الاخوان المسلمون في سورية لديهم مشكلة أساسية، تتعلق بتحولهم لحزب سياسي على المستوى الوطني. هذا تعبير عن التمييز بين حق المسلم وحق المواطن، لأنه مهما حاولنا التغاضي عن هذا الموضوع يبقى عالقا في تفاصيل الحياة السياسية وصراعاتها وخصوماتها وبناها التنظيمية وينعكس عليها سلبا في احيان كثيرة. هذه المسألة تتعلق بالجانب المعتقدي للاخوان المسلمين وعليهم حله، خاصة في دولة كسورية فيها أقليات وأكثر ما تحتاج له هو بنى سياسية ذات تمثيل وطني ومواطني، لهذا لايمكن بأي حال من الاحوال ان يرى المواطن المسيحي بأن الاخوان المسلمين يمثلونه سياسيا حتى لو اقتضت الامور ان يقيم تحالفا سياسيا عابرا معهم..لهذا من الاستحالة بمكان ان تجد في الدول الاوروبية مثلا التي فيها احزاب ديمقراطية مسيحية مواطنا اوروبيا مسلما عضوا فيها، بل تجد المواطنين المسلمين اعضاء في احزاب عابرة للاديان على المستوى الوطني كالاحزاب الاشتراكية واحزاب الخضر والاحزاب الليبرالية..طبعا بالمقابل هذا لايمنع من وجود بنى حزبية على المستوى الوطني شكلا وهي احزاب طائفية مضمونا وسلوكا..غالبية الاحزاب اللبنانية نموذجا.. قضية هيمنة الاخوان على ما تنتجه بنى المعارضة السورية وخاصة في الخارج، قضية شائكة كما يعتبرها بعضنا وتطرح بين الفينة والاخرى، وعند كل مفصل من المفاصل في حياة المعارضة السياسية، الاخوان هم فصيل سياسي مهما حاولنا الحديث عن جوانبهم المعتقدية الاسلامية، ويمارسون السياسية كما يمارسها اي حزب سياسي آخر له معتقدات فكرية وايديولوجية اخرى، له برامج سياسية وخطاب سياسي وتحالفات سياسية. اعتقد هنالك خطأ يرتكبه بعضنا في دفاعه عن الاخوان، للاخوان هيمنة على المجلس والائتلاف، هذه حقيقة يجب على الاصدقاء في الاخوان عدم نكرانها، لأن هذا حقهم كاكبر قوة منظمة حزبية في المجلس الوطني والائتلاف معا، لديهم جملة من التحالفات البينية مع معارضين يتصدرون في احيان كثيرة بوصفهم مستقلين وهذا الحق هو مبرر وجود اي قوة سياسية او حزبية، وإلا ما معنى وجودها إذا كانت ستنظم نفسها ويكون لها اعضاء وتحالفات وتأتي لتقول للتيارات الاخرى يسارية كانت ام لبيرالية ام لشخصيات مستقلة من المعارضين، تفضلوا وخذوا ما ليس هو حقكم لو تم التصويت الديمقراطي. لهذا نقد الاخوان من قبل بعض القوى الحزبية والاسماء المستقلة داخل المجلس والائتلاف ليس صحيحا وهو يحاول التغطية على مسؤوليتهم في التقصير. كما أن الدفاع عن الاخوان بهذه الطريقة النكرانية يجانب الحقيقة وغير صحيح. لهم هيمنة واضحة هذا صحيح وهذا حقهم لكن يبقى السؤال: هل يستخدم الاخوان هذه الهيمنة ديمقراطيا هذا اولا وثانيا هل يستخدمونها لاهداف الثورة؟ وهل استراتيجيتهم تخدم الثورة أم لا..اعتقد هذه الاسئلة وغيرها هي المفترض طرحها وليس تكرار الحديث عن أمر بديهي وقانوني ايضا في العمل السياسي.
كما أنه يمكن السؤال هل هذه الهيمنة فيها خدمة للثورة وكيف يمكن تجنبها في حال كانت بخلاف ذلك؟ لكن الذي يحدث أحيانا ان الاخوان لديهم مشكلة في تحالفاتهم! عندما يجدون ان التوافق يخدم سياساتهم يريدونه، وهو ديمقراطيا ليس صحيحا، وعندما يجدون ان التصويت الديمقراطي يخدمهم أكثر من التوافق يقبلونه، ويقولون هذه هي الديمقراطية وهذا ما حصل في انتخاب السيد غسان هيتو. نعم للاخوان المسلمين هيمنة على المجلس الوطني والائتلاف، واتحدث هنا بوصفي عضوا فيه. لكنني اعتقد ان جل المشكلة في الاخرين، يريدون التحالف مع الاخوان للاستقواء بهم من جهة، وبعض الشخصيات النفاجية مننا كيسار او كليبراليين، نريد ان يكون صوتنا الفردي مساو لصوت حزب سياسي!!
أنا في الائتلاف الآن لن اصوت مثلا لمن يريد الذهاب لجنيف دون استراتيجية واضحة، وقرار دولي من مجلس الامن.. لهذا اعتقد ان إثارة هذه الزوبعة في كل مرة، وخوض المعارك الاعلامية على القنوات الفضائية حول هذه الهيمنة الاخوانية على المجلس الوطني والائتلاف بهذه الطريقة هي معركة استعراضية ولا تحل اي مشكلة.. معالجة ذيول هذه الهيمنة تتم بوسائل أخرى، الشخصيات المستقلة!!! قبل ان تأتي للائتلاف لفرط المجلس الوطني، بعدما فشلوا في حضورهم داخل المجلس ومنهم من كان قياديا في المجلس لايشق له غبار وكان نموذجا سيئا للديمقراطية، هؤلاء على علم بان الاخوان اكثرية في المجلس وسيكونون اكثرية في الائتلاف...فلماذا اتوا إذا ودخلوا هذا الائتلاف؟ النكتة الاطرف في هذا الموضوع انهم عندما خرجوا من المجلس كانت حجتهم انهم خرجوا لان هنالك هيمنة للاخوان على المجلس وهم ماشاء الله علمانويون وخلافه!! طيب خرجتم من المجلس لهذا السبب!! وعدتم للتحالف مع الاخوان في الائتلاف أليست نكتة، شعبنا يدفع دما ثمنها؟ كل هذا لايمنع وجود الكثير مما يمكننا الحديث عنه في نقد التجربة الاخوانية في المجلس والائتلاف معا، وهذا كنا نطرحه دوما داخل هذه المؤسسات وخارجها..وكما يقال اتقوا الله في شعبنا.
التعليقات