quot;إذا كان خصمك صاحب ضمير فاتبع غاندي واللاعنف. أما إذا كان عدوك، مثل هتلر، عديم الضمير فاتبع عندئذ بونهوفر.quot; مارتن لوثر كينغ

عقب مجزرة الحولة انفجر الغضب الشعبي ليفتح باب الكراهية والرغبة بالانتقام على مصراعيه في وقت لا زال المجتمع الدولي يراوح مكانه فيما الدول غارقة في quot;تحالفات انتهازية quot; تقدم فيها المصالح على كرامة الانسان. وكي لا نقع في دائرة رد الفعل السريع والمباشر لهول مجزرة يقف الحليم تجاهها حيرانا مصدوما عاجزا عن التفكير فاننا لا بد من تسجيل نقاط بهدوء ورويّة؛ وهل لازال الحل السلمي والعمل اللاعنفي ممكنا في ظل انعدام كل القيم الاخلاقية؟

oالى الآن لا زال quot;النظام السوريquot; كما كان يرفض الاعتراف بكل من تسول له نفسه الاعتراض ولا يجد غير الخيارالعسكري من أجل الحفاظ على نفسه؛ واما الاصلاحاتquot; التي حاول اجراءها بغض النظر عن كل تفاصيلها وتداعياتها وبغض النظر عن كونها اصلاحات فلوكلورية شكلية فهي وان كانت quot;حقيقيةquot; فهي لا ترقى لمستوى الأحداث ولا تقدم حلولا جذرية بحال من الاحوال.

oلم يتحقق من خطة كوفي عنان وبنودها شيئًا وأهمه وقف العنف، بل ازدادت وتيرة القتل اليومي اللامبرر بشكل واسع ناهيك عن الاعتقالات التعسفية، ولم يغير وجود المراقبين الدوليين من عنف الاحداث شيئا.

oالمجتمع الدولي الى الآن لم يبلور خطوات واضحة المعالم حيال الأزمة السورية والدول الاقليمية والقوى النافذة لم تعقد سوى quot;تحالفات انتهازية quot; تتوافق مع مصالحها الاقتصادية لا مصلحة البشر، وفي تقرير العفو الدولية اشار امين عامها بالقول :quot;امتد تقاعس القادة إلى شتى دول العالم خلال العام الماضي، إذ كان السياسيون المسؤولون يواجهون الاحتجاجات بالوحشية أو باللامبالاة. ويتعين على الحكومات أن تبرهن على شرعية وجودها في موقع القيادة، وأن ترفض الظلم، وذلك بحماية المستضعفين والحد من نفوذ الأقوياء. لقد حان الوقت لإعطاء الأولوية لمصالح البشر قبل مصالح الشركات وللحقوق قبل الأرباحquot;.

oأدان الجميع دون استثناء مجزرة الحولة بما فيهم quot;النظامquot;، ولكن الادانة لا تعفي من تحمل المسؤولية، لأن ثمة من يملك القرار بوقف العنف وسحب الجيش، وثمة من يملك قرار بالتنحي، وثمة من يملك قرار بالسماح لوسائل الاعلام جميعها بتغطية الاحداث. ومن حق البشر ان يتساءلوا لماذا تستقيل حكومات في دول لمجرد اهمال احد افرادها فيما تبقى انظمة نصف قرن وهي تدعي quot;الصلاح والنجاحquot; الدائم، فتعرّض لوحة فنية اثرية للاهمال في الدول الغربية تؤدي الى اقالة وزير وتعرضه للمساءلة؛ وذبح اكثر من 50 طفل في يوم واحد لا تستوجب مساءلة احد في انظمة احترفت اهانة شعوبها. فمن يتحمل مسؤولية دماء الأبرياء ؟ من يتحمل مسؤولية إهدار الطفولة؟ ومن يتحمل تبعات العنف والعنف المضاد؟ من يتحمل مسؤولية تعذيب السجناء؟ من يتحمل مسؤولية الاختفاء القسري ؟ من يتحمل مسؤولية المخطوفين ؟

oيرى بعض المفكرين ممن يسيرون على خطى غاندي ان لجوء من يريد الحرية الى العنف سوف يساهم في استمرار النظام القائم التنصل من مسؤوليته تجاه الابرياء ويبرر استعمال العنف واعمال القتل بحجة تأديب الثوار الذين يوصفون ب quot;الخارجيين عن القانون quot;.

ولطالما كنا دعاة لاعنف ولكن ما هو العمل حيال خصم فقد كل معايير الاخلاق والضمير؟
يحلل مارتن لوثر كينغ الزعيم اللاعنفي الأميركي أزمة الأخلاق في مواجهة الشر بمقولته quot; ان كان عدوك عديم الضمير فاتبع بونهوفر quot; ويشير ديميتري افيرينوس ان ديتريش بونهوفر مفكر ولاهوتي ألماني نشط في المقاومة الألمانية ضد النازية في أثناء الحرب العالمية الثانية. ونظرًا لهول ما رأى من ممارسات النازيين، فقد توصل إلى قناعة مفادها إن العنف يصير مبررًا أمام شر مطبق، وإن محبة القريب تقتضي حمل مسؤولية شخصية عن حياته. وقد التزم هذه القناعة منخرطًا في خطة موضوعة لاغتيال هتلر، لكن الاستخبارات اعتقلته، وفي 9 نيسان 1945 دفع حياته ثمنًا لقناعته في معسكر فلوسنبورغ.

ولسنا بأي حال من الاحوال ننحى الى تبرير اي شكل من أشكال العنف، وربما من المناسب اليوم واكثر من اي يوم مضى ان يتخطى الشعب المظلوم القيام باي ردة فعل عنفية ميؤوس منها والعمل على التوعية بأهمية القيام بعصيان مدني تام والحداد العام مما يجعل أصحاب الشرور امام مأزق اخلاقي حقيقي، فعمق المأساة ستضع كل صاحب ضمير مهما كانت مرجعيته الثقافية ورؤيته السياسية امام ضرورة الكف عن تمسيح الجوخ ووقف كافة اشكال التعاون مع مرتكبي المجازر.

http://www.facebook.com/Marwa.kreidieh.Writer