مؤتمرات المعارضة السورية كلها فاشلة باعتراف أعضائها أثناء المؤتمر وبعده ولا يعترف بنجاح أي مؤتمر إلا الذين أشهروا أنفسهم فيه استعدادا لدخول المجلس أو الإئتلاف.

وهناك مؤتمرات مقفولة على الإسلاميين وأخرى مقفولة على العلمانيين وهناك مؤتمرات مختلطة وبعض المؤتمرات مقفولة مع تزيينات معدودة من الصنف الآخر.

ومن المؤتمرات تعرف أصحابها ومن المؤتمرات تعرف المؤامرات أو ما يخطط المؤتمرين له ليكون نهجهم المعلن القادم... ومن المؤتمرات تعرف التيارات السياسية السورية الحالية والمستقبلية...تعرف التيارات السياسية القديمة المعدلة والتيارات الحديثة العائمة..

في المؤتمرات إن كنت متمعنا مراقبا فستعرف الأحزاب السورية الحالية والأحزاب السورية المستقبلية...قد لا يتطابق في تخمينك اسم الحزب مع ما سيكون ولكنك بلا ريب ستعرف الإطار الحزبي أو الأيدولوجي الذي سيجمع كل مجموعة أو تكتل أمامك في المؤتمرات.

ويجب على من تمعن ودرس أن يعرض كل الأحزاب التي توصل الى معرفة إطارها وأن لايستثني أحدا باي دافع كان.
هنا نعرض لأحد أكبر الأحزاب السورية المعارضة المستقبلية... سنعرض لرموزه الرئيسيين وسنحاول الوصول الى الإطار الحزبي الذي يجمع معظم أعضاءه وإلى أيدلوجية هذا الحزب إن كان له أيديولوجية.

هذا الحزب المستقبلي اختلف أصحابه