أولا لست من دعاة التبشير ولا التنصير وفي مرة تلقيت دعوة من رجل محترم بالانضمام لعملهم التبشيري فكان ردي quot; أنني في حاجة لمن يبشرنيquot; ولكني أحترم كل فرد في الدعوة ونشر فكره وثقافته ودينه طالما خلا عمله من ترهيب أو ترغيب. شدني تقرير في موقع العربية نت وهو يرصد حالات التحول من الإسلام للمسيحية في إيران، وكيف أن الخطط والمبالغ المخصصة لمكافحة التنصير قد فشلت، وان الظاهرة تنتشر في مختلف المدن الإيرانية بالرغم من أن البرلمان الإيراني كان قد صوت 2008 بالأغلبية الساحقة لصالح مشروع تقنين عقوبة الإعدام لمن يترك دينه الإسلامي للذكور والسجن مدي الحياة للإناث وأرجع المسئولين الإيرانيين سبب فشل محاربة الدين المسيحي في البلاد إلى عدم وجود الخطط المتينة والرقابة الصارمة, إلا أن المتابعين والمحللين للشأن الاجتماعي والسياسي في إيران يرون بأن أسلوب الحكومة الإيرانية وتصرفها غير المسؤول وتبنيها الدين الإسلامي في كل كبيرة وصغيرة هو الذي عجّل بانتشار ظاهرة التنصر في البلاد وبالتالي هروب الشباب الإيراني من الإسلام.

وعند قراءتي للتقرير رجعت بذاكرتي للوراء وتحديدا أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، وتذكرت كيف كان يتعاطف الشعب مع الجماعات الإسلامية في البداية وكان تعاطف الشعب المصري سبب في عجز الدولة علي القضاء عليهم، ولكن عندما اكتشف الشعب حقيقة هؤلاء أنقلب عليهم وتحول من متستر إلي مُبلغ عنهم، وتذكرت كيف أن زميلي في فترة الثانوي حمدي قاسم القيادي المعروف بأسيوط قد تم القبض عليه بعد إبلاغ شقيقه عنه، بعد أن قام بتكفير كل العائلة.

ونحن في زمن التطور التكنولوجي الرهيب في مجال الاتصالات أصبح الشباب قادر علي التجول ومتابعة أخبار العالم كله في أي وقت علي مدار اليوم، مما أدي لخلق جيل من الشباب متمرد فكريا علي ثقافة مجتمعاتنا الشرقية خصوصا تلك التي تعود للدين، لم يعد ينفع مع مقولة quot; لا تجادل ولا تناقش يا أخ عليًquot; فعليً أصبح يجادل ويناقش ويتشبث برأيه فلم يعد الأخ عليً قادر عن التخلي عن عقله لمجرد وجود نص ديني.

يرى الإسلاميون والموالون لهم في مصر أن الليبرالية هي خطر علي الدين الإسلامي، ولذلك هم يقاومونها بشتي الطرق- السلفيون بطريقة علنية صريحة والإخوان بطريقة ثعلبية خبيثة، واستطاعوا إقناع البسطاء من الشعب المصري بذلك ولذلك تجد أن معظم أتباعهم من الأميين، والحقيقة أن الإسلاميين هم الخطر الحقيقي علي الإسلام بتشددهم وكراهيتهم للأخر وعنصريتهم وتعاليهم عند الكلام عن الأخر، وتطبيقهم تعاليم لا تتفق ولا تتناسب مع العصر الذي نعيش فيه، ووقوفهم في وجه كل من يطالب بحقوق المرأة والأقليات شئ منفر ومقزز لشباب تعلم وتثقف، وكما أرجع المحللون للشأن الإجتماعي في إيران أن السبب في ترك الشباب الإيراني للإسلام هو تبني الحكومة الإيرانية للدين الإسلامي في كل كبيرة وصغيرة مما أدي لهروب الشباب الإيراني من الإسلام. قد يتكرر نفس الكلام في مصر ففي حالة وصول الإسلاميون للحكم سيطبقون قواعد الإسلام المتشدد إسلام أستاذهم ومعلمهم quot; أبن تيميهquot; مما سيؤدي بالطبع لهروب الشباب من الإسلام وتركه وفي الغالب ستكون المسيحية واجهتهم وطريقهم للحرية.

أن الذين يساندون الإسلاميين ويقفون خلفهم وهم يعتقدون أنهم ينصرون الإسلام لهم فعلا علي خطأ كبير، فهم خطر علي الإسلام وهم العدو الحقيقي للإسلام، لاحظ كلما وجد quot;كليبquot; يهاجم الإسلام تجدة مجرد تركيبة لما يقوله هؤلاء ومجرد تعليق أو ترجمه لما يقولونه فأعدي أعداء الإسلام لا يجدون أفضل من عظات وتصريحات هؤلاء، قد لا يصدق البعض كلامي لأنه لم يكتشف بعد حقيقة هؤلاء، فشباب الثورة اعترفوا أن تصرفات شباب الإسلاميين اختلفت مائة وثمانيين درجة معهم أبان الاستفتاء عما كانت عليه في التحرير قبل 11 فبراير وبالطبع ظهر وجههم الحقيقي في جمعة 29 يوليو، والإسلاميون الذين يدعونك اليوم لمساندتهم ستختلف تصرفاتهم معك بمجرد وصولهم للحكم.

المدنية هي أقوي حصن للدولة ومعتقدات وأديان شعوبها، وهي الضمان الوحيد لحرية كل الأديان ومساواة المرأة بالرجل وهي الحصن الذي يحمي ويصون الحريات الفردية، وهي التجربة الوحيدة التي لدينا في العصر الحديث التي نهضت بالأمم والمجتمعات الحديثة، ولا توجد تجربة واحدة في العالم نجح فيها الحكم الإسلامي ولا الإسلاميين فتجد الخراب والدمار والتخلف صديقهم حيثما وجدوا، في السودان وفي الجزائر وأفغانستان وإيران، أن كل ما يروجون له من دفاع عن الإسلام ما هو إلا خديعة للوصول إلى الحكم لأنهم هم أشد أعداء الإسلام بل هم أشد أعداء الإنسانية جمعاء.