حقيقة، كيف يجري شهر رمضان المبارك في مخيم أشرف الذي يعيش حصارا قاسيا منذ عامين ونصف العام.
فالمراقب والمتتبع لوضع مخيم اشرف يرى ان الحد الأدنى من الاحتياجات البدائية الانسانية غير متوفرة لسكان المخيم، وان دخل لهم شيء من هذه الاحتياجات فبصعوبة بالغة وبعد ان تخضع لكل اشكال التضييق والتفحيص والتدقيق بل وامتهان للكرامة.
في مخيم اشرف.. في هذا المكان الذي شهد صولات وجولات لعملاء وعناصر نظام الملالي الحاكم في ايران والذي ارتكبت فيه المجازر البشعة التي يندى لها الجبين.. في هذا المكان وفي هذا التوقيت في شهر الرحمة والمغفرة يوجد في المخيم 1071 شخصا جرحوا خلال العامين الماضيين من يوليو 2009 الى أبريل 2011 على يد تلك الفئة المجرمة التي لا تراعي الا ولا ذمة ولا حرمة حتى حرمة شهر رمضان الفضيل..
نعم هؤلاء الجرحى يصومون هذا الشهر المبارك وفي عز هذا الصيف الخانق اللاهب ومع عدم وجود المبردات والمكيفات والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ووجود نحو 300 مكبرة صوت عملاقة توجه من خلالها لسكان المخيم اسخف واسوأ الشتائم والدعاية المضادة والحرب النفسية القذرة ضد مطالبي الحرية في أشرف الجهاد، فكيف يتم الاحتفال والاحتفاء بشهر الله عز وجل شهر العبادة والرحمة والتراحم والحال هكذا في هذا المخيم الصامد الذي يخلو من كل مقومات الحياة الا من قلوب المجاهدين الساكنين فيه العامرة بالايمان والدفء والعدالة والصبر على المكاره والشدائد؟
47 قتيلا من سكان المخيم سقطوا في هجمات واقتحامات نفذها المؤتمرين بأوامر اسيادهم من ملالي طهران، اضافة الى عشرات الجرحى الذين فارقوا الحياة بسبب عدم ايصال الامدادات الطبية لهم ومنعهم من اللقاء بذويهم ووجود شباب لم يتركوا المخيم منذ سنين والأهم من كل هذا الاخطار التي تحيط بهم وفي كل لحظة تمر تنذر بحدوث كارثة انسانية بحقهم والمشاكل العديدة الأخرى حيث سعة المقال لا تترك لنا مجالا لطرحها، فهل بقي امام الأشرفيين مجال للاحتفال بشهر رمضان المبارك بالشكل الذي يليق بهذا الشهر المليء بالنفحات الايمانية الربانية؟
ونتساءل الا يحق لاهل اشرف الصابرين المحتسبين، وخلافا لما يريد ملالي النظام الحاكم في إيران، من الاحتفال بشهر الكرم الالهي بابسط الامكانيات، مثلما كانوا يحتفلون سابقا بهذا الشهر الفضيل في السجون الإيرانية بصفتهم سجناء سياسيين.
إن الملالي الحاكمين في إيران لوّثوا جميع المفاهيم والقيم وحتى المفردات التوحيدية العقائدية بممارساتهم المعادية لروح الاسلام، ولم تنجو فريضة الصيام من هذه التطاولات حيث مسخوها وأفرغوها من مضمونها الاصلي وقاموا بتكييفها بالشكل الذي يخدم نظامهم ويعزز من اساليب القمع التي يتبنونها.
ولعل اسطع مثل على تعامل الملالي الحاكمين في إيران مع فريضة الصيام، كان في ذورة الاعمال القعمية التي مورست في بداية ثمانينيات القرن الماضي في إيران وفتوى أصدرته خميني المتاجر بالدين حيث أمر رجاله بملاحقة أى مواطن بحجة أنه مفطر، بينما أعفى في المقابل أفراد حرسه وجلاديه من الصوم، وذهب في هذا الأمر الى حد الافتاء بضرورة أن يعامل جلادو سجن ايفين من السجانين ومحترفي التعذيب طوال الشهر الفضيل كما لو كانوا على سفر! أي اعفاؤهم من الصيام عبرlaquo;حيلة شرعيةraquo;كي لا يتحملوا العناء فتخف وطأة بطشهم بحق السجناء السياسيين من عناصر مجاهدي خلق الإيرانية.
نعم، ان الدين بالنسبة لهم ليس اكثر من مجرد متجر يسوقون فيه أحكام الله عن طريق المزاد العلني و بابخس الاثمان!. ولهذا السبب يفرض الاشرفيون على انفسهم مع حلول الشهر المبارك واجب ازالة كل صور الشرك و النفاق عن ملامح دين الرحمة، وأن واجب ازالة صور الشرك والنفاق عن ملامح الدين الحنيف لن يتحقق الا عبر مواجهة تاريخية وصمود مستمر ومن خلال دماء الشهداء الزكية التي ستطوي الى الابد صفحة الدجل والمتاجرة بالدين.
صحيح، إن أشرف محاصرة ولا يمكن أن يقام احتفال شهر رمضان المبارك بحيث يليق وهذه المناسبة الكريمة، ولكن المقيمين في أشرف مقتدين باسلافهم وطلائهم في laquo;شعب أبي طالبraquo; حيث لم تكن حصة شخص واحد من الطعام ليوم كامل حتى تمر واحد وفي اغلب الاحيان شخصين كانا ينصفان تمرا بينهما لكي يكون طعامهم طوال اليوم. وعلينا ان نشير إلى فرق بين اصحاب شعب أبي طالب واهل أشرف وهو أن اصحاب شعب ابي طالب كان بامكانهم الخروج في الاشهر الحرم لتسيير أمورهم غير أن الاشرفيين وحتى في الاشهر الحرم ليس بامكانهم ان يخرجوا من أشرف. نعم إن الاشرفيين واقتداء باصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقومون بالاحتفال في هذا الشهر بأحسن وجه وترتيب اسماطهم باجمل صورة وبمختلف الالوان وبأبسط الامكانيات الموجودة.
إن الاشرفيين ومع حلول شهر رمضان المبارك يتوجهون بالتهنئة الى شعبهم في إيران والعرب والمسلمين في العالم ويرجون المولى الكريم ان يمكنهم من القيام بمسؤولياتهم الكبيرة التي تقع على عاتقهم على اكمل وجه بكل صبر وايمان واحتساب.
* خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]
التعليقات