الاصلاحات، الحرکة الخضراء، التطبيع و إعادة التأهيل، مصطلحات کانت متداولة بصورة غير مألوفة طوال الاعوام الماضية، وکان لکل واحدة منها مدلولاتها و معانيها و مخارجها الخاصة، وقد احتلت کل واحدة منها مساحة و بعدا متميزا في الاعلام الاقليمي و الدولي، إذ کان يعول على إحداها او إثنتين منها او کلها في إحداث التغيير المناسب و المرجو في بنية النظام الايراني.

المصطلحات الثلاثة آنفة الذکر، لم يعد لها أي حضور يذکر في الاعلام بعد أن کانتquot;حديث الدنيا و شاغلة الناسquot;، وبدلا منها بدأت وسائل الاعلام المختلفة تردد مصطلحات جديدة من قبيلquot;التغيير في إيرانquot;، quot;الربيع الايرانيquot;، quot;تطبيق العقوبات الدوليةquot;، quot;المقاومة الايرانيةquot;، ولم يکن حدوث هذاquot;الانقلابquot;الملفت للنظر في المصطلحات المتعلقة بالقاموس السياسي الخاص بالملف الايراني مجرد مسألة إعتباطية او طارئة وانما هي في حقيقة الامر حاصل تحصيل مسار و نهج سياسي للنظام الايراني و التأثيرات و التداخلات و التنافرات المستخلصة و المستجدة من جراء ذلك.

الاصلاحات في ظل نظام ولاية الفقيه، ذلك المصطلح الذي حمل مشعله علي أکبر هاشمي رفسنجاني بداية الامر ثم أدلى بها الى محمد خاتمي و بهرت العالم لأعوام عديدة من دون أن يکون لها أي إنعکاس او تأثير على أرض الواقع، أما الحرکة الخضراء التي هي في الاساس إتجاه سياسي نابع من رحم النظام نفسه و يهدف الى إجراء عملية جراحية في بعض مفاصل النظامquot;من دون التأثير على بنيته الاساسيةquot;، فهي قد استنفذت أغراضها الاساسية بعد أن أثبتت فشلها في الکامل في قيادة و توجيه الانتفاضة الشعبية الايرانية عام 2009، وإنطوت و إنکفئت على نفسها و لم تعد سوى شئ من الماضي ان صح التعبير، وفيما يخص تطبيع العلاقات الدولية مع النظام و إعادة تأهيله، فهو أمر أدرك المجتمع الدولي إستحالته على الرغم من أن المجتمع الدولي قد قدم عروضا سخية و مغرية جدا للنظام من أجل ذلك کان أبرزها وضع منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة ضمن قائمة المنظمات الارهابية، و قبل ذلك غض الطرف عن جرائم الاغتيال السياسي الذي قام به النظام ضد معارضين إيرانيين کورد في فينا و برلين، في سبيل أن يتجاوب النظام مع القواعد الدولية و يقبل بدوره المناط به على ذلك الاساس، غير ان نظاما تعود على منطقquot;تصدير الارهابquot;وquot;إثارة المشاکل و الازماتquot;، لا و لم و لن يکون في إمکانه أبدا التعايش و البقاء في أجواء يهيمن عليها الامن و الاستقرار وانما يريد أن يقبل به کعضو في المجتمع الدولي بقوانينه و شروطه الخاصة وهو بطبيعة الحال مالايمکن القبول به أبدا، ولذلك فإن هذا المصطلح قد بات في نهاية المطاف مصطلحا غير عملي و لايمکن الاستفادة منه بأي وجه من الوجوه.

النظام الايراني و أنصاره و مؤيديه، يسعون بکل مافي وسعهم من أجل عدم القبول بالامر الواقع و يصرون على السباحة ضد التيار، لقد إنتهت المرحلة الذهبية من عمر النظام و هو يعيش الان مرحلة الصدأ و الزنجار لأن تآکله و تصدعه قد بدأ فعلا، وليس بإمکان مبتدئ بالسياسة أن يقول بأن قوة و مکانة النظام الايراني عام 1995 مثلا هي نفس قوته و مکانته عام 2012، حيث أن قوة الاعوام الماضية قد ذهبت الى غير رجعة وليس أمام النظامquot;کأي کهل يتصابىquot;، سوى الاستعانة إجراء الرتوشات و الفذلکات المناسبة على هيکله العامquot;وليس على بنيته فقد قضي أمرهاquot;، لکن(لايصلح العطار ماأفسده الدهر)، ومن هنا، فإن النظام على مشارف دخوله بوابة مفترق يؤدي الى طرق أهونها ترکه السلطة طواعية و خروجه بکرامته من الساحة السياسية لإيران، لکنه قطعا لن يفعل ذلك أبدا لأنه لايحمل ذرة حب و عطف و انسانية تجاه شعبه بل وحتى ليس بإمکانه أن يتحلى بشئ من أخلاق الشاه الراحل عندما إستسلم للأمر الواقع و ترك البلاد نزولا عند رغبة الشعب، وهو بذلك يقف بوجه سنن التأريخ و منطق التغيير، وأن النار الهادئة تحت الصفيح الايراني الساخن أساسا ستحرق في النتيجة أقدام النظام و تجبره على الانصياع ذليلا لذلك الربيع الايراني القادم قريبا و الذي بات ملالي إيران يشمون نسائمه منذ بدأت قوائم نظام بشار الاسد تترنح!