رسام الكاريكاتير السوري العربي العالمي علي فرزات لا أعتقد أنّ أحدا لا يعرفه أو لم يسمع به وعنه، وهو الذي انتشرت شهرته عالميا بين رسّامي الكاريكاتير العرب والعالميين. عرفته شخصيا في دمشق بين عامي 1984 و 1990 ، وكانت كبريات الصحف العربية تتسابق للحصول على أولوية نشر رسوماته أو إعادة نشرها في زمن لم ينتشر الإنترنت مثل الوقت الحالي. وكان منذ ذلك الوقت شديد الجرأة وعدم الخوف من النقد القاسي لقمع الحريات ومصادرة حرية الرأي، وهذا ما أتاح لرسوماته الشهرة والانتشار السريعين في مختلف أرجاء الوطن العربي، وأهّله للحصول على جوائز عربية وعالمية ورئاسة اتحاد رسامي الكاريكاتير العرب. و في عام 2001 أسس جريدة (الدومري) التي لم تتحمل سلطات نظام بشار البعثي القمعي جرأتها فسحبت ترخيصها وأوقفتها عام 2003 .
ريشة فنان داعم الثورة السورية
ومع اندلاع الثورة السورية في الخامس عشر من مارس الماضي في مدينة درعا ضد نظام المقاوم بالثرثرة والممانع بالبلطجة بشار الأسد، لم يتخل علي فرزات عن جرأته وشجاعته في نقد النظام وقمعه وسجونه ومعتقلاته، مما أهّل قلمه ورسوماته لتكون المدافع عن الثورة وشبابها من خلال الضحك على النظام والسخرية من سجونه ومعتقلاته التي يغيب فيها عشرات ألاف من السوريين واللبنانيين والعرب.
صاحب فكرة قائمة العار
وكان هذا الفنان الوطني الملتزم هو أول من أطلق في الأول من أبريل فكرة إنشاء (قائمة العار) لتضم أسماء الفنانين والمثقفين الذين يؤيدون النظام الأسدي القمعي ضد الثورة الشعبية السورية المطالبة برحيل النظام. وكان كما صرّح في الأول من أبريل أي بعد إسبوعين من اندلاع الثورة السورية لموقع إم بي سي نت قائلا: (إن إقالة الحكومة خطوة غير كافية) ودعا إلى حل مجلس الشعب ثم إجراء انتخابات ديمقراطية في ظل وجود تعددية سياسية تضمّ كل أطياف المجتمع السوري. معلنا أنّه دوما مع صوت الشارع ومطالبه الشرعية، مدينا اللجوء إلى سفك الدماء والتشبث بالرأي الواحد الأعور الذي لا يأتي بالنتائج. وكان أجرأ رأي له انتقاده الحل العسكري الذي يلجأ له النظام قائلا: (إذا كان النظام يريد أن يخرج من الحفرة التي هو فيها حاليا فعليه أن يوقف الحفر..إنّ النظام لم يتعلم مما يجري حوله، فالثورة في تونس تمت قبل شهور، ولم ينتبه أحد ويبدأ اجراءات جدّية للإصلاح، والأسد نفسه تحدث عن الإصلاح منذ أربع سنوات، ومع ذلك لم تتم أي إجراءات جدّية على الأرض).
رد فعل النظام وبلطجيته
لتلك المواقف الوطنية الشجاعة الجريئة المدعومة بالعديد من الرسومات الكاريكاتيرية الساخرة من النظام ومواقفه القمعية الأسدية، كان رد فعل النظام عبر شبيحته وبلطجيته ذلك الاعتداء الهمجي الذي لا ترتكبه إلا الوحوش، الذي تعرض له الفنان علي فرزات يوم الخميس الموافق الخامس والعشرين من أغسطس الحالي، حيث قامت مجموعة من أمن النظام بخطفه من سيارته أثناء عودته من مكتبه إلى منزله، وأوسعوه ضربا ثم اقتادوه بسيارتهم ورموه على طريق المطار بعد إصابته بكدمات قوية خاصة محاولة كسر أصابعه التي يرسم بها، وهم يريدون نقل رسالة بشار الأسد له التي مفادها: توقف عن الرسم ضد النظام ودعم الثورة ضده بهذه الأصابع وإلا المرة القادمة سوف نكسرها.
سكوت عربي مؤسف
وقد وصل الحال بالنظام الأسدي القمعي القاتل هذا الحد خاصة بعد قتل المغني ابراهيم القاشوش وقص لسانه وحنجرته ورمي جثته في نهر العاصي، للأسف والحزن الشديدين ما زال الصمت العربي الرسمي مخيبا لآمال الشعب السوري الثائر اللذي يتعرض بصراحة لأبشع مما يتعرض له الشعب الفلسطيني على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي. كانت مواقف بعض دول مجلس التعاون الخليجي العربية بداية جريئة بسحب سفرائها وتعليق بعضها عمل سفاراتها، إلا أنّ هذه الخطوة تحتاج لدعم عربي شامل، إذ لا يفيد الانتظار كما في الحالة الليبية لحين سقوط نظام الطاغية القذافي والتسابق للإعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي ممثلا للشعب والحكوم الليبية الشرعية.
بينما صدرت إدانة أمريكية واضحة،
لما تعرض له الفنان السوري العالمي علي فرزات ، إذ أعلنت الخارجية الأمريكية إدانتها لهذا الاعتداء الذي وصفته بأنه وحشي وبائس، وقال بيان الخارجية الأمريكية (إنّ شبيحة النظام ركزوا في اعتدائهم على يدي فرزات، وضربوها بعنف وكسروا إحداها، وهي رسالة واضحة له بأنّ عليه ىأن يتوقف عن الرسم).
الله ع الظالم
هذا هو دعاء الشابة ليندا ابنة الفنان علي فرزات التي أعلنت (أنّ والدها يمثل بالنسبة لها القدوة والتاريخ، كما أنّه المعبر برسوماته عن معاناة الشعب السوري الذي يخرج مطالبا بالحرية).
لذلك أقول للفنان العالمي علي فرزات وعائلته وكل محبيه: هذا الاعتداء الهمجي من النظام ومجرميه شرف جديد يضاف لقائمة شرف علي فرزات، وعار جديد أسود يضاف لقائمة عار بشار الأسد ونظامه. والأكثر عارا هو استمرار بعض الكتاب والمثقفين في الدفاع عن هذا النظام القاتل، وخاصة الكتاب الفلسطينيون الذين ما زالوا لا يملكون الجرأة أن يجيبوا على سؤال: أي نظام مقاومة وممانعة هذا الذي لم يطلق رصاصة على الاحتلال منذ عام 1973 ولم نر دباباته إلا في المدن السورية لقصفها وتدميرها؟. وهل يملك هولاء الكتاب الفلسطينيون الذين زار بعضهم دمشق للركوع على أبواب الطاغية، أن يسألوا: ماذا عن قصف مخيم الرمل باللاذقية؟ وماذا عن مئات المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين في سجون الأسد منذ ما يزيد على ثلاثين عاما، وأسماؤهم موثقة عند المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأردن التي أعلن رئيسها المحامي هاني الدحلة في مؤتمر صحفي يوم الثاني والعشرين من فبراير 2007 أسماء 52 شخصا من هؤلاء السجناء الأردنيين والفلسطينيين. والمحامي هاني الدحلة يعرفه بعض الفلسطينيين والأردنيين الذين زاروا طاغية دمشق أخيرا، فليسألوه عن هؤلاء السجناء، فربما سجنهم ما يزيد على ثلاثين عاما هو عامل من عوامل المقاومة والممانعة!!.
علي فرزات لك المجد ولبشار ونظامه العار والرحيل القريب بإرادة الشعب السوري.
[email protected]
التعليقات