المسيحيون ينتظرون هم الآخرون أملا يأتيهم ليخلصهم من عذابات الدنيا وظلم الجائرين والأمل عندهم يتمثل في شخص إسمه quot;جهوفاquot; وهو مسيح أو منقذ، لأنهم يعتقدون بأن الدنيا دخلت في الرذيلة وخرجت الدنيا بأكملها عن جادة الخيرفإشتعلت الحروب في مناطق كثيرة من العالم وضربت أمريكا في الحادي عشر من سبتمبر وإشتعلت حرب الخليج في العراق وقطعت الأشجار في الغابات وذاب الجليد في القطب الشمالي وكلها من علامات ظهور جهوفا. ولو ظهر جهوفا فسوف يلعب الأطفال مع الأسود وتلعب الغزلان مع النمور في جنان مفرحة تقام أعراسها على الأرض. ويبشر لهم بهذا الأمل مسيحيون من كبار السن أو بعض الأفارقة أو أشخاص من الشرق الأوسط هاربون من ظلم بلدانهم أو من ضائقات إقتصادية، وتطبع لهم مؤسسات غامضة الكتيبات الملونة وشرائح الدي في دي توزع مجاناً. يأتون ويطرقون الأبواب في أوربا ويتحدثون لأصحاب البيوت عن جهوفا القادم. ويعتقد البعض أن لهذه المجموعات أهداف سياسية ودينية تتمثل في تبرئة اليهود من دم المسيح. لهؤلاء المبشرين بظهور جهوفا بيوت معزولة لا أحد يعرف من يدفع لهم قيمة الإيجار. يجرون الإجتماعات بداخلها ويقوون معتقداتهم بقرب وصول جهوفا، وهم كلما حصل خراب في الطبيعة أو كلما إشتعلت حرب أجتمعوا وقالوا إقترب وصول جهوفا وستعم السعادة عالمنا بدلا من عالم الشر والأشرار. عند المسلمين من أهل السنة معتقد بوجود شخص ينقذ البشرية مستندين قولا لمحمد بن عبد الله رسول المسلمين، حيث جاء ذكره في ألحديث الصحيح quot;لا تقوم الساعة حتى يأتي رجل من أهل بيتي يواطئ أسمه إسميquot; وجاء أيضا quot;لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني أو من أهل بيتي يواطئ أسمه أسمي وإسم أبيه أسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجوراquot; ذلك يعني أن المنتظر إسمه محمد بن عبد الله، أي عودة شخص من شخصية الرسول ليوم واحد وهو دليل قيام الساعة. ولو تأخر وصوله لسبب ما فإن ذلك اليوم يطول بقدرة القادر! عند المسلمين الشيعة ثمة شخص إسمه المهدي، هو صاحب الزمان إبن الحسن العسكري، هو الإمام الثاني عشر، أبوه حسن العسكري وأمه نرجس وكنيته أبو القاسم. والقاسم هو أبن الرسول محمد الذي ولد وتوفي، ما يعني بأنه أيضا صورة الرسول. وقد ولد في سامراء بالعراق ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان عام 255 هجرية. بظهره شامتان، إحداهما تشبه شامة النبي محمد يلبس خاتماً في خنصره نقش عليه quot;أنا حجة الله وخاتمهquot; وسوف يظهر في مكة المكرمة بين الركن والمقام ويحمل راية كتب عليها quot;البيعة للهquot;. وفي الأساطير والحكايات الشعبية إن صاحب الزمان المهدي المنتظر سوف يسبق ظهوره شخصية يطلقون عليها quot;الأعور الدجالquot; سوف يأتي حاملا الطبل الكبير ينقر عليه وهو أعور ويرتدي طربوشاً يجول في المدن ويركض خلفه الصغار وتكون الدنيا خراب في خراب وهو يركض بين الخرائب والبيوت مهدمة والشوارع فائضة بالمياه الآسنة، والدنيا مظلمة ولا ضوء للقمر ولا للكهرباء والشوارع محفورة والنخيل ذابلة السعف والنار تشتعل في البيوت ثم يصل بعده المهدي المنتظر الذي يعيد الأمور إلى نصابها