أكثر من 400 ألف وثيقة منذ عام 2003 لحالات وحوادث قتل وتدميروأنتهاك مُسجلة وموثقة عن جرائم حرب ضد المدنيين في العراق. هذه الحالات يختلف على تحليل أسبابها المسلمون السياسيون حسب مذاهبهم وميولهم وأفكارهم وثقافاتهم. والمأساة في طرح أفكار القاعدة وزعمائها أنها أولاً نددت بالأعمال الأجرامية الأمريكية في العراق ولم تندد أبداً بالأعمال الأجرامية التي يتحمل مسؤوليتها قادتها وتصريحاتهم الأثمة بأنهم في حرب ضد الشيطان. وثانياً أن هؤلاء الزعماء مازال لديهم الأعتقاد أن الله والملائكة معهم في حربهم على البنتاغون الأمريكي و جاسوسية الشياطين التابعة للسي أي أ.

والحقيقة أن المشكلة هي ليست في فهم الدين وتعاليمه وأنما بمن يمثل ويفسر الدين بأهواء نفسية تبيح القتل و تسيئ الى مفاهيمه ( بن لادن، أبو مصعب الزرقاوي، المصري، البغدادي، والليبي ومجموعات من الفرق الجهادية الوثنية المرسلة الى العراق وسوريا ومصر وليبيا.

مقتل أبو يحيى الليبي الرجل الثاني لتنظيم القاعدة أغضب الشيخ أيمن الضواهري وأتاح له الفرصة للظهور في شريط مُسجل جديد لتحدي العالم وأنزال اللعنة على العرب والمسلمين والغرب الأوروبي والأمريكي وأباح لنفسه الحديث بأسم الله والتلويح بتهديدات لها قناعات مختلفة عن قناعات المسلمين وقناعات التنظيم المتطرف نفسه. في تحديه من جحره هذا، تجاوز حتى زعيمه أسامة بن لادن بقدرات وأمكانيات يعتقد أنها مستمدة من الله وملائكته في مقابل قدرات غزاة الغرب الأوروبي والأمريكي وأموالهم وأمكانياتهم التكنولوجية العسكرية وأوضح نيته أشعال النار بينهم وعليهم.

وتقع الشعوب العربية في حيرة وفوضى الأنتماء ألألهي هذا، وخاصة خطب الظواهري النارية وأعتقاده بأن قناعات العالم المتحضر كله وقدرات الغرب الأوروبي والأمريكي مستمدة من الشيطان ومن الواجب دحر هذه الشيطنة الشريرة بالمجندين من جهادييه.

ضياء الحكيم

تنقص دعوات الظواهري فهمه مراكز القوة وعناصر القوة وقيمة (التحالف الشيطاني) ومتطلبات القوة الأخرى التي تمنح النجاح والنصر لمن توفرت له. فقد شمل الخطاب الأخير للشيخ أيمن الظواهري الشيطنة الملعونة الرجيمة التي تقمصتها الأنظمة العربية ولعنها كما لعن منظمات المجتمع المدني التي تمنع أرسال المجاهدين الى ميادين القتال المفضلة كما يرتأيها ملائكته. ففي الحالة السورية يبدو التناقض في موقف الشيطان التسليحي والمالي. فالظواهري يدعو الى الثورة على النظام السوري وأسقاطه كما دعا الشيخ بن لادن أسقاط النظام العراقي الجديد. والتناقض بين الدعوتين هي أن رسالته في 11 سبتمبر 2012 تم بعدها قرار الأدارة الأمريكية يوم 28 أيلول سبتمبر 2012 أرسال المزيد من المعونات المالية للثوار السوريين بتخصيص ومنح 46 مليون دولار للقوى الثائرة التي تُصارع النظام السوري بهدف إسقاطه.

وهنا لاأريد من القارئ التوصل الى نظرية المؤمرة ووجود مخطط يربط الظواهري بالأدارة الأمريكية، فذلك ليس ماأرمي اليه بقدر رغبتي والأخرين معرفة عمن ستتخلى الملائكة في توزيعها المعونات المالية الأمريكية وأين يقف الشيطان في عملية توزيعها وحصة تنظيم القاعدة منها؟ وكما يعلم كل من لاحق الحالة الليبية بأن الأدارة الأمريكية ألزمت نفسها وقوتها في أسقاط القدافي بأموال وأسلحة حلف الأطلسي بتحالفها مع الثوار الليبين. ويبرز هنا أيضاً قمة النفاق الأسلامي السياسي أن تتضامن الملائكة مع الظواهري في الحالة الليبية ويتحالف quot; كما يدعي quot; مع ثوار سوريا ومصر وليبيا كما تضامنت زمر مجاهديهم مع قتلة وأرهابيين بدخول أرض العراق لأعلان الجهاد فيه. وحالياً،تسعى الحكومة الليبية الجديدة وثوارها الى طمئنة الولايات المتحدة والتأكيد لها بأنها ستبذل مجهوداً أستخبارياً وعسكرياً لثني تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي وتمنع مرتزقة القاعدة من شن غارات كتلك التي حصلت في بنغازي وأدت الى مقتل السفير الأمريكي ستيفن و3 أخرين. كما أن مصر ستقوم بدور أكبر في تصفية أعتى العصابات المسلحة للتنظيم وبالأخص مجموعة الظواهري بعد وصول معلومات أستخبارية جديدة بعودة نشاط التنظيم في مصر وظهور قيادات جديدة ترعرعت خارج مصر ولغز دعمها المالي وتحركات جماعات سرية موالية للظواهري.

