-1-
الموقف الايراني
نحن نعيش أجواء الثورة السورية المستمرة حتى إسقاط نظام العصابة الأسدية، التي سجلت الشعب السوري في التاريخ العالمي، كشعب قام بأعظم ثورة في هذا التاريخ، لعدة أسباب كنت وغيري من الكتاب السوريين قد قاربناها في مقالات كثيرة، وقدمنا دراسات تستند إلى احصائيات ووقائع عنيدة لاتقبل الشك، وتفنيد للقوى على الارض..مع ذلك من باب الموضوعية نقول: أنه لاتوجد ثورة في التاريخ، ولن توجد أيضا، ستكون خالية من الأخطاء ومن الانتهازيين ومن الوصوليين..الخ لا توجد ثورة تواجه بهذا العنف وهذه الهمجية التي قل نظيرها في التاريخ، ويمكن أن تستمر دون الرد بالمثل او الدفاع عن النفس بالعنف، لقد دفعت الثورة السورية أكثر من 3500 شهيد من خيرة شبابها قبل أن تطلق طلقة واحدة على جيش العصابة الأسدية وشبيحتها وأجهزتها الأمنية،وللآسف غالبية عظمى من معاهد ومراكز البحوث في العالم عموما وفي الغرب خصوصا تسجل هذا العنف باسم الطائفة العلوية في سورية. نحن لانتحدث عن بعض صحافة عابرة لها اعتبارات وقتية أو لحظية، نحن نتحدث عن دراسات وبحوث تسجل وتبنى عليها قرارات دولية عديدة، كما تبنى عليها خيارات إدارات حاكمة في دول كبرى، بما فيها روسيا والصين وإيران وإسرائيل حلفاء العصابة الأسدية الحاكمة..

الضمير بتعريف مبسطquot; هو قدرة الإنسان على التمييز، فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل ، وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية ، وإلى الشعور بالإستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية ، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة إختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدي كل إنسانquot;.

عندما ينعدم الضمير، بما هو مجموعة من القيم الأخلاقية المعروفة، والتي تشكل فضاء لمواقف، تنشد الحقيقة، مهما كانت هالات الشك التي تحيط بها من جهة، ومن جهة أخرى تحاول على الأقل التعاطف الانساني مع من يقع عليه التدمير والقتل...كتب الصديق عيسى بريك تعليقا على إثارة قضية لواء اسكندرون من قبل بعض الناس:quot;تقول حمص عم تنحرق بقولوا لك ليش ما بتحكي عن لواء اسكندرون؟ بتقول درعا تنهب، وتحاصر، ويقتل شبابها واطفالها وتنهب ارزاقها.. بيقولوا لك احكي عن غزة..اذا ولادي واهلي وجيراني واهل حارتي ومدينتي يذبحون، لازم انسى واتحدث عن غزة، رغم اهمية ذلك او عن غونتانامو او سجن ابو غريب....بكل اسف محاولات البعض مكشوفة للتغطية على جرائم النظام بقصد او دون قصد.ابو الراسمالية على ابو الشيوعية على ابو كل الايديولوجيات بممن فيهم الدينية والعلمانية.. بيكفي الشعب يذبح من قبل نظام خائن وفاجر ومارق وقاتل...ما بيكفي والله عيبquot;.

هذه عينة عن قلة الضمير التي تلازم، بعضا ممن يريد النيل من الثورة السورية...والعينة الأخرى أيضا عندما تتحدث عن هذا القتل المزركش بإيقونات مولدة للتطييف، يقولون لك: لماذا لاتتحدث عن ثورة البحرين؟ وكأن قدر الشعب السوري أن يتم ابتزازه دوما، بطرائق تحمل من البشاعة الأخلاقية، وقلة الضمير، ما لم يتعرض له شعب في العالم.
بعد هذه المقدمة السريعة، سنتعرض في سلسلة من المقالات لكل حالة من حالات قلة الضمير هذه، وسنبدأ من إيران..

