مع إقصاء رفسنجاني و مشائي، لم يعد في الجعبة الايرانيين من مرشحين بالامکان المراهنة عليهم و على إمکانياتهم في إحداث أي تغيير منتظر في بنيان نظام ولاية الفقيه المنکمش على نفسه بشدة، ولم يعد هناك من يمکن ان يسبح ضد التيار.

تفاقم الاوضاع في سوريا و الغيوم التي باتت تلبد سماء لبنان و تلك الحالة الضبابية القائمة في العراق، مضافا إليها الانتقادات الخليجية و اليمنية المتکررة ضد النظام الايراني، کل هذا الکم المتراکم لم يعد يسمح بأية مناورات سياسية ولو في مساحات محددة داخل الفضاء السياسي في إيران، لأن الاعتقاد السائد داخل اوساط النظام الايراني بأن أية شرارة لو أتيح لها الانطلاق فإن ذلك سيکون بداية حريق هائل لن ينتهي إلا بحرق النظام بأکمله، والذي بات يرعب النظام و يجعله يتحسب و يحتاط أکثر من الاوضاع في داخل إيران هو مايجري في ترکيا إذ أن إيران باتت الوحيدة التي بإنتظار الطوفان البشري الثائر من أجل الحرية ولاسيما وان کافة العوامل و الظروف و الاسباب مهيأة و متوفرة تماما لذلك.

الوعود المحافظة التي بات النظام يطلقها هنا و هناك و يمني فيها المجتمع الدولي بإحتمالات تعاونه و تجاوبه ازاء المشاکل و الازمات المطروحة، هي جزء او جانب من السياسة التي يحاول النظام الايراني إنهاجها لدرء الاخطار المحدقة به، الى جانب سعيه لإجراء إتصالات سرية و طرح عروض مغرية من الممکن أن يسيل لها لعاب ثمة دول فتبادر لمنع إجراءات او خطى دولية جديدة بإتجاه التشدد و الصرامة ضد النظام، وان الاسعار الرخيصة جدا للبترول الايراني و التي يبيعها النظام عبر طرق مختلفة، تثبت بأن هذا النظام مستعد لأن يفعل أي شئ مقابل بقائه، ولئن کان النظام الايراني عشية الحرب العراقية الايرانية قد أشاع عن الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين قوله:quot;لن أسلم العراق إلا تراباquot;، فإن کل الدلائل و المؤشرات تؤکد بأنهم بأنفسهم على إستعداد کامل لکي يفعلون ذلك.

ماجاء أخيرا على لسان المرشح المحافظ علي أکبر ولايتي مسشار المرشد و المقرب منه، من أن نظامه سيتعاون مع فرنسا من أجل معالجة الاوضاع في سوريا، واحدة من تلك البالونات التي يطلقها التيار المحافظ عشية الاستعدادات الجارية للإنتخابات الرئاسية و التي يمکن تشبيهها بأنه طريق ذو إتجاه و هدف واحد، ولاريب من أن ثمة اوساطquot;مختصةquot;داخل النظام منهمکة الان بإطلاق توليفة من الوعود و المشاريع السياسية و الاقتصادية المعسولة على الاصعدة الداخلية و الاقليمية و الدولية من أجل ضمان کسب ثمةquot;زبائنquot;مميزين قد ينبهروا و ينجذبوا لبضاعتهم المطروحة مجددا في داخل علب تختلف ألوانها الخارجية عن العلب التي عرضها النظام خلال المراحل السابقة أثناء الانتخابات الرئاسية، لکن من الواضح ان الدور الذي إضطلع و قام به کل من رفسنجاني و خاتمي بشأن مزاعم الاصلاح و التغيير في حينها، ليس بإمکان الوجوه المطروحة حاليا القيام بها بأي وجه من الوجوه بل أن الشئ الوحيد الذي بإمکانهم أن يفعلونه على أفضل وجه هو العمل على حماية النظام و تجميل وجهه القبيح، لأنهم في حقيقة و واقع أمرهم مجرد ظل جانبي و إمتداد عرضي لمرشد النظام، وان کل الوجوه المطروحة حاليا لکي تتبوأ منصب رئيس الجمهورية بموجب العملية المزمعة للإنتخابات، إنما طرحت برضا المرشد و أعوانه و مشاوريه، بل وان أفضل وصف يمکن أن يطلق على هذه الانتخابات هو: مرشد النظام الايراني ينتخب نفسه!

الذي يلاحظ مسار الامور المرتبطة بالانتخابات، يجد أن النظام لم يعد يأبه بالتيار الاصلاحي المزعوم و لا بتيار موسوي و کروبي، وانما هو يرکز و بشکل خاص جدا على منظمة مجاهدي خلق حيث لايمر أسبوع إلا ويبادر وجه من النظام الى التصريح بشأنهم و التنديد بالقرار الامريکي بإخراجهم من قائمة الارهاب و قد کان آخر المصرحين بهذا الشأن المتحدث بإسم وزارة الخارجية للنظام سيد عباس عراقجي، مثلما کان قد صرح قبله ساسة و عسکريون و برلمانيون وکلهم نددوا بقرار إخراج المنظمة و أشاروا الى أن نظامهمquot;مکتوي بنار الارهاب على المنظمةquot;! لکن الذي يجب ملاحظته في کل هذه التصريحات هو أن هناك قاسم مشترك أعظم يجمع فيما بينها وهو التخوف من الدور المرتقب لهذه المنظمة على صعيد الاوضاع في إيران و في ظل المتغيرات و التطورات الجديدة، لأن منظمة مجاهدي خلق بالاساس تحمل مشروعا سياسيا فکريا إجتماعيا و تعتبر بديلا جاهزا لهذا النظام المتداعي و الممنخور بالمشاکل و الازمات، وان المنظمة هي الطرف السياسي الايراني المعارض الوحيد الذي يطالب و بصريح العبارة و من دون أي لف او دوران بإسقاط النظام، ومن هنا فإن تخوف النظام قائم على اوجه من أية شرارة قد تندلع کي لاتأخذ بعدها المنظمة بزمام المبادرة و تدور الدائرة بنظام أرهق المنطقة و العالم کله بالمشاکل و الازمات.

[email protected]