مسلسل quot;فرقة ناجي عطاللهquot; الذي قدم في شهر رمضان المبارك للمشاهدين في قنوات فضائية عديدة من بطولة الممثل المصري الكبير عادل امام ومجموعة من الممثلين المصريين والعراقيين والسوريين والصوماليين، قدم صورة سريالية لاحلام بعض العرب من خلال فرصية القيام بعمل بطولي خارق بسرقة مائة مليون دولار من اسرائيل، وهو ضرب من الخيال والوهم والسراب الذي مازال يعشعش في عقول البعض ومنهم الممثل امام ومخرج وكاتب المسلسل. ولا ينكر ان الكثير من العرب ومن خلال معايشتهم للصراع quot;الاسرائيليndash;العربيquot; طوال العقود الماضية وبعد الاتعاظ من اوهام الانتصارات الوهمية، قد تولدت لديهم قناعة تامة بضرورات التعامل بمصداقية ووفق المعطيات الواقعية والمنطقية مع الاحداث، ونكسة خمسة حزيران ومذبحة حلبجة لابادة الكرد وغزو الكويت والقمع الدموي للثورة السورية خير أدلة على انتكاسات النظام الذي قاد الشعوب العربية طوال أكثر من نصف قرن، بينما المسلسل بعد كل هذه المآسي للواقع العربي يعود من جديد ليجدد فكرة الانتصارات السرابية التي اتسم بها العرب في العقود الماضية. والمحطات التي مر بها المسلسل انطلاقا من مصر وفلسطين واسرائيل، وثم لبنان وسوريا، وثم العراق والصومال، مثلت المحور الاساسي للدراما المعروضة، ويبدو ان أغلب الطروحات السياسية التي طرحت وبالرغم من ضعفها وهامشيتها مثلت بدرجة كبيرة رأيا سياسيا مشتركا للسيد عادل امام والمؤلف والمخرج والخلاصة المؤسفة التي قدمتها الدراما هي ان العرب في القرن الحادي والعشرين ما زال تتحكم بهم اهواء واجواء الف ليلة وليلة. وألا بماذا نفسر هشاشة التفكير بالسيناريو البائس لعملية نقل مائة مليون دولار من تل أبيب الى دول اخرى تتحكم بها اجهزة قمعية أمنية وبوليسية ومخابراتية أكثر مما تتحكم بالدولة الديمقراطية في اسرائيل، والمؤكد ان التعامل بهذه الطريقة مع أحداث افتراضية وواقعية في المسلسل، كان بمثابة لعبة ساذجة وهشة للتفاعل مع تفكير وعقلية المشاهدين. والتحليل التمثيلي للاحداث التي مر بها العراق يمثل نكسة كبيرة للمسلسل وكوادره، والطريقة المتعمدة لجرح مشاعر العراقيين يمثل عملا متقصدا لتقديم العراق وشعبه بصورة مشوهة الى العرب، وتمثل طعنة مسمومة موجهة بتقصد لا يقبل الشك الى الشعب الكردي المكون الثاني بعد العرب في العراق من خلال تقديم الكرد كعملاء للدولة العبرية اسرائيل، وبنية مبيتة ومباشرة من قبل عادل امام، وفي وقت لا ينكر ان لهذا الممثل الكوميدي جمهور عريض في اقليم كوردستان، ولكن بعد هذا المسلسل لا اعتقد ان امام سيحظى بنفس الاهتمام لفنه وشخصه كالسابق لموقفه المتسم بالتمييز والعنصرية وبالكراهية تجاه الكرد في المسلسل. ولكن بالرغم من ما قدمه المسلسل من نية سيئة مبيتة تجاه الكرد، فان عرض الحالة الكردية من خلال قوة البيشمركة الكردية والعلم الكردستاني والنقطة الحدودية والشوراع والمطار والاسواق، يشكل حالة متقدمة لاطلاع وافهام العرب على ان الكرد بالحقيقة يعيشون حالة بناء دولة أكثر مما يعيشون حالة ملتصقة بالكيان العراقي، وهي في كل الأحوال مثلت صورة جميلة للعراق مقابل الصورة المأساوية لبقية المناطق العراقية خاصة العاصمة بغداد منها. ولكن ما يؤخذ على عادل امام ان المسلسل قدم الكرد كعملاء لاسرائيل من خلال بعض المشاهد، وان اربيل عاصمة الاقليم حاضنة للارهاب من خلال مشهد خطف الطائرة من اربيل الى صومال، بينما المدينة في الحقيقة خالية تماما من مظاهر الارهاب، ولا شك ان هذه المشاهد المفبركة قد تسيء الى العلاقة بين الكرد والعرب وبالتالي تمثل اساءة الى العلاقة التاريخية بينهما لا سيما وان الكرد يكفيهم فخرا البطل الكردي صلاح الدين الايوبي منقذ الامة الاسلامية والعرب من الاحتلال الافرنجي ابان الحروب الصليبية. وهنا لا بد لنا من القول، ان موقفنا معلوم من اركان الحكم والمسؤولين في الاقليم لاستغلالهم السلطة ونهبهم لممتلكات الشعب ومشاركاتهم المباشرة في الفساد الرهيب المستشري في الواقع الكردستاني، الا ان هذا لا يعني ان نغض الطرف عن الموقف المسيء والمتقصد للممثل امام ومسلسله quot;فرقة ناجي عطااللهquot;، ولهذا نطالب السيد عادل امام بتقديم اعتذار معلن الى الشعب الكردي في اقليم كردستان العراق، وتقديم اعتذار أيضا الى العراقيين لامتصاص غضبهم من الطرح والتحليل الطائفي غير الأمين والصادق في المسلسل للاحداث التي مر بها العراق. وفي الختام، نأمل ان تجد دعوتنا هذه اذانا صاغية من الممثل عادل امام ليقدم اعتذاره للكرد والعراقيين، والا بعكسه فان عادل امام بعد المسلسل لن يبقى عادل امام المحترم والمحبوب قبل المسلسل لدى الأغلبية العظمى من جمهوره في العراق وفي اقليمه الآمن كردستان. كاتب صحفي ndash; كردستان العراق
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات