مما لا شك فيه، أن الدافع الكبير للحراك الشعبي الأردني في 2012 خاصة ، كان الأزمة الاقتصادية، الذي زاد من حدتها رفع اسعار المحروقات والغاز. وهناك من المحللين (كالمحلل السياسي والاقتصادي الأردني هاني حوراني.) من يعتبر أن الأزمة الاقتصادية ليست وليدة سياسات اقتصادية، بقدر ما هي أزمة نهج الطبقة الحاكمة. فهذه الطبقة وجدت مصالحها في تعميق ارتباط البلاد بالإمبريالية، انطلاقاً من حقيقة أن مصدر قوة هذه الطبقة من هذا الارتباط.
الطابع الريعي للدولة الأردنية
على أن الطابع الريعي للدولة الأردنية، الناجم عن تصديها لأداء الوظائف الاستراتيجية، لا يخدم مصالح البرجوازية البيروقراطية،ـ في جهاز الحكومة المدني والأمني والعسكري فقط، وإنما يخدم أيضاً مصالح الفئات الأخرى من الطبقة الحاكمة، وفي مقدمتها البرجوازية الكبيرة المالية، والتجارية، والعقارية، صاحبة المصلحة في الحفاظ على قدرة الدولة على ممارسة دورها كعنصر quot;معتدلquot; في المنطقة. لكن هذا بدوره، يُلحق الأذى والتدمير بأوسع الطبقات المادحة والشعبية في البلاد، ويعيق تطور قواها المنتجة، ويُضفي على الاقتصاد الأردني ككل صفة الاقتصادي الخدمي ndash; الكمبرادوري، ( الكمبرادورية هي الطبقة التجارية غير المنتجة، والتي هي وكلاء لشركات ومصانع أجنبية. وهو مُصطلح يُستخدم للتعبير عن نوع من الطبقات البرجوازية، التي تتبع أجندة خارجية - شركات أو بنوك عابرة للقارات مثلاً ndash; لتسيير، وإدارة مصالحها الداخلية.)، ويضفي على دخول القسم الأكبر من السكان، صفة الدخل الريعي، غير المنتج. إن تجاهل حقيقة أن الأزمة الاقتصادية في الماضي والحاضر، هي التعبير عن أزمة نهج، وتوجهات الطبقة الحاكمة، وكذلك الانغماس في البحث عن حلول اقتصادية من طبيعة فنية وتقنية، لن يقود سوى إلى خيبات جديدة.
كيفية التغلب على الأزمة الاقتصادية المستحكمة؟
فمن السذاجة، بل من العبث، افتراض امكانية التغلب على الأزمة الاقتصادية، بما هي أزمة هيكلية عميقة، بدون أحداث تغير حقيقي في هيكل السلطة والمجتمَّع، (وهذا ما سبق وقلنا في عدة مقالات. أنظر: شاكر النابلسي، كتاب quot;الهاشميون والأردنquot;.) لفتح الباب أمام أوسع الطبقات للمشاركة الكاملة في الحياة السياسية، وبسط رقابتها على مؤسسات الدولة. (هاني حوراني، أزمة الاقتصاد الأردني، ص 161، 162. ).
مراحل تطور المجتمَّع الأردني
هناك عدة مراحل لتطور المجتمع أهمها:
المرحلة الأولى( 1921-1948):
حيث كان الاقتصاد أقرب إلى الاقتصاد المعيشي، أو الاكتفائي. وكانت الرابطة العشائرية والعائلية هي السائدة. وكان عدد المنظمات الاجتماعية، لا يزيد على 50 منظمة. وعدد الأحزاب والجمعيات السياسية 12 حزباً ، وجمعية سياسية. وكان أشهرها وأكثرها فعالية quot;حزب الشعبquot;، الذي ظهر عام 1927 ، ولعب دوراً سياسياً كبيراً ضد المعاهدة الأردنية ndash; البريطانية، وقانون الانتخاب، والقانون الأساسي لشرق الأردن. ونُظم quot;المؤتمر الوطنيquot; الأردني الأول في 1928، وتحوّل فيما بعد إلى quot;حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمَّر الوطنيquot;. وقام المناضل الطبيب صبحي أبو غنيمة، (من أوائل المناضلين الأردنيين. درس الطب في المانيا. ونُفي إلى دمشق في 1936 ، وأصبح مركز المعارضة الأردنية في دمشق. وأسس في عام 1936 في دمشق quot;الحزب الوطني الأردنيquot;. وكان في الأردن في هذه الفترة حزبان: quot;حزب الإخاء الوطنيquot; وهو حزب حكومي. و quot;حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطنيquot; وتم حلّه عام 1944.) بتأسيس أول نقابة عمالية أردنية عام 1933. وفشل الصراع بين السلطة والشعب لصالح السلطة، بسبب قلة عدد السكان (225.350 نسمة)، وأن 46% منهم من البدو، والباقي كانوا في الريف والمدن. كما فشل الصراع، وأصبح لصالح السلطة، نتيجة لمسارعة السلطة في حل الأحزاب والتنظيمات الاجتماعية القائمة. وفي هذه المرحلة تأسست quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; عام 1946، وتأسس quot;حزب الشعب الأردنيquot; عام 1947، والحزب الحكومي (حزب النهضة العربية) عام 1947.
وفي المقال القادم سنستعرض باقي مراحل تطور المجتمع الأردني.
فإلى لقاء قادم إن شاء الله.
السلام عليكم.
التعليقات