الثورة المعلوماتية حدث مفصلي في تاريخ الانسان لم تدرس نتائجه بعد، لأنها لاتزال حاضرة، ولم تصبح تاريخا بعد. حضورها في ما تمارسه على حياة الانسان الراهن، هذه القضية حقل بحث ودراسة، انتقل فيها الانسان نقلة مهمة من ديكتاتورية المرسل إلى حرية المتلقي بالتفاعل، والرفض والاحتجاج والتغيير، واضعف الايمان بفضح ديكتاتورية المعنى عبر ديكتاتورية تعدد المعانى ولا نهائيتها. الثورة المعلوماتية جعلت من الفرد كل فرد معنى، واصبحت المعلومة لاتحتاج لديباجات خطابية، بل تقذف بوجهك بدون اي حاضن خطابي، ولكل فرد معلومته، وللآخرين الحق في قراءتها كيفما يريدون، واحتضانها بأية ثقافة يحملونها..إذا رأيت حادثة عابرة في زقاق مهمل، تستطيع بلمسة سريعة للآي باد اوللآي فون أو للسامسونغ أو للنوكيا- كي لاينزعج احدا- ان تصبح عالمية الحضور..

في السابق كنت تحتاج كفرد، لكي تنقل معلومة لزمن طويل ومعاملات شتى، ولا تصل غالبا لأنك فرد..ولا تملك جزء من راسمال المعنى الديكتاتوري، الذي يوزع المعطيات في سياق انتاج واعادة انتاج معناه الاوحد. مع ذلك لاتزال قوة المعنى الديكتاتوري حاضرة تقاوم بكل ما تملك من قوة، وقوة المعنى الديكتاتوري تأتي من القوة المادية الفعلية للمرسل، ارسل الغرب رسالة منذ عقدين تقريبا المسلم ارهابي، وحتى اللحظة رغم كل هذا التطور الهائل، لم تستطع محو هذه الرسالة ولا مفاعيلها. لقوة المرسل آنذاك.

مع ذلك العالم يتغير تجاه تعديل هذه المنظومة الرسالية، بفضل هذه المعلوماتية. المعلوماتية هي المعرفة للجميع.
اصبحت تجد ان هنالك صراعا حقيقيا على صفحات هذا النت، بين المعاني والرسائل، بالطبع هذا لايلغي تفاوت القوة بين مرسل وآخر..لكن معلومتك لاتحتاج لوسيط يستطيع طمسها متى شاء. او رفض نشرها.

من فضيلة هذه الثورة قيام حقل جديد، حقل التواصل الاجتماعي، افتتحه عالم الفيسبوك وثم تويتر، التواصل بات مع الجميع ممكنا، واية معلومة تصبح قيد التداول دون حاجة لاذن من احد.

الثورة السورية كغيرها من ثورات الربيع العربي، انطلقت في هذا السياق، حدث تم تداوله في مواقع التواصل هذه، كغيره من احداث هذا العالم، الذي لايزال يعيش راهنية القوة رأس المال، بكل مافيها.

في موقع الفيسبوك لم يعد هنالك سرا في الثورة السورية، لم يعد احد قادرا على تغطية سلوكه بديباجات خطابية ورقية. فضح المستور، وقوة الفضح احيانا تحاول أن تستر حقائق مفضوحة أخرى.

مثالquot; في حادثة المدعو ابوصقار الذي اظهر انه يأكل قلب احد رجالات الاسد، استطاعت شبكة السي ان ان ان تقوم بمقابلة معه، رغم انه موجود في منطقة حدثت فيها مجازر للاطفال والنساء بالمئات، ولم تهتم السي ان ان بهذا الموضوع، لم تهتم بقطع الاعضاء التناسلية من قبل عصابات الاسد للناشطي الثورة، السي ان ان والمحطات الغربية، عرضت الموضوع وكأنه من افلام الرعب الهوليودية، هكذا مزاج المواطن الغربي فعلا، ام هنالك شيئ آخر؟ ما ارادت ستره هذه الواقعة المفضوحة، هو واقعة اهم واشد خطرا ووحشية هي ما مارسته عصابات الاسد بحق الشعب السوري، مليئة باتت صفحات الفيسبوك بهذه الواقعة، ووكالات الانباء جميعها، وشاشات القوة، قبل ايام على نشر هذا الفيديو، مئات الاطفال والنساء في البيضة بانياس حرقوا احياء، وقبلها مجزرة اطفال الحولة التي لاتبعد سوى عدة كيلومترات عن تواجد ابو صقار، لم يتم التعامل معها كفيلم رعب، بل تم نسيانها ومحوها من ارشيف السي ان ان، لكي لاتسول نفس اي محرر متعاطف مع الضحايا، نشر صوراعدام الاطفال او النساء اللواتي حرقن احياء، في غفلة ما من صاحب المعنى الذي ارادت السي ان ان ايصاله.