كاملة غير منقوصة فتعم السعادة على الأرض ويهرب القتلة واللصوص وتتلاشى القوى الغاشمة من على الأرض! كل هذه المعتقدات تدخل في إطار الفولكلور والأساطير، وهي حالة من إلغاء التبعة من الإنسان وإلغاء مسؤولية الإنسان عن العمل من أجل حقوقه والنضال من أجل المجتمع العادل. وقد إستثمر رجال الدين هذا المعتقد وخاصة في منطقتنا المتأخرة منطقة الشرق الأوسط وبشكل خاص في العراق الشيعي الجديد، إستثمرت أسطورة المهدي المنتظر كسلاح مشهر في وجه كل من يحاول العمل والتغيير السياسي والأصلاح الإجتماعي أو كل من يحاول حتى توجيه أصابع الإتهام نحو حكام العراق وحكام البرلمان الفاسدين من سكان المنطقة الخضراء. في الغرب صارت الحكاية ظريفة وتبشيرية سلمية. نساء أنيقات ورجال متقاعدون يلبسون القبعات وبعض الشابات من أفريقيا يصبحون أو يمسون على البيوت ويهدونهم الكتيبات. فمن شاء الحوار تحدث معهم ومن يرفض يغلق الباب مع كلمة شكر وكلمة وداع وإبتسامة. كان العراقيون والذين إعتقدوا بظهور المهدي صاحب الزمان، وتيقنوا بأنه سوف يخلصهم من صدام حسين وجوره وظلمة الذي بلغ الآفاق وقتل أبناءهم وسبى نساءهم وأكل خيراتهم ينتظرون المهدي لينقذهم بعد أن يظهر في المكة حاملا راية البيعة لله ويصل الكوفة والنجف من المملكة العربية السعودية، الحجاز سابقاً، فيتلاشى صدام حسين من القصر الجمهوري، لكن المنتظر لم يظهر في مكة بل ظهر في واشنطن وحرك قواته الفضائية في السماء طيراً أبابيل وصارت تقصف القصر الجمهوري بحجارة من سجيل وجعل صدام وأتباعه كالعصف المأكول. وصحيح كما ورد في الأساطير فقد سبقه بل ومشى قبله وأمامه ليس دجالا واحداً بل مجموعة من الدجالين وبدلا من أن يلبس الدجال الطربوش فقد لبس الدجال العمامة وصار يضرب على الطبل مبشراً بظهور المنتظر صاحب الزمان، فسلمهم الولاية وأختفي لكنه لم يمت حيث حسب الحديث سوف يعيش أربعا وسبعين عاماً وقد مضى منها حتى كتابة هذا المقال تسع سنوات ولكن للأسف لم تكن سعيدة كما المعتقد بل كانت سنوات عجاف والآتي أعظم! من الصعب علي تصور شخصية المهدي المنتظر مع أن الرسول في الحديث قد أعطى بعض صفاته إذ رواه صحيح البخاري قائلا quot;يشبه النبي في الخلق ولا يشبهه في الخلق. أجلى الجبهة أي منحسر الشعر على جانبي جبهته، أفنى الأنف وقيل بأن فيه طول ودقة في أرنبته مع حدب في وسطه فليس حادا في قمته وليس أفطساquot; وجاء في صفاته أن وجهه كوكب دري، أجلى الجبهة أفنى الأنف أفرق الثنايا ومن صفاته أيضا إنفراج فخذيه وتباعد ما بينهما. لونه لون عربي، عليه عباءتان قطوانيتان، يخرج وعلى رأسه غمامة فيها ملك مناد ينادي هذا المهدي خليفة الله فأتبعوه. يبايع بمكة، ثم يذهب إلى الشام وخراسان ثم يكون مقره بيت المقدس ويستقر هناك. لم تبرز الحكايات بأنه سوف يعرج على العراق، ذلك يعني أننا محرومون حتى من هذه النعمة الأسطورية! وطالما أن المهدي المنتظر حسب ما رسم له من مسار لن يمر على بلاد ما بين النهرين! ومن يضيء ليل الوطن بالكهرباء التي لعنوا مخترعها quot;توماس أديسونquot; من على المنابر لأنه بالكهرباء وحدها تعمل أجهزة التلفاز وهو شأن حرام. وقد شاهدت الأعور الدجال يلعن توماس