من مدة عانيتمن ألم في الكتف بسبب ما يسمى بـ ( الكتف المتجمد ) و نصحني الطبيب وقتها باتباع العلاج الفيزيائي بغية ان تعود العضلات الى وضعها الطبيعي، وكنت اشعر بالمضايقة من جراء ما اعانيه من هذا ( التجمد ) ولكن شعوري بالألم خفّ وشعرت بالرضا حينما رأيت بعض المصابين بـ ( تجمد العقل)، هذا المرض المدمر الذي تكمن خطورته بأنه مرض (غير مؤلم ) فلا يدري صاحبه بأنه مصاب مثلما يشعر المصاب ( بتجمد الكتف ) فيدفعه (الألم ) للبحث عن علاج، اضافة الى ذلك ان اسوأ ما يلحق بصاحب الكتف المتجمد هو ان حركة كتفه تكون محدودة ويمكن تعويضها نسبيا بمساعدة الكتف السليم الآخر.

في حين ان صاحب ( العقل المتجمد ) لا يوجد لديه عقل آخر يستعين به لتعويض خسارته، ولا ننسى ان المصاب بتجمد العضلات يبتعد عن كل ما من شـأنه ان يتسبب في سوء حالته، في حين ان المصاب بتجمد العقل يزيد من حالة تجمده العقلي بتبني المزيد من المقولات والافكار المتخلفة والسقيمة فيقع في حلقة مفرغة لانه كلما زاد عقله تجمداً ازدادت قابليته على تقبل التافه من الافكار والمبتذل من الإعتقادات، و يضاف الى كل ما سلف ان تجمد الكتف مرض غيرمعدٍ في حين ان ( تجمد العقل ) مرض معدٍ، فصاحبه ينقل الكثير من متبنيات ومعتقدات عقله المتجمد الى المقربين منه( عن طريق التلقين والقدوة )لا سيما الاصدقاء و افراد عائلته وخاصة أولاده اليافعين الذين يعتبرونه ( القدوة ) وكذلك الزوجة التي غالبا ما تكون في افكارها نسخة مطابقة لافكار زوجها لأن ذلك يُدخل ضمن مقولة (حسن التبعل) والطاعة العمياء التي ترفضها الديانات وثقافات التنوير.

وبمرور الزمن تنغرس بعض هذه الافكار الكسيحة فيهم فتساعد على اصابتهم مستقبلا بـ ( تجمد العقل ) اوببعض اعراضه. والمتجمدون عقليا تسيطر عليهم فكرة خطيرة تزيد الطين بلة، وهي انهم يعتبرون (الآخر) المخالف لهم في الرأي، عدوا يتحاشون الالتقاء به او التحاور معه، في حين لا يرى ذلك مرضى الكتف المتجمد بل لا يترددون في طلب مساعدة الآخر والاستفادة مما عنده من خبرة تنفعهم وتخفف معاناتهم. والمتجمدون عقلياً يُرحلون التفكير الى من يفكر بالنيابة عنهم، وهناك مقولة تؤشر الى هذا الاتجاه، ( خليها برقبة عالم واخرج منها سالم ). وهم بنفس الوقت يميلون الى تقليد الآخرين، لأن التقليد لا يحتاج الى تفكير.