تم الإعلان في شهر ديسمبر الماضي عن منح جائزة quot; سيمون دي بوفوارquot; التي تحمل اسم الفيلسوفة الفرنسية الشهيرة إلى الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، و هي جائزة يتم منحها تقديرا للأعمال النضالية من أجل حقوق المرأة والمساواة الكاملة بين الجنسين. و من هنا تأتي أهمية تعريف القارئ بهذه الجمعية النسوية الرائدة في تونس.
انطلقت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في نضالها بصفة قانونية في سنة 1989 مستفيدة من الانفراجة التي عرفتها السنوات الأولى لرئاسة بن علي. و الجدير بالذكر إن إنشاء هذه الجمعية قد أعاد للذاكرة نشاط رائدات الحركة النسوية التونسية منذ بداية القرن الماضي، و الذي تواصل بعد ذلك مستفيدا من مكتسبات الحداثة التي منحتها دولة الاستقلال للمرأة، و هو النضال الذي تعزز بصفة ملحوظة في الجامعات و النقابات و باقي منظمات المجتمع المدني، حيث تم إنشاء لجان للمرأة في عدة منظمات، نذكر منها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان و فرع تونس لمنظمة العفو الدولية.
لعل من أهم منجزات الجمعية كسر جدار الصمت حول أشكال العنف المتعددة التي تتعرض لها المرأة التونسية، و ذلك من خلال إنشاء مركز الاستقبال والإنصات لضحايا العنف من النساء و تقديم الدعم النفسي و القانوني لهن، و ضرورة رفع التحفظات على الاتفاقيات الدولية حول حقوق النساء، و كذلك المساواة في الإرث بين الرجل و المرأة...
لقد كان لي شرف التعرف شخصيا و عن قرب على الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات من خلال برامج العمل المشتركة التي جمعتنا بها عندما كنت على رأس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية، خلال السنوات 2000-1997، و ذلك تماشيا مع توجيهات المنظمة الحقوقية الدولية، التي تؤكد على أهمية التنسيق و التعاون مع المجتمع المدني المحلي. و هي الإستراتيجية التي ساعدت بلا شك على رفع العزلة التي حاول النظام السابق فرضها على الجمعيات المستقلة في البلاد.
بعد نجاح الانتفاضة الشعبية في تونس، تواصل التواجد الفاعل للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ضمن اللجان التي تم إنشاؤها بهدف تحقيق أهداف الثورة و مواجهة الفساد و إنجاح التحول الديمقراطي المنشود، مما ساعد على حماية مكتسبات المرأة و اضطر حركة النهضة إلى الالتزام بعدم المس بمجلة الأحوال الشخصية، بل و اعتبارها مؤخرا من ضمن القوانين الأساسية للبلاد التي لن يكون بالإمكان مراجعتها إلا بأغلبية ثلثي المجلس التشريعي.
شجع هذا الانتصار غير المسبوق الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات على إعداد مشاريع بنود سوف يتم عرضها على المجلس الوطني التأسيسي لتضمينها في الدستور الجديد، بالتوازي مع حضورها الفاعل في كافة إشكال النضال الحالية في تونس، بالتعاون مع باقي منظمات المجتمع المدني التي تشاركها نفس المبادئ و الاهداف.
لكن و رغم هذه النجاحات الكبيرة، يبدو - و القول لرئيسة الجمعية السيدة أحلام بلحاج - إن استبدادا من نوع جديد بدا يلوح في الأفق من خلال quot;حملات تشهير منظمة ومقصودة، و عمليات تضييق تمارسها مجموعات سلفية يتعارض خطابها بصفة جذرية مع خطاب و طرق عمل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطياتquot;. لذلك توجب تكاتف القوى الوطنية التونسية الملتزمة بمبادئ الحرية و الكرامة و المساواة و التقدم للتصدي لهذه المحاولات البائسة العاملة على سرقة الثورة و الارتداد بالبلاد عقود طويلة الى الخلف.
و العقل ولي التوفيق...
[email protected]
التعليقات