لكن السي ان ان لم تعد قادرة كما السابق عن طمس المعلومات الاخرى، وقطع طرق وصولها للعالم، عبر مواقع التواصل الاجتمكاعي وغيرها مما وفرته الثورة المعلوماتية هذه. بالمقابل يجب الا ننسى ان لولا ما يريده الراسمال من ربح، لما شاهدنا اجهزة الثورة المعلوماتية منتشرة في يد الاطفال حتى، لهذا حاولت عصابة الاسد وقبلها القذافي منع نتائج هذه الثورة عن الشعب السوري والليبي قبله. قطع النت وحجب المواقع.

النقطة الاخرى الاكثر اهمية، ان الثورة السورية تعرضت لهجوم لم تتعرض له ثورة ما في التاريخ الانساني، كما ان الدم السوري الذي يتم محاولة تزييف واقعته،رغم انه لطخ وجه الحضارة برمتها، الدم السوري الذي كشف القناع عن سر قوة النفط واللوبي الاسرائيلي في العالم. شبكتان مترابطتان من المصالح تحاول منذ اللحظة الاولى للثورة حماية المجرم وطمس معالم الجريمة، وترك الدم السوري يسقي ارض سورية، دون اية صورة تحمل دلالة القوة لكي يتم حمايته من ايدي المجرم.

الفيسبوك حاصرهم نسبيا، لكنه ايضا حاصر الثورة، ولايزال يحاول، معنيان للحدث السوري بوصفه ثورة حرية وكرامة، يتواجهان في معركة تشبه إلى حد كبير المعركة الدائرة على الارض، معنى الشبكة العالمية للمصالح النفطية الاسرائيلية، ومعنى الحرية السورية من نظام الطغمة الاسدية، لكن خطورة هذه المعركة، ان هنالك اختراق لصفحة الثورة الفيسبوكية، ممن يدعون انهم مع الثورة ويعترفون انها ثورة!!

واصبحوا كطابور خامس في جسد الثورة، ومع ذلك لم يستطيعوا رغم كل ما يقوموا به من محاولة لطمس معالم الجريمة، من اجل عودة القاتل إلى وضعه كسيد لهم..لهذا عندما تدخل صفحات الفيسبوك تجد اسماءهم مبعثرة، بالكذب الحقد الدفين الذي يفاجأ السوريون، لديهم نص واضح يعملون عليهquot; أية جريمة ومجزرة يقوم بها النظام، اما يحاولون تزويرها، او اخفاءها او تشتيت المعلومات عنها، ويعتبرونها حوادث فردية، يمكن تجاوزها لأنهم إن بنوا موقفهم من المجرم على اساس انه مجرم، لايعود هنالك معنى لاي اجندة، تطرح ما يرونه سياسيا، وهو الطلب من الضحية مسامحة الجاني، وليس ذلك فحسب بل ان يبقى متحكما بمستقبل الضحية..لهذا هم وعلى كثرة الدم وعلى عدم قدرتهم من الهروب امامه، باتوا يتحاشونه في صفحاتهم، واذا اقترف احمق او مجرم من المحسوبين على الثورة حادثة اقل بكثير من الجريمة العامة التي تمت وتتم على ارض سورية من قبل عصابات الاسد، يدينون الثورة كلها، مثال حادثة الاعدامات في الرقة التي قام بها بعض الملثمين ولا احد يعرف من هم!! الغرب والروس يريدان اخبار هؤلاء تبعا لموقفهما السياسي. ان تتحول الثورة إلى مجموعة من الحوادث الفردية..
ملاحظة صغيرة: حرامية الثورة السورية من مدعي المعارضة، يخشون من الفيسبوك ايضا..

الثورة السورية عنوان للحدث الكبير الذي سينتصر طال الزمن ام قصر، دون ان يترك وراءه غرفا مظلمة، او قوى مستورة، ارشيفها كله امام اي فرد في هذا العالم..لم تعد بحاجة لوكيليكس يفضح اسرارها، لانها ثورة حرة لايوجد عندها ما تخفيه...