عنوان مقتبس من مقالة الأستاذ أنيس منصور الذي نشرها اليوم الثلاثاء 26 تموز 2011 في الأهرام ، والأستاذ أنيس ليس مجرد كاتب مشهور، بل هو عبارة عن تجارب وخبرات هائلة ، عمره الآن 87 عاما ولد بتاريخ 1924 ، وتخصص بالفلسفة ، ويجيد سبع لغات أجنبية ، وزار معظم دول العالم، وعاش الحياة بالطول والعرض ، عمل في التدريس الجامعي ، والصحافة ، ومستشارا للرئيس أنور السادات ، وهو ينتمي الى المدرسة الصحفية التي تدعو الى الإختصار والتكثيف، اذ يرى من الضروري ألا يزيد حجم المقالة عن 250 كلمة فقط ، ورغم ثقافته الموسوعية الكبيرة إلا انه يشدد بإستمرار على ضرورة بساطة الإسلوب وخلوه من المصطلحات، بإختصار نحن أمام تجربة إنسانية ضخمة تفرض علينا الإنتباه جيدا لما يصدر عنها من كلمات وافكار.

والسؤال : لماذا قال الأستاذ أنيس :(( كلما عرفنا الإنسان ازددنا حبا للكلاب))؟


هل هو حكم عام يشمل جميع البشر.. أم يقتصر على تجاربه الشخصية مع المجتمع المصري؟


ثم هل وفاء الكلب صادر عن إلتزام إخلاقي واع بالقيم ، أم هو سلوك غريزي حيواني وبالتالي لاقيمة إخلاقية له طالما ان وفاء الكلب ليس صادرا عن إختيار العقل والإرادة ، وفي هذه الحالة لاتحسب ميزة وفضيلة للكلب كونه مبرمج غريزيا وآليا على هذا التصرف الأتوماتيكي نحو من يرعاه ولايملك إرادة إختيار العكس مما يعني انه فاقد الحرية التي هي أساس الإلتزام بالقيم.


أين الخطأ .. هل في المعايير التي نقيس بها الإنسان .. أم في الإنسان نفسه؟


أُفكر بهذا السؤال دون ان أصل الى إجابة شافية ، ولن أصل أبدا ، ففي عالم الإنسان لايوجد مطلقات جازمة ، ماعدا حقائق تكوينه الخارجي الجسدي ، وغير هذا يظل غامضا يرقد في ظلمات الأسرار العصية على الإكتشاف ، ويدور في مدار قانون النسبية بمعناه الشامل.


شخصيا أميل الى فكرة ان الإنسان كائن شرير .. ولكن ماذا عن شخصية الأم؟

هل الأم المقدسة التي نعبدها كائن شرير .. وهل الكلب أكثر وفاءا من أمهاتنا ؟ يبدو لي ان سبب الإعجاب بوفاء الكلب يعود الى انه رد فعل إنتقامي ضد حالات الغدر ونكران الجميل التي تعرض لها الإنسان طوال تاريخه على الأرض ، ومن باب الهجاء لعديمي الوفاء لجأ الى إمتداح وفاء الكلب الذي ليس فيه أية ميزة أو فضيلة مادام هذا الوفاء لايصدر عن ذات حرة واعية وقادرة على الإختيار ما بين الشر والخير ، ومادام انه مجرد سلوك غريزي آلي لاقيمة إخلاقية له.


تنويه:

بخصوص أفكاري عن وفاء الكلب .. لست متأكداً هل هي لي .. أم علقت بالذاكرة من قراءتي لسلسلة مشكلات فلسفية / المشكلة الخلقية / زكريا إبراهيم.

[email protected]