اقترحت حكومة قطر تأسيس منظمة جديدة باسم quot; منظمة الدول المطلة على الخليجquot;، بمشاركة وعضوية إيران. والتبرير أن الحوار أفضل وسيلة لحل الخلافات.وكانت قطر قد سبق وأن استضافت من قبل أحمدي نجاد عند اجتماعات منظمة التعاون الخليجي العربية. وحين انعقد مؤتمر قمة حركة عدم الانحياز في طهران[ الحركة المنقرضة منذ سقوط جدار برلين]، سارع الخليجيون والرئيس المصري وغيرهم لزيارة طهران، فيما سماه أحد الكتاب في حينه ب:quot; موسم الحج إلى طهرانquot;.

الشعب الإيراني شعب تجمعه مع الشعوب العربية علاقات قديمة ووثيقة، والحوار والتعاون مع إيران من ضرورات العمل الدبلوماسي، ومن مصلحة الجميع. ولكن إيران اليوم محكومة بنظام الولي الفقيه الاستبدادي، التوسعي الذي يتدخل في شؤون جيرانه وأبعد منهم. ونظام الفقيه هو الذي يتصرف بما يتعارض مع أبسط متطلبات التعايش السلمي والحوار البناء مع الآخرين ما لم يكونوا مستعدين لقبول الأمر الواقع ولمسايرة هواء المطامع والحسابات العنصرية الإيرانية، المغلفة بالمذهب والدين.
دعوة قطر تأتي في وقت اكتشاف سفن محملة بالسلاح الإيراني في مياه اليمن والاتهامات اليمنية الرسمية لإيران بتسليح الحوثيين والتدخل في شؤون اليمن بإصرار. والمشروع القطري يأتي في الوقت الذي تمضي فيه إيران في مشروعها النووي العسكري، الذي يهدد الخليج أولا، مستغلة سياسات أوباما وطاقمه الجديد، تلك السياسات الميالة للانزواء والتراجع في الشرق الأوسط، والراغبة في عقد صفقة مع إيران على حساب مصالح أهل المنطقة وأمنها، بل وبما سيلحق الضرر حتى بالمصالح الأميركية نفسها مستقبلا. وقد أصابت راغدة درغام في تعليقها على خطاب أوباما عن quot; حال الاتحادquot;، وهو خطاب بلا موقف واضح من الأزمة السورية، أومن الخطر القاعدي في مالي وحواليها. إنه يتباهى بالانسحاب من أفغانستان دون أن يشير إلى أن طالبان وإيران سوف تملأن الفراغ، كما ملأت إيران الفراغ في العراق. هذا الانزواء والتراجع الأميركيان سوف يشجعان الدول والقوى المتطرفة، كإيران والقاعدة وأنصار ومليشيات وخلايا إيران في العراق ولبنان وغزة والخليج، كما يشجعان طالبان في أفغانستان وباكستان.
إن الدعوة القطرية تأتي أيضا بعد افتضاح التدخل الإيراني العسكري الكثيف في سوريا، والذي كان مقتل جنرال فيلق القدس هناك أكبر دليل صارخ عليه. وتأتي مع هذه الدعوة تصريحاتُ مهدي طالب، المسؤول عن مكافحة quot;الحرب الناعمةquot; الموجهة ضد إيران. هذا التصريح، الذي علق عليه طارق الحميد، يقول بالنص:quot; quot; لو خسرنا سوريا لا يمكن أن نحتفظ بطهران.. ولكن لو خسرنا إقليم خوزستان -الأهواز- سنستعيده ما دمنا نحتفظ بسورياquot;. ويذكّرنا الحميد بما كان يقوله كبار المسؤولين القطريين عن العلاقة مع إيران: quot;هم يكذبون علينا ونحن نكذب عليهمquot;؟!!!
والآن، فما معنى ودلالة وهدف هذه المبادرة القطرية الجديدة، التي تضاف لسلسلة مبادرات وتحركات كادت تغطي على نشاطات مجموع الدول الخليجية؟؟ هل هي بتشجيع من إدارة اوباما، التي كانت من قبل تستنجد بتركيا للحوار مع إيران؟ وقد توارى الدور التركي في هذا الشأن مع التوتر الإيراني ndash; التركي في سوريا، وصارت الإدارة الأميركية لا تتردد عن إزعاج الحكام الأتراك بسبب علاقاتهم مع إقليم كردستان العراق والتوتر مع حكومة المالكي. فالسياسة الأميركية، كما يبدو، تحاول اللعب بكل الأوراق لترضية نظام الفقيه والتوصل معه للتسوية التي يبشر بها وزير الدفاع الجديد وبقية طاقم الرئيس الأميركي.
والمواقف العربية من كل هذا؟؟؟ هل سنرى إيران يوما عضوا في الجامعة العربية لتكون للعرب المرشد والولي الفقيه؟!! خامنئي قد وجه للتو للرئيس المصري رسالة تنصحه بالاقتداء بالنهج الإيراني في إدارة مصر. وكان أحمدي نجاد قد أشاد قبل سنوات بالنظام العراقي، ووصفه بالسير وفق quot;الفكر الإسلامي الثوريquot;! فنظام الفقيه يذهب في مطامحه إلى حد العمل لتصدير نموذجه في الحكم إلى المنطقة. فأين يقف الحكام العرب من الخطر الداهم، الذي يكاد يطبق على الجميع؟!!
إضافة: يقول المسؤول القطري في الخطاب نفسه:quot;إنه كلما أطلقنا الإعلام بلا رقيب وحسيب، ازداد فهم العالم واحترامه لناquot;!
إنها فلسفة إعلامية تبرر تجاوزات قناة الجزيرة على الحقائق، وتحريضها على العنف والطائفية، ومناصرتها الأبدية للسلفيين والإخوان المسلمين.