وتضع الأدارة الأمريكية في محاربتها للأرهاب خطط التكنولوجيا الشيطانية لمكافحة الخطط الشيطانية الجهادية المناوئة المقابلة كتنظيمات للقاعدة وفروعها والظواهري ومرتزقته التي تقوم بالتجهيل الممنهج للشعب الليبي ومجتمعات القارة الأفريقية.

أن كارثة الشيطان في بدايتها الجديدة، فالولايات المتحدة أبدت ألتزامها المالي الى سوريا وتركت ثوار ليبيا من حلفائها الجدد في صراع مسلح غامض مع فرق القاعدة لاتُعرف عواقبه. فقد جاء على لسان هيليري كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية هو أن الجزء الأكبر من المساعدات المالية الأمريكية هي لأقصاء نظام بشار الأسد ودحر وقتل زمر القاعدة والسلفية والأسلاميون المتطرفون في سوريا.

فأين يقع الظواهري من الاعراب؟
وعندما نفترض جدلاً أن المجموعات الجهادية تُمثل أرادة الشعوب العربية المسلمة في الجهاد لنصرة القضايا العربية والأسلامية وفي سبيل نيل الحقوق العربية المهضومة في فلسطين وتحقيق العدالة ومنع أستغلال الغرب لثرواتنا....فهل سمحت أي من الأنظمة العربية لهذه المجموعات وزعمائها المسلمون بالظهور والتنقل لتمثيل الأسلام على العلن؟ وهل سيستطيع الظواهري أن يتنقل بحرية وعلانية في بلده مصر بعد أستلام ألأخوان المسلمين للسلطة؟

وكي أكون منصفاً وجهت هذه النقطة الى أستاذ علوم سياسية في مصر الذي أستهجن مواقف الظواهري الأخيرة وقال بالحرف الواحد quot; دا مجرم ونصاب وأن اي زعيم مسلم يعيش في الظلام ويختبي عن أبناء شعبه ليس بزعيم ولايتمتع بتأييد quot;.

من الناحية الأخرى، أظن أن الظواهري، الذي يختفي على الأكثر في اليمن، أكتشفَ مؤخراً أن قواعد الأشتباك الأمريكية شيطانية ولاتتم بعدالة سماوية من رب العالمين. فالقيادات العسكرية الأمريكية بدأت منذ أعوام بالأستخدام الميداني لطائرات بدون طيار من طراز بردتير ( Dronesدرونز( UFV والأقمار الصناعية للتجسس والأستطلاع والكشف عن قواعد وشيوخ القاعدة وقنصهم في أفغانستان وباكستان واليمن والصومال وليبيا. وكان أبو يحيى الليبي آخر من أصطادته طائرة بردتير في مقره في كوخ جبلي في اليمن. وبمقتل الليبي أصدر الظواهري من جديد تعليمات وأوامر لرجاله بالمشاركة في حرق العلم الأمريكي ومهاجمة سفارات أمريكية في البلاد العربية كما أمرته ملائكة الله.

ويقف الله سبحانه وتعالى وملائكته وجبروته مع المتهم الغربي الأوروبي الأمريكي على النقيض من دعوات الله أكبر ودعوات (حرق العلم الأمريكي والأحتفاظ بالدولار الأمريكي ). ولاتستطيع الحكومات العربية كمصر والأردن وتركيا الأجابة الواضحة الدقيقة الى أي جهة من الشرائع الأسلامية ستميل وهي تستلم من أمريكا سنوياً 5.7 مليار دولار من المساعدات المالية والعينية لمكافحة الفقر والبطاله وارتفاع اسعار المواد الغذائية ونزوح العرب وهجرتهم الى بلاد الكفر وعيش بعضهم في العوز بخيام بالية وأِن كان ذلك في نصر من عند الله وملائكته أم خيبة الشيطان.

يلتزم المسلمون في العالم العربي والأسلامي بتعاليم الله ويتمسكون بالقرآن وتعاليم الرسول الكريم محمد (ص) وقناعات العالم المدني المتحضر ولكن مايبتغيه الظواهري من الأنسان المسلم الواعي والمثقف هو نوع بغيض من الكراهية والقتل العنصري، وهي قناعة لاتتماشى مع طبيعة الاسلام الحقيقي الأنساني السلمي. وعـلـى قـدر كـراهـيتنا للأستغلال الغربي وجهنم البنتاغون وشياطين وجواسيس السي أي أ، فأن تهديد الظواهري من مخبئه (أنا سأفعل) بأدخاله معتقدات دينية يستغل نشرها بين المسلمين هي سياسة خرافة مقاتلة الشيطان وذبح كل أوروبي أو أمريكي يطأ أرض العرب والمسلمين من غير أذنه، هي سياسة تختلف جوهراً ومضموناً عن ( نحن سنفعل) كمسلمين لنا معتقداتنا وطرق تقرب ملايين البشر وفهمهم للأسلام الحقيقي. أنه بلا شك فرق كبير.

ولأننا نحتاج الى دراسة ظاهرة الظواهري وخطورتها على مجتمعاتنا وتحليل الفرق الكبير بين مايمثله للعديد من أتباعه ومايدور في خلد الحكومات العربية لكبح جماح رغبته الجنونية وفق مبدأه وشذوذه عن العامة لأشعال صراع الحضارات ورؤيته فان الدراسة والتحليل تبقى ناقصة لأرتباط طبيعة صراع الحضارات بما أدخله المتطرفون الجدد في العالم العربي والغربي من تأجيج لمعتقدات بالية لاتصلح للعصر.


باحث وكاتب سياسي