اكثر من نصف قرن وللسيد جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق الاتحادي دور محوري واساسي في كل ما يتعلق بالقضية الوطنية العراقيه عامة والكوردية خاصة.

البعض اعتبروه سرطان الحركة الكورديه واخرون اعتبروه نبي الحركة الوطنيه ومنقذها و منظرها الذي ربط ما بين الصراع الطبقي والكفاح القومي.
اخرون اعتبروه ثعلب السياسة والمراوغ الذي لا يمكن السيطرة عليه واخرون اعتبروه عبقريا في توظيف العوامل الخارجيه لصالح قضيته وفي كل الاحوال فان اكثر ما ينطبق على الرجل هو انه كما يقول المتنبي شاغل الدنيا والناس وينام ملأ جفونه عن ما يخططه في الوقت الذي يسهر الاخرون جراها ويختصمون.

الطالباني رئيس جمهورية العراق الاتحادي وقع فريسة العمر الطويل والانهاك المستمر والهم العراقي والكوردي وكانت النتيجه جلطة دماغية جعلته يرقد في احدى المستشفيات الالمانيه للمعالجه وفي ذمة التأريخ الذي سيقرر في النهاية ما له وما عليه.

المأساة تكمن في هذا الاستغلال لاسم الطالباني ودوره فالكل دون استثناء سواء في قيادة حزبه او القيادات الكوردية والعراقيه تعرف حقيقة ان الطالباني واي شخص في عمره ومن الناحية الطبية البحته لا يمكن ان يعود لممارسة حياته الاعتياديه كما كان سابقا ولكل طرف اسبابه فقيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني منقسمة على ثلاث كتل رئيسه وكل طرف يصارع من اجل ان يكون خليفة الطالباني ووريثه الشرعي ورغم ماتنتجه الماكينة الاعلامية الرسميه للاتحاد من مزاعم حول وحدة الصف فالشارع الكوردي والعراقي يعرف ويتداول حقيقة هذا الصراع الذي تحاول بعض الكتل جر اطراف اقليمية اليه دون تقدير للنتائج المترتبة على هذا التدخل.

اما على مستوى القيادات الكورديه فالامر مختلف اذ ان منصب رئيس الجمهوريه وفق المحاصصة والاتفاقات السابقه هي من نصيب الاتحاد ولكن ليس هناك من هو مقبول من الاتحاد لهذا المنصب على الاقل لحد الان بالاضافة الى عدم اتفاق الاتحاد نفسه على مرشح واحد ولذلك فالامر مؤجل الى اشعار اخر وهو الامر الذي يتفق تماما مع رغبة الحكومة الاتحادية في بغداد التي لا ترى سببا وجيها لاشغال منصب الرئيس مادامت الامور تسير وفق ما تريد اضافة الى الوضع الخانق الذي تعيشه نتيجة الازمات المتكرره ومن صالح الكتلة الحاكمة تأجيل اختيار رئيس جديد للانتخابات المقبله ولذا لا ضير في الابقاء على اسم الطالباني حيا الى ذلك الحين.

الصوت الوحيد الذي كان لصالح الطالباني والعراق هو صوت الادعاء العام العراقي الذي طالب بوقف هذه المأساة واختيار رئيس جديد للعراق بعد خلوه لاكثر من خمسة اشهر اضافة الى صوت الصدريين الذين ايدوا هذه المبادره وفق المادتين 72 و 75 من الدستور.

في كل الاحوال وايا كان موقف هذه الكتل والاحزاب فان استغلال اسم وصور الطالباني بالشكل الذي نشرته بعض الفضائيات يدخل في خانة ازمة الضمير السياسي تجاه الرجل وتجاه العراق اذ كما لاحظ كل من شاهد هذه الصور حتى في حالة كونها حقيقيه وغير مفبركة ان الرئيس العراقي يبدوا كجسد محنط على كرسي مع مجموعة اطباء من بينهم طبيبه الخاص الذي يواصل بمناسبة وبدون مناسبة التأكيد على تحسن صحة الرئيس والتي لو اخذت بمجموعها لاصبح الرئيس في عمر الثلاثين وبمنتهى الصحة والعافيه.

لم يكن من المفروض ولا من الواجب ولا من الضروري نشر هكذا صور اللهم الا اذا كان السبب هو ارجاء انتخاب بديل للسيد رئيس جمهورية العراق الى اشعار اخر تتحكم فيه رغبات ومصالح اطراف عديده لا تتورع عن استغلال اسم جلال حسام الدين الطالباني.

حقا لايزال الرجل شاغل الدنيا و الناس رغم حالته المرضية المستعصيه وتبقى طريقة التعامل معه ومع ارثه في منتهى البشاعه سواء كنت معه او ضده.
انها ازمة الضمير السياسي ان كان للسياسة ضمير.

bull;
[email protected]