أديسون من خلال قناة فضائية في كربلاء! أنا أيضا ألعن توماس أديسون ألذي أخترع الكهرباء وجعلني أسمع تلك اللعنة من خلال جهاز التلفاز! من يزرع حزام الوطن وخصره بالنخل بعد أن أحرقها الدكتاتور وأحرقتها الحروب.. من؟! سوف لن يظهر الإمام الحجة صاحب الزمان المهدي المنتظر، وحتى لو ظهر في الأسطورة والميثولوجيا فإنه لن يمر بالعراق وهكذا رسم مساره محمد بن عبد الله قائلا quot;. يبايع بمكة، ثم يذهب إلى الشام وخراسان ثم يكون مقره بيت المقدس ويستقر هناكquot;! وهذه الأكذوبة المستوردة ليست سوى غبار الأفيون ومسحوق الكوكائين وتبغ الحشيس وورقة القات التي تستنشقونها كل يوم لكي يبقى اللصوص والقتلة في منأى عن العقاب ولكي يبقى الوطن العراقي خانعاً في حاضرة ميتا في غده.. يبقى في منعزل من الكون قابعا في حفرة من الخوف يلتقط طعامه من صناديق القمامة لا يعرف ألف باء القراءة الخلدونية أو كتابتها، نساؤه ملفوفات بالجادور لا ترطب أجسادهن مياه المسابح ولا ينعش جدائلهن نور الشمس، وطن رجاله يدفعون عربات الأحمال كي ينقلوا من الشوارع أجساد ضحايا المفخخات نحو مدافن وادي السلام والعراق في حالة حرب ولن يزوره المنتظر ولن يلقي عليه التحية ويباركه ويبارك مجده التليد.. صرنا بقايا قوم.. صرنا بقايا وطن يحكمه من تسلطوا على وطن طيب أسمه العراق.. أخشى أن أقول quot;رحمه اللهquot; خشية أن نفقد بقايا بارقة الأمل! عودوا أيها المبشرون بمقدم صاحب الزمان، عودوا من حيث أتيتم فإنه سوف يمر بخراسان في طريقه للقدس وأنتظروه هناك، وهو لا يعرف مدينة البصرة ولم يسمع بمدينة الرمادي وما عرف النجف ولا كربلاء ولم يسمع بوطن أسمه العراق، وهو ليس سوى حكاية أسطورية يرويها قراء المنابر السوداء ويشغلون بها الناس ويضحكون عليهم فيبكون.. وما تبقى لكم! كاتب وإعلامي عراقي مقيم في بريطانيا
للكاتب المسرحي quot;صموئيل بيكتquot; مسرحية عنوانها quot;في أنتظار غودوquot; وغودو هو الأمل بحصول شيء يخرج الإنسان من الخوف واليأس، لكن جودو في المسرحية لن يأتي. ومن الأسم جودو فالمعني هو الله،. يبقى بطل المسرحية واجماً دون أن يأته شيئاً وعليه أن يجد مصيره وأمله بنفسه، فعلام الإنتظار!؟
حقيقة الأمر أن حكاية المهدي المنتظر اليوم لم تعد حكاية إسطورية ولا هي من الفولكلور والميثولوجيا، بل أنها باتت حقيقة مادية تسود االوطن العراقي الذي حل به الخراب. فالمهدي المنتظر الذين يتيقن الناس بظهوره يوما يقينا راسخاً يحول دون الحاجة للعمل من أجل إصلاح الخلل في الوطن وهي لعبة أتقنها أصحاب العمائم في العراق وقراء المنابر السوداء، ومن خلالها ينأى اللصوص عن المحاسبة لأنهم سوف يكونون تحت قضاء المهدي يحاسبهم ويعاقبهم على ما فعلوه، وعليهم إعادة ما نهبوه من المصارف البريطانية والسويسرية وسيتم إعادة الأموال المنهوبة وتحويلها للعراق عبر الأون لاين وفي ذات يوم ظهور صاحب الزمان. فأطمئنوا أيها الوزراء العراقيون ويا أعضاء البرلمان سيداتي وسادتي من أن الحساب باطل والمساءلة ليست قانونية لأنها ليست سماوية. لا يحق لأحد محاسبتكم سوى المهدي المنتظر صاحب الزمان والعلم عند الأعور الدجال الذي يسبق ظهوره ويعطيكم الأمان!
ترى من يصلح المجاري ويخلص العراق من مياه التصريف التي تزكم الأنوف وتملأ هواء الوطن عفونة على مدى جغرافية العراق.. من؟!
من يشيع أغاني الفرح بديلا عن مواويل الندب والحزن والإكتئاب.. من؟!
من يعيد للأهوار ماءها وأسماكها وسيمفونية الضفادع عند الفجر.. من؟!
من يبلط شوارع المدن التي أكلت قارها جنازير الدبابات الثقيلة والمدرعات المهلكة.. من؟!
من ينظف ماء دجلة والفرات وشط العرب ونهر ديالى من المواد الكيميائية الراكدة في جوفها.. من؟!
من يبني مدارس البنات والأولاد ومن ينشد نشيد موطني..من؟!
من يخرج الخبز من التنور ويطعم الأيتام في نور الصباح.. من؟!
من يموسق نواح الأمهات في حضرة الحسين يا غريب كربلا ترجع كل غريب إلى وطنه.. من؟!
من يبلغ مداه في عشقه للوطن الذي يحتضر.. من؟!
من صاحب الذراع القوية الذي يرفع الفأس كي يهدم إسمنت المنطقة الخضراء الملعونة والمسكونة بالأشرار.. من؟!
من يضع الباغي في قفص الأتهام.. من؟!
من يعيد للصبايا المغتصبات عذريتهن ويفرح بريق العيون الدامعة.. من؟!
من يهز جذوع النخيل ليساقط علينا رطباً جنيا.. من؟!
من يعيد للعراق شرفه المغتصب وأجساد الشقاة النتنة تهتز فوق جسده الترف.. من؟!
من يعرف حسابات الزمن ويخاف التباطؤ والنوم والكسل.. من؟!
من يعرف معنى الأمن ومعنى الحرية ومعنى الطمأنينة فيفتح السجون للقتلة والمدارس للمواطنين، بدلا من أن يفتح المدارس للقتلة والسجون للمواطنين.. من؟!
من يعرف معنى بيت مال الوطن المتخم بثراه وثرائه.. من؟!
من يرفع الحجاب عن البغاء.. من؟!
من يوقد الكانون في مواقد الشتاء.. من؟!
من يهب النسمة في صيف العراق.. من؟!
من يمنع كواتم الصوت المشهرة ضد أهل المعرفة ويكتب على بيوت العلم لافتة تقول: قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا.. من؟!
من يفتح أبواب المسارح ويضيئ شاشات السينما لنرى من جديد مشرب الشاي تحت ضوء القمر.. من؟!
من يمنع أصحاب المنابر السود من نشر الخرافات في عقول الجيل ويترك الأبناء مأخوذين شاردي الفكر جياعا لا يفقهون.. من؟!
من يعيد للمغتربين أحلامهم بالعودة إلى وطن سعيد.. من؟!
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات