زيارة السيد المالكي رئيس مجلس الوزراء العراقي الى اربيل وعقد جلسة مشتركه للحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم خطوة ايجابيه لإذابة الجليد الذي يحيط بالعلاقة بين الطرفين ومن الممكن ان تؤسس لمرحلة جديدة في هذه العلاقة التي شابها الكثير من السلبيات هذا بالإضافة الى اللقاء المتوقع بينه وبين رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني وعودة المياه الى مجاريها استنادا الى الدستور واتفاقية اربيل ومبادرة البارزاني الثانية ( مقالتي بنفس العنوان في 19 شباط/2013 في ايلاف الغراء ) والإجماع الوطني حول مواجهة الازمة السياسية التي تعصف بالبلد لأكثر من ستة اشهر.

تأتي هذه الزيارة في وقت تسود فيه اجواء من التفاؤل الحذر بعد نجاح مبادرة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامي والمصالحة التي تمت بين رئيس الحكومة ورئيس البرلمان مما يؤثر ايجابيا ايضا على اجواء لقاء اربيل.

ان قيام السيد المالكي بما له وما عليه، بهذه الزيارة لحل المشاكل العالقة مع اقليم كوردستان بعد لقائه بالسيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الاقليم وجولة المباحثات السابقه ايا كانت التفسيرات والأسباب التي لن يتوانى البعض من ايجادها كمثل ضغوط ايرانيه أو ضغوط امريكيه أو نتائج انتخابات المحافظات أو الوضع السوري والتركي والأمني الداخلي و......الخ يجب ان تقيم ايجابيا و تؤخذ بعين الاعتبار لإيجاد الحلول الموضوعيه للمشاكل العالقة ليس مع الاقليم فحسب وإنما مع كل اطراف العملية السياسيه ومكونات الشعب العراقي وضرورة العوده الى اتفاقية اربيل و الدستور رغم ما يعتري بعض بنوده من نواقص وإنهاء التفرد والاستئثار بالسلطة وإرساء اسس الشراكة الحقيقية في الواجبات والحقوق والتصدي المشترك للازمة التي تمر بها العملية السياسية ككل وفي مقدمتها الاستجابة للمطاليب المشروعه للمواطنين المعتصمين منذ اكثر من خمسة اشهر دون تسويف والتصدي بحزم للانهيار الحاصل في الوضع الامني.

من المؤكد ان هذه الزيارة لن تحل كل المشاكل العالقة والمزمنة بين عشية وضحاها فمواضيع مثل المادة 140 من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها والبيشمه ركه وعمليات دجلة والنفط والمشاركة الكورديه في السلطة ألاتحاديه بالإضافة الى مواضيع الشراكة الوطنيه والمصالحة كلها وغيرها بحاجة الى وقفة جادة مسئولة من كل الاطراف فالوضع العراقي الهش لا يتحمل اكثر مما هو فيه خاصة ولهيب الاحداث حوله تزداد سعيرا وهو ليس بمعزل عنها ولا يمكنه ان يكون في مأمن من اثارها ما لم تكن هناك حصانة داخليه ناجمة عن وحدة وطنية حقيقيه مبنية على الثقة والنية الصادقة واحترام الاخر وضمان حقوق جميع مكونات الشعب العراقي ومشاركتها الفاعلة في ادارة البلاد.

الشعب العراقي عاش الكثير من خيبات الامل والاتفاقيات التي تنتهك قبل ان يجف حبرها وهو الان يتطلع بكثير من الامل الحذر الى هذه الزيارة واجتماع القادة الاتحاديين مع قادة الاقليم وكله امل ان لا تكون النتيجة اتفاقيه ميتة اخرى وإنما مصالحة وطنية شامله وحلول جذريه نهائيه تلتزم بها الاطراف الموقعه تعيد للعملية السياسيه حيويتها وتبدأ بمرحلة البناء والتشييد ومحاربة الفقر والجهل والمرض (اكثر من ستة ملايين عراقي تحت خط الفقر ) و تحصن العراق ضد التهديدات التي يتعرض لها من خلال تعزيز الهوية الوطنية التي بقدر ما تتعزز تزدهر كل الهويات الاخرى وتنمو وتأخذ مداها الحيوي.

غني عن القول ان فشل هذه المباحثات سيعيد كل المشاكل الى المربع الاول وستكون نتائج ذلك كارثيه قطعا خاصة وكل المقدمات الضرورية لمثل هكذا كارثة موجودة على الارض ما لم تتداركها الاطراف المشتركة في هذا اللقاء ويواجهون المعضلات بروح التسامح والتآخي الوطني ومصالح البلاد العليا بعيدا عن المصالح والمكاسب الفئوية والحزبية الضيقة وهو ما يرجوه الجميع.


bull;[email protected]