد للتعامل مع مطالب الشباب والشعب بحكمة وتروي لاغناء وتقوية تجربة النموذج الكردستاني في العراق وفي المنطقة، لا يسعنا الا ان نتوجه بتحية التقدير لهذا الانسان القدير الذي قدم خدمات جليلة في المجال الانساني، ولرؤيته القيمة في رسالته الجديرة والنابعة من حرصه على الدور الحيوي للكرد لابعاد تجربتهم من أي أثر سلبي يسجل بحقهم، وبدعوته المستندة الى صداقة مبدئية قدم دعما معنويا كبيرا بملاحظاته القيمة للشباب والقادة في الاقليم لابعاد مسار تجربة الفيدرالية الكردستانية من أخطاء لابد للرئيس بارزاني وللقيادة الكردية الابعاد عنها لضمان حاضر ومستقبل مشرق للكرد ولأجيالهم اللاحقة في عراق ما بعد سقوط الصنم.

كاتب صحفي
[email protected]