أسقط الشعب التونسي زين العابدين بن علي من عرشه في غضون شهر , و لم يستغرق الأمر مع الشعب المصري إلا 18 يوما ً لإجبار محمد حسني مبارك على التنحي , بينما إستبسل الشعب الليبي نيف و ستة أشهر من أجل أن يرى laquo; ملك ملوك افريقيا raquo; يفر كالجرذان من حصنه الحصين باب العزيزية , و السؤال كم من الوقت يحتاجه الشعب السوري للخلاص من نظام بشار الأسد؟

واقع الحال يفيد بأنه لا يوجد أي إختلاف في إرادة الجماهير التي ترزح تحت نير الإستبداد , و إنها , إينما كانت. تصبو بنفس القدر من العزيمة و الإيمان الى الحرية و العدل و المساواة , مع وجود فوارق لها علاقة بالقوى السياسية في كل بلد و قدرتها على تحمل مسؤولياتها و إستجابتها للتحديات الماثلة من جهة , و بشبكة العلاقات و المصالح الدولية و الإقليمية المؤثرة من جهة أخرى..

بعد نيف و ستة أشهر سقط الطاغية الليبي معمر القذافي , في حين أن نيف و خمسة أشهر لم يكن كافيا ً لأن تتوحد المعارضة السورية , بمختلف إتجاهاتها و مشاربها السياسية و الإيديولوجية , على برنامج و أولويات محددة , رغم المؤتمرات و الإجتماعات المتعددة التي عقدتها الى حد الآن , و الحبل ما يزال على الجرار , كما يقال. فليبيا و مصر و تونس كانت تملك معارضات سياسية تاريخية لأنظمتها , و مع ذلك لم نسمع طوال الثورة الليبية أو التونسية أو المصرية عن أي مؤتمرات نظمته الأحزاب المعارضة هناك , تشوش على ثورات شعوبها كما تفعل المعارضة السورية. فبعد أربعة مؤتمرات و مثلها إجتماعات موسعة ما تزال الخلافات بين المعارضين السوريين شاسعة الى درجة أنها بدأت تلقي بظلالها على الحراك الداخلي في البلاد, إضطرت التنسيقيات الشبابية بسببها للتدخل أكثر من مرة من أجل منع الإعلان عن هياكل و أطر فارغة و شكلية الهدف منها ركوب موجة الإحتجاجات الشعبية.

و مع ذلك فإن إشكالية المشهد السياسي المعارض في سوريا لا تكمن , حصرا ً , في هشاشة و ضعف القوى السياسية التقليدية فحسب , و إنما تشمل, بنفس القدر من البؤس, الشخصيات السياسية و الثقافية المعارضة التي لا ترتبط بحزب أو جماعة معينة و أظهرت قدرة فائقة في تشويش و تعويم المسائل المطروحة.

فكل متتبع للشأن السوري لا بد أن يلحظ العدد الهائل من المراكز و المؤسسات و المنظمات الحقوقية و الإنسانية و الإستشارية الظاهرية و غيرها التي تشكلت لغايات و أهداف شخصية من أجل الفوز بتمثيل معين في مؤتمر أو إجتماع , بل أن البعض ممن ضاق بهم البحث ذرعا ً في إيجاد تسمية أو عنوان سياسي للتسلل الى المشهد المؤتمراتي المعارض بات يلجأ الى تأسيس مواقع إنترنيتية و روابط و إتحادات ثقافية و إجتماعية حتى يتحدث بإسمها على القنوات الفضائية.

فما ان ينتهي مؤتمر أو إجتماع للمعارضين السوريين حتى نسمع عن مؤتمر أخر أو مؤتمرات جديدة يزمع عقدها قريبا ً و كلها تدور حول تأسيس مجلس سياسي أو مجلس إنتقالي و غيرها , و أين؟ في الخارج , في حين أن الشعب السوري بأمس الحاجة الى إئتلاف وطني سوري , يجمع تحت مظلته جميع مكونات و شرائح المجتمع السوري في الخارج يعمل من أجل دعم الثورة في الداحل سياسيا ً , إعلاميا ً و ماديا ً.

لذلك , شتان بين المعارضة السورية و معارضات البلدان الظافرة بالحرية و الكرامة كتونس و مصر و ليبيا في ضوء الإنقسامات المهيمنة على مشهد الفعاليات السياسية للمعارضة السورية , الأمر الذي يستدعي من التنسيقيات و اللجان الشبابية القائدة للثورة الشعبية في سورية أخذ زمام المبادرة من اجل بلورة خارطة طريق للم شمل المعارضة في الخارج و الداخل على رؤية سياسية موحدة و إطار تمثيلي محدد لدعم الثورة الشعبية في الداخل.

* كاتب و معارض كوردي سوري
[email protected]