مع الإزدياد المرعب في فاتورة الدم الشعبي السوري المستباح على يد نظام القتلة السوري المتوارث ووصول أعداد الشهداء الذين يتساقطون لأرقام مرعبة وغير مقبولة إفتراضيا في زمن الحريات الذي نعيش وسيادة مفاهيم العدالة الدولية الإفتراضية أيضا، يبدو المشهد السوري وقد دخل في كوابيس مرعبة من القتل الشامل و من الجرائم التاريخية التي تصنف كحرب إبادة سلطوية مدعومة من أطراف دولية فاعلة وعلى رأسها روسيا التي باتت بعد إفلاسها الأخلاقي و القيمي مظلة مافيوزية واسعة لتغطية المجرمين والدفاع عنهم و التصدي لكل محاولة دولية مخلصة لرفع الحيف و الظلم عن السوريين، لقد تعمد المجرم بشار الأسد المضي بعيدا في خياره الأمني الإستئصالي، وهو خيار إعتمده النظام منذ أيام الثورة السورية الأولى وحينما مارس جرائمه الرهيبة السادية على أطفال درعا ثم أردفها بجريمة قتل الطفل حمزة الخطيب و تشويه جثته وهو عمل كان ينبغي أن لايمر مرور الكرام و لكن للأسف مرت ومورست جرائم عديدة ورهيبة ومازال النظام يقتل و يتبارى جلادوه في إضافة أرقام مهولة لعدادات القتل البعثي المجاني، والعالم و في طليعتهم العرب يتخبطون في حيرة قاتلة وتردد فظيع، ويحجمون عن أي إجراء لقمع النظام السوري، فما فعله هذا النظام فاق بكثير جرائم القذافي والذي تدخل الناتو لكف اذى كتائبه الإرهابية عن الشعب الثائر في بنغازي! بينما يرفض الناتو الدفاع عن أرواح السوريين ويختلقون الأعذار لعدم التدخل في سوريا وهو الأمر الذي أشار إليه سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في خطابه الأخير في الأمم المتحدة حينما طالب بتدخل عربي ودولي لإيقاف آلة الموت الأسدية ولجم المفرمة البشرية في ربوع الشام العزيزة، فدماء السوريين هي دماء أهلنا و أشقائنا تغلي و تفور و تسفك أمام نواظرنا في مشهد فظيع يخلو من قيم الشهامة و النخوة و نجدة الملغوث و الملهوف وهي قيم كان عرب الجاهلية يحرصون عليها أشد الحرص بل و يقاتلون الدنيا من أجلها وفي سبيلها!

داود البصري

فكيف اليوم ودماء العرب و المسلمين و الأحرار من كل ملة ودين في سوريا تسفك بلاحدود ولا موانع!! إنها المفارقة الخطيرة و المرعبة، لقد دق أمير قطر ناقوس الخطر و اطلقها صرخة بصوت مدوي للضمير الإنساني و العربي لسرعة التحرك و حقن دماء السوريين.. ولكن من يسمع وينفذ فعلا؟ خصوصا و أن يد الإرادة الدولية القادرة مشلولة بالكامل، ويد النظام وحلفائه من المجرمين تنطلق بكل حرية وصفاقة و آلة القتل السلطوية لازالت تتغذى بدماء و لحوم السوريين، هنالك مؤامرة دولية فعلا في سوريا ولكن المفارقة المدهشة إن ضحيتها ليس النظام المجرم والقاتل التاريخي بل الشعب السوري الحر الذي تكالبت عليه كلاب الدنيا المسعورة لتحاول وأد ثورته التاريخية و التي تصنف بكونها أروع الثورات في تاريخ البشرية في العصر الحديث.

لقد بينت المواقف الدولية المترددة و العاجزة عن خلل فظيع في منظومة القيم و الأخلاق و التعامل بحيث أضحى المجرمون أحرارا والأحرار تحولوا لرهائن وعبيد وعرضة للقتل و التدمير و الإستئصال، ولا بديل أبدا عن إستمرار الثورة الشعبية حتى النصر التاريخي الذي سيحققه أحرار الشعب السوري مهما بلغ حجم التضحيات و تكالبت على السوريين المصالح الدولية المنافقة، لابديل أبدا عن خيار إستمرار المقاومة والمطاولة حتى النهاية فهو الخيار الأوحد فالنظام لايفهم سوى لغة القوة وأي حديث عن تنازل طوعي للنظام هو حديث خرافة لايعتد به لأن حجم الثأر بين النظام والشعب أصبح شاسعا للغاية لايمكن معه أي نوع من أنواع التطبيع، المعركة في سوريا هي دولية الأبعاد وقرار إسقاط النظام دوليا لم يصدر بعد فالخدمات التي قدمها آل الأسد لأعداء الأمة هي خدمات تاريخية لايمكن للقوى الدولية الفاعلة تجاهلها.

كما إن عدم الإطمئنان للقيادة البديلة في الشام هو أمر يلعب النظام على أوتاره برشاقة ومهارة خصوصا و إن مؤسسته الفاشية العسكرية لم تزل متماسكة نوعيا وقادرة على إحداث المزيد من الخسائر الموجعة بالشعب الحر الثائر، وقضية عدم إضطلاع المجتمع الدولي بتوفير مناطق آمنة في العمق السوري هو واحد من أبشع وجوه تلك المؤامرة الدولية... من ينقذ الشعب السوري من جحيم المؤامرة؟... ذلك هو التساؤل الملح..

[email protected]