ما عادت عيون باكية، ولا قلوب متألمة، ولا عقولا مدركة لقضايا أمتنا الإسلامية. فلا زالت أرواحنا تزهق في كل بلاد الدنيا بلا ثمن. فهل يتخيل مسلم أن إخواننا يُحرقون في بورما ويغرقون في بنجلاديش ويقتلون في كشمير علي أيد بوذية أو مدعومة من البوذيين ثم نكافئهم بتحويلات مالية لعمالتهم في بلادنا العربية الخليجية المسلمة بأكثر من 160 مليار دولار سنويا!
ففي دول الخليج العربي جنسيات تتراوح بين 70 إلى 120 جنسية، بحسب الدولة وحجم العمالة الوافدة فيها وهي جنسيات تتكلم 50 لغة مختلفة، ولديها 600 مدرسة خاصة بجالياتها (200 منها هندية)، ولها كنائسها وصوامعها ومعابدها واحتفالاتها وأعيادها وهمومها ومشاكلها.
وفي دول الخليج العربي، ووفق احصائيات دولية ستصبح العمالة الوافدة في العام 2030 أغلبية مطلقة في معظم الدول. أغلب هذه العمالة من الدول الآسيوية وبخاصة الهند والصين والفلبين والبنغال وتايلاند، ففى إحصائية نشرتها منظمة العمل العربية أن العمالة الوافدة تشكل 80% من سكان دولة الإمارات و 72% من سكان قطر و 63% من سكان
أبوبكر أبوالمجد
الكويت بينما تنخفض فى بلدان مثل عمان 27.3% والسعودية 32.1% والبحرين 38.2%، وذكرت الدراسة أن القطاعات الإنتاجية الرئيسية والخدمية منها تحت سيطرة هذه الفئات، ويشكل الهنود وحدهم ما نسبته 53.3% من هذه العمالة، بينما تشكل العمالة العربية نسبة لا تزيد عن 12%.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن تقديرات البنك الدولي أن تحويلات العمالة الآسيوية تصل إلي 9% من الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج، وهي أعلى نسبة تحويلات في العالم.
فعمال ثماني دول آسيوية يدينون بالبوذية، ويقيمون في الخليج يحولون لبلادهم نحو 166.5 مليار دولار سنوياً!، سيطرت الهند على حصة الأسد فيها بـ 55 مليار دولار تليها الصين 51 مليارا والفلبين 21.3 مليارا وبنجلادش 11.1 مليارا وفيتنام 7.2 مليارات دولار وإندونيسيا 7.1مليارات وتايلاند 4.4 مليارات دولار.
وتوظف دول الخليج أكثر من 11 مليون عامل مغترب من بينهم ما يقدر بنحو 8 ملايين شخص من بلدان جنوب وشرق آسيا. والهند وحدها لديها 4.9 ملايين من العمال والمديرين في دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي الإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والسعودية.
وهذا يوضح التأثير الكبير لشبه القارة الهندية على مجمل الأوضاع الإقتصادية والثقافية فى الخليج، والأمثلة كثيرة منها أن العملة الأكثر تداولا فى هذه الدويلات حتى عهد قريب كانت الروبية الهندية وطوابع البريد كانت كذلك هندية وكثيرمن الخليجيين كانوا يتكلمون الهندية والأردية وتداخلت كلمات كثيرة فى لهجاتهم المحلية منها ألفاظ مثل سيدا ( بمعنى على طول ) ودريشة ( بمعنى شباك ) وغيرها، كما كان الخليجيون يدرسون فى الهند ويتعالجون فيها، وما زال لهذا الوضع حضورا قويا فى معظم هذه الدول.
ودعم الهند للنظام القائم في بورما ومعها الصين واضح ومعلوم، فالهند هي جسر السلاح الواصل بين الصهاينة والنظام البورمي بقيادة ثين سين، والهند أيضا هي صاحبة نصيب الأسد من أموال إخواننا بالخليج!
المصيبة أن المغتربين البوذيين لم يعودو مجرد عمالة وافدة، وإنما تغلغلوا في شرايين الاقتصاد وأصبحت مالكة! ففي قطاع الإنشاءات علي سبيل المثال والذي يساهم بأقل من 10 في المائة من الناتج القومي لمعظم دول الخليج، لكنه مسؤول عن جلب 40 في المائة من العمالة الوافدة، ورغم تأثر القطاع بسبب الأزمة الاقتصادية بدرجة 70% هبوطا حينئذ، إلا أن العمالة الأجنبية لم تتناقص، بل زادت!، والأدهي هو سيطرتها على السجلات التجارية، إما مباشرة أوعن طريق الكفيل المحلّي.
فأين الخطر؟
بدأ الكلام عن مطالبة الوافدين بحقوق لهم في الدول التي ساهموا في بنائها، كحقهم في الإقامة الدائمة وما يترتب عن ذلك من حقوق المواطنة والترشح والإنتخاب في مختلف هياكل الدولة، بما في ذلك البرلمانات ومجالس الشورى، بحيث يكون تمثيلهم في مستوى حجمهم.
وفي بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها نواب ووزراء من الجاليات الأجنبية، لكنهم لا يتعدون حتى 3 % من السلطة التشريعية أو الحكومة، أما في الخليج لو أعطيت الجاليات الوافدة حقوقا سياسة وحدثت انتخابات تشريعية، فلنا أن نتصور مقدار ما يتبقى من القرار السياسي للمواطنين الأصليين!
ولماذا يقبل الخليجيون بهذه المطالب؟
هناك اتفاقيات تابعة لمنظمة العمل الدولية، وقعت عليها دول الخليج، مثل اتفاقية رقم 97 لسنة 1949 وتسمى quot; اتفاقية بشأن العمال المهاجرين quot; مختصة بحقوق العمالة المهاجرة في دول العالم. وأهم ما تنص عليه الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بالعمالة المهاجرة هي حقها في اكتساب الجنسيّة. ولن يكون غريبا، إذا استمرّ الأمر على حاله لسنوات أخرى، أن نجد برلمانيين ووزراء، بل وأمراء من البوذيين والسيخ والهندوس على رأس بعض المشايخ أو الإمارات بل حتى المملكات الخليجية. وبذلك تضيع الهوية ويضيع الوطن وتضيع الأمة بسبب تسونامي البوذيين الذي لم ننتبه لقدومه بعد!
التعليقات