في 16/کانون الثاني يناير/2010، عندما أمرت محکمة الاستئناف في واشنطن وزارة الخارجية الامريکية إعادة النظر في قرارها بخصوص وضع منظمة مجاهدي خلق في لائحة المنظمات الارهابية، أثار ذلك القرار حفيظة رجال الدين المتطرفين في طهران وقم ودفعهم لرمي الولايات المتحدة الامريکية بشتى النعوت و الاوصاف البذيئة، معتبرين ذلك بداية التخطيط ل(مؤامرة) شيطانية، ويقينا أن صفة(الشيطان الاکبر)، التي أطلقت على الولايات المتحدة الامريکية من جانب الخميني نفسه و إتخذت هذه الصفة بعدا رسميا إلتزم به کافة أرکان النظام، وقد رافق ذلك تأکيدات قاطعة من جانب الخميني ذاته بعدم إجراء أية إتصالات(رسمية او غير رسمية) مع الولايات المتحدة الامريکية بل وقد وصل الغلو و المبالغة به أن صرح بأنه(تقطع اليد التي تمتد من طهران نحو أميرکا)! لکن هل بقي هذا الموقف المتعنت على حاله؟ وهل کان الخميني و من خلفه رجال الدين السائرين على نهجه، أوفياء لهذا الموقف السياسي؟ يقينا ان کل الدلائل و المؤشرات تؤکد على أن هذا الموقف السياسيquot;الصارمquot; من جانب الخميني(رمز و مؤسس النظام) قد خرق لأکثر من مرة، وقد کانت البداية صفقة إيران کونترا، والتي کانت بمثابة القطر الذي يتبعه غيث ينهمر، لکن والحق يقال أن الولايات المتحدة الامريکية هي من کانت تقوم بالمساعي الحثيثة من أجل کسب ود رجال الدين و إعادتهم الى الحظيرة الامريکية بأية وسيلية او اسلوب کان، لکن الملالي الذين يبدو أنهم قد نجحوا أيما نجاح في إبتزاز الامريکيين و تمرير الکثير من سياساتهم و مشاريعهم المشبوهة و المضرة بأمن و استقرار المنطقة و العالم، من جراء قصر النظر الامريکي في التعاطي مع الشأن الايراني، وبعد أن تيقنت العديد من الاوساط السياسية الغربية و الامريکية بوجه خاص من أنه لاجدوى من سياسة اللين المتبعة من جانب واشنطن تجاه الملالي وانها لاتعدو عن کونها لعبة خاسرة من البداية بل وانها لعبة کرة قدم ولکن هناك مرمى واحد فقط لتلقي الاهداف و هو المرمى الامريکي، ولأجل ذلك بدأت الاصوات تتعالى في الولايات المتحدة الامريکية بضرورة إعادة النظر بالسياسة الامريکية المتبعة حيال النظام الايراني المتطرف، وطفقت الانتقادات اللاذعة لهذه السياسة الخاطئة تکثر يوما بعد آخر ولاسيما فيما يتعلق بالتقييم الامريکي للواقع السياسي في إيران و آفاق التغيير، بل وان قضية إدراج منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة(أکبر و أکثر الفصائل المعادية للنظام نشاطا و دورا على الساحة الايرانية)، في قائمة المنظمات الارهابية، بات العديد من الساسة و المشرعين و المحللين السياسيين الامريکيين يتسائلون عن خلفية و ماهية و حقيقة الدوافع القائمة وراء إعلان قرار وزارة الخارجية الامريکية عام 1995 و القاضي بإعتبار منظمة مجاهدي خلق ضمن لائحة المنظمات الارهابية، وهو قرار يعلم الجميع انه قد أتخذ على عجالة و بطريقة مشبوهة جدا، إذ لم تأخذ وزارة الخارجية الامريکية وجهة نظر منظمة مجاهدي خلق(بإعتبارها صاحبة الشأن الاساسية في القرار) وانما إعتمدت على مسائل و أمور و مصادر تعود جميعها بصورة او أخرى للنظام الايراني نفسه وهو أمر يثير ليس الريبة فقط بل و يطعن بمصداقية القرار، ولذلك فإن هنالك اليوم حالة غير مسبوقة في واشنطن من أجل إعادة النظر في القرار المذکور خصوصا بعد أن أمرت محکمة الاستئناف الامريکية وزارة الخارجية بإعادة النظر بقرارها المذکور، ويبدو أن ملالي طهران قد طار صوابهم من وراء هذه الحالة و بدأوا بالاعداد لحملة استثنائية فريدة من نوعها في التأريخ المعاصر للملالي عندما وظفوا مئات الملايين من الدولارات لهذا الغرض و وفروا للوبيهمquot;لوبي الملالي لدى الشيطان الاکبر!!)، کل الامکانيات و القدرات للتحرك على کافة الاصعدة و بشتى الوسائل و الاساليب و الطرق من أجل منع إصدار قرار جديد من جانب وزارة الخارجية الامريکية لصالح منظمة مجاهدي خلق الايرانية، والذي يدفع الملالي لليأس و القنوط هو أن مختلف الاوساط السياسية الامريکية بدأت تدرك النفاق و الدجل و الکذب و التزييف الذي مارسه و يمارسه نظام الملالي من أجل التغطية على الحقيقة و تشويه واقع المشهد الايراني من خلال أقلام و نفوس أمريکية باعت نفسها للملالي.
کذبة مستمرة منذ 1995، وتعلم وزارة الخارجية الامريکية قبل غيرها أن قرارها الخاص بصدد إعتبار منظمة مجاهدي خلق منظمة إرهابية، هو قرار سياسي محض مجرد من کل الجوانب و الابعاد الاخلاقية و القانونية و الانسانية، ولذلك فإن وزارة الخارجية الامريکية تجد صعوبة کبيرة جدا في الاستمرار بتلك الکذبة الممجوجة و ترى في ذات الوقت نفسها في موقع غير مشرف عندما تتزلف لنظام إرهابي دکتاتوري لايتورع من القيام بأي شئ في سبيل بقائه، ومن هنا فإن الانظار و التوقعات کلها تتجه صوب إقدام الخارجية الامريکية على إتخاذ قرار من شأنه يعيد الاعتبار لها لدى الشعب الايراني اولا، و يعيد الاعتبار لمصداقية قراراتها و بعدها القانوني ثانيا، وفي النهاية إعادة الامور لنصابها و جعل الصورة تبدو أکثر وضوحا و توجيه صفعة دبلوماسية استثنائية للملالي في طهران بتغيير هذا القرار، وبغير ذلك لن يکون هناك أي معنى للجدل الدائر حاليا في اروقة صياغة القرار بواشنطن!