إيران دولة وصاحبة مشروع يريد قيام نظام إقليمي لها فيه حصة الأكبر، وتستخدم كافة الوسائل المتاحة من أجل تحقيق ذلك. ويدعي القائمون على هذا المشروع أنهم دولة إسلامية تتبع نظام ولاية الفقيه، ويصرفون جهدا جبارا على كافة الصعد لكي تحوز هذه الدولة على تمثلين: الأول- عام تحاول من خلاله أن تحوز على التمثيل الاسلامي، وأنها النموذج الذي يجب أن تقتدي به كل الدول الأخرى. والثاني- خاص تحاول أن تكون ممثلة لكل ابناء الطائفة الشيعية في العالم..ويتداخل هنا البعدان، بطرائق متعددة وفي كل بقعة أو بلد على حدا..

فكيف تبدو قلة الضمير مجسدة بأكثر صورها نموذجية...الاسلامية الإيرانية اعتمدت فيما اعتمدت من مقولات على مقولةquot; المظلوميةquot; عائدة للتاريخ حتى ثورة الامام الحسين رضي الله عنه..المظلومية التي من المفترض تأسيسا نظريا وشعبيا أنها تقف لجانب المظلوم وتسعى لنصرته..فتتوسد الحقيقة كمرجع لوقوع هذه المظلومية على طائفة أو فئة، بغض النظر الآن عن صحة هذه العودة للتاريخ من عدم صحتها، إلا أنه من المفترض وحسب الزعم والادعاء، أن القائمين على المشروع يتمسكون بالقيمة ألأخلاقية لهذا المعنى، وكرجال دين قبل أن يكونوا سياسيين، وكساسيين قبل أن يكونوا رجال دين أيضا حسب الادعاء..هؤلاء جميعا يعرفون ويتحدثون في سرهم وأحيانا في علنهم: أن العصابة الأسدية الحاكمة لسورية، هي عصابة فاسدة ومجرمة،حتى قبل الثورة، فإذا كان حلفاء هذه العصابة من الدول ألأخرى لهم مصالح، كحال روسيا، يستندون في تعاطيهم إلى معطى مصلحي سياسي، لاسند أخلاقي له ولا سند ديني..فكيف يمكننا تطبيق هذه المعادلة على السلطة في إيران؟ هذا سؤالي الأول، وسؤالي الثاني والأهم: كيف يبررون موقفهم دينيا وأخلاقيا بوصفهم رجالات دين، من المفترض أنهم يقفون في صف المظلومية؟ فهل تبيح التعاليم الدينية التي يحملونها، الوقوف مع المجرم ضد الضحية؟ ام كما يفسر بعض الناس الأمر، أن البؤرة الباطنية للعقيدة تبرر ذلك؟ في موقف أئمة إيران مع العصابة الأسدية، واصدارهم فتوى بذلك، إنما يقومون بالانتقال نهائيا لمرحلة تمويت الضمير الأخلاقي، لعقائدهم ولممارساتهم السياسية من أجل هذه العقائد، فتصبح السياسة ومصالحها محركا للدين والعقيدة والدولة، بالتالي تهافت كل الحديث عن تمثيلية ما للمظلومية التاريخية التي يتحدثون عنها..وإما على مبدأ انصر أخاك ظالما أو فاسدا، مظلوما او مفسودا!!!! بناء على المعطى الطائفي...وبالتالي انهيار أي بعد أخلاقي لهذا الموقف، لأنهم حتى باعترافات احمدي نجاد الرئيس الإيراني قبل عدة أشهر أن على العصابة الأسدية أن توقف القتل، وتلبي مطالب شعبها..فهل كان هذا التصريح للتداول المجاني فقط؟ فكيف لرجل دين أن يخون دينه؟
الموقف الايراني الذي استخدم الورقتين الطائفية والمالية في التعاطي مع تنفيذ مشروع تمدد نفوذه الاقليمي، يتجلى في دعم العصابة الأسدية، بموقف لا يشابهه موقف آخر في قلة الضمير..لسبب أن كل الآخرين يتحدثون ان دافعهم مصالح فقط، ليس دوافع دينية أو مظلومية، لكنهم يقولون عن هذه العصابة أنها فاسدة وترتكب الاجرام بحق شعبها.. اما رجال الدين الايراني بما فيهم مرشد الثورة السيد علي خامنئي يعتبر ان الدفاع عن هذه العصابة الأسدية هو واجب شرعي، ابعد ذلك يمكننا الحديث عن وجود حد أدنى من الضمير...لهذا قلنا قليل من الضمير مطلوبة..يتبع