القاء نظرة على مجمل التقارير الخبرية المتعلقة بالشأن الايراني، تبين بأن هناك إتجاها ملفتا للنظر بإتجاه تصعيدquot;الحرب الناعمةquot;، و تشديد الخناق أکثر فأکثر على رقبة النظام، لکن، في مقابل ذلك هنالك أيضا حملة مضادة من جانب طهران تسعى لإجهاض هذه الهجمة الاستثنائية و إمتصاص تبعاتها و تداعياتها المحتملة.
التقارير الخبرية التي أبرزت مقتل قادة للحرس الثوري في سوريا و کذلك عن إرسال شحنات الاسلحة من إيران عبر العراق الى سوريا، و إستمرار توافد قوى بشرية تم إعدادها و تدريبها في إيران اوquot;مناطق النفوذ التابعة لهاquot;، الى داخل سوريا، إضافة الى تقارير تتحدث عن مناورات يجريها النظام داخل المدن الايرانية المختلفة و کذلك السجون من أجل الوقوف بوجه أية إنتفاضة او تحرك شعبي و إجهاضه، هي تقارير دامغة و ليست مفبرکة او مختلقة او موجهة من الاقبية و الدهاليز المظلمة نظير شريط الفيديو المضاد الذي تم تسريبه من قبل قنوات تابعة للنظام الايراني و التي أشارت الى مسألةquot;زواج المناکحةquot; و الذي ثبت زيفه و فبرکته، و المتتبع للمعالم و السمات التي تميز المرحلة الحالية يجد بأن التطورات الجديدة و الاتجاه الذي تسير فيه يختلف الى حد کبير عن المرحلة التي سبقتها وان هناك نوع من التبلور و وضوح في الرؤية للعديد الابعاد و الجوانب المهمة المتعلقة بأوضاع النظام الايراني وان الخط العام لهذه الاوضاع يبين بشکل او بآخر أن الملف الايراني قد صار مطروحا بقوة على طاولةquot;الحسمquot;، خصوصا مع التطورات المثيرة التي حدثت في شبه الجزيرة الکورية و ماسبقتها من تقارير خبرية تشير الى إحتمال أن تزود کوريا الشمالية النظام الايراني بالقنبلة النووية لکي تجعل من النظام أمرا واقعا بوجه المجتمع الدولي.
الذي يميز جانب من المرحلة السابقة و اکثر من جانب من المرحلة الحالية من التعامل مع ملف النظام الايراني، هو أن المجتمع الدولي لم يعد بوسعه الاستمرار في خانة الانتظار السلبي کما کان النظام الايراني يسعى إليه دائما حتى يتمکن من إصطياد الوقت الثمين على حساب ذلك الانتظار لدفع برنامجه خطوات أکبر الى الامام، وانما صار الانتظار إيجابي أي يغلب عليه منطقquot;العصاquot; و ليسquot;الجزرةquot; کما کان في السابق، وهذا المنطق دفع و يدفع بالنظام الايراني الى التسريع في خطاه و إخراج مابجعبته منquot;اوراقquot;وquot;خباياquot;وquot;إمکانياتquot;، ومن المؤکد بأن أغلب إحتياطات النظام مبنية على إثارة الفوضى و القلاقل و الازمات و العبور على حساب مصالح و إعتبار الاخرين کما کان شأنه طوال العقود الماضية.
المجتمع الدولي الذي طالما سعى و بمختلف الطرق و الاساليب التحلي بالصبر و إستنفاذ کافة الاساليب و الطرق المتاحة من أجل إيجاد حل وسطي للأزمة الايرانية، لکن الذي فعله و يفعله النظام الايراني هو السير بإتجاه معاکس و مخالف تماما للمسعى الدولي و التحايل عليه بمختلف الاساليب، والذي يبدو الان واضحا هو أن التعامل الدولي الجديد مع النظام الايراني قد أخذ بنظر الاعتبار کل حيل و خدع و مناورات النظام و بات يدفعه رويدا رويدا بإتجاه الزاوية الضيقة، لکن المشکلة الکبيرة التي تواجه المجتمع الدولي الذي يريد حدوث ثمة تغيير سياسي في إيران تتجلى في الآلية المطلوبة لإحداث هکذا تغيير، ذلك أن تکثيف الضغط الخارجي السلبي من دون أن يکون هناك إعداد و توجيه و تنظيم داخلي يسير بإتجاه أهداف واضحة سوف لن يثمر عن أية نتيجة مفيدة على الارض بل وانه قد يکون في صالح النظام ذاته، ولذلك فإن التوجه الى مسألة نصرة الشعب الايراني و إسناده يمکن إعتباره بمثابة المفتاح الذي بإمکانه أن يفتح بوابة النظام الايراني، لکن نصرة الشعب الايراني لاتعني بالضرورة مجرد لفظة عامة من دون تحديد، ذلك أن للشعب الايراني کأي من شعوب العالم الاخرى قوى وطنية سياسية معبرة عن آماله و طموحاته، وان إلقاء نظرة متفحصة على ساحة المعارضة الايرانية نجد أنه و طوال العقود الثلاثة المنصرمة کانت و لاتزال منظمة مجاهدي خلق أبرز و اقوى تنظيم سياسي فکري مواجه للنظام وانه و على الرغم من کل الحملات و الهجمات المضادة المتباينة التي شنها النظام ضده داخليا و خارجيا فإنه ليس فقط بقي واقفا على قدميه وانما قلب الطاولة على رأس النظام و رد له الصاع صاعين عندما بادر الى هجمته السياسية المحکمة المضادة التي حقق فيها إنتصارات باهرة أذهلت النظام و أطارت صوابه خصوصا عندما وصلت المواجهة بينهما الى مرحلة طرحت فيها منظمة مجاهدي خلق مسألة الاعتراف بالمقاومة الايرانية کممثل للشعب الايراني و سحب الاعتراف بالنظام الايراني، کما انها سعت و تسعى بکل مالديها من جهد و طاقة في سبيل إحالة ملف حقوق الانسان في إيران الى مجلس الامن الدولي، وان هذين المطلبين المهمين و الحساسين جدا لو بادر المجتمع الدولي الى دعمهما و تفعيلهما على أرض الواقع فإن الارض و من دون أدنى شك ستهتز و بقوة تحت أقدام النظام الايراني و سيکون للمسألة برمتها شأنا آخرا.
التعليقات