في 21 يونيو / حزيران عام 2001 برز فجأة خبر مصرع الفنانة العربية الشهيرة سعاد حسني التي ملأت الدنيا وشغلت الناس ردحا من الزمن إمتد طيلة عقدي الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي، كانت الجريمة البشعة بعيدا عن الوطن وفي مدينة لندن وفي مجمع سكني معروف للمصريين و العرب وفيه أيضا و بنفس الطريقة قتل أو مات أو نحر أو إنتحر قائد الحرس الجمهوري المصري أيام السادات الليثي ناصف!!، وبعد ذلك حدثت جريمة أخرى وبنفس مواصفات الجريمتين السابقتين ولكن في أحد أرقى أحياء لندن الراقية ( بلغرافيا ) قتل فيها وعن طريق الرمي من البلكونة الملعونة أيضا المليونير المصري و السكرتير الأسبق للرئيس السادات للمعلومات وصهر الرئيس عبد الناصر السيد أشرف مروان والذي أثيرت بعد وفاته معلومات مثيرة عن علاقات سابقة بعالم الجاسوسية المعقد وجهاز الموساد، وقضية سعاد حسني رغم غرابتها فإنها أثارت الكثير من علامات الإستفهام حول صعود وسقوط نجمة عربية شهيرة كانت تمثل رمزا جماليا في مرحلة ما و لكنها إرتبطت بكل تأكيد بكل أسرار وخبايا مرحلة ماقبل هزيمة حزيران عام 1967 وحيث كانت لدولة المخابرات المصرية سطوة وصولة في فترة ما عرف بمرحلة إنحراف جهاز المخابرات العامة أيام رئيسها الشهير صلاح نصر! ومعروف للغاية ملفات وفضائح الفنانات في تلك الفترة واللواتي كن أحد أهم أسلحة جهاز المخابرات تأسيا بالتجربة المخابراتية في العالم الشيوعي وحيث يمثل الجنس أبرز وأهم أسلحة السيطرة، سعاد حسني كانت أحد أهم شهود وضحايا تلك الفترة العاصفة وإرتبط أسمها كفنانين عرب آخرين بجهاز المخابرات ولن نعيد التفصيل في قضية السيطرة عليها من المقدم ( موافي ) والذي هو الوزير السابق وأحد رموز نظام مبارك صفوت الشريف ذاته و الذي سجن لعام واحد بعد قضية إنحراف المخابرات ثم شق طريقه للسلطة من جديد لأنه يعرف دروبها و مفاتيحها ومجاهيلها وشفراتها، لقد عانت سعاد حسني أشد معاناة إرتدادية من ذكريات تلكم الفترة وأنحسرت النجومية وهاجمتها الأمراض و تشوه ذلك الجسد الجميل وغابت ملامح الزمن الجميل وأجتاحتها الأمراض وأحتاجت لدعم ومساندة الدولة والنظام الذي خدمته كثيرا ثم تنكر لها وهي أشبه بقصة مأساة إغريقية، لقد كان واضحا للعيان بأن نهاية سعاد حسني لم تكن طبيعية بالمرة فهي لم تكن مجنونة لكي تقدم على الإنتحار وهي التي تصارع من أجل الحياة، لكنها دخلت في المحظور وحاولت نبش الماضي من خلال التلميح والتهديد بنشر مذكراتها والتي كانت ستفجر قنابل متفجرة ورهيبة وتكون حدثا لاينسى وتميط اللثام عن أسرار مرحلة بشعة للغاية رغم كونها زاهية في مخيلة أهل الحلم القومي من جيل الشعارت الثورية والقومية التي تهاوت مع الرياح ومع الهزائم العاصفة، لقد كان واضحا حتى للمبصرين بأن سعاد حسني قد قتلت على الطريقة المافيوزية المخابراتية التي طالما صورتها السينما المصرية ذاتها في أفلام عديدة!، وإن نهايتها البشعة كانت طمسا لنواياها في فضح المستور وكشف المخبوء، ودفعت ثمنا غاليا لذلك فيما عجزت شرطة سكوتلانديارد بكل إمكانياتها عن حل اللغز وتحديد المجرم وفضلت إسدال ستائرالصمت و النسيان على ماحصل خصوصا وإن القضية تمس أمن نظام كان حليفا للغرب ولايريدون إحراجه مطلقا، ولكن مع سقوط نظام مبارك تحركت أسرة سعاد حسني وتقدمت بطلب إعادة التحقيق بل وأتهمت صفوت الشريف بوقوفه خلف الجريمة ولكن القضاء المصري أسدل قبل أيام أيضا الستار على الموضوع بحجة عدم كفاية الأدلة!!!.. وبرغم المعرفة التامة بالقاتل و المستفيد من صمت سعاد حسني الأبدي.. إلا أنه قد قيدت ضد مجهول... وتلك لعمري قاصمة الظهر...؟

[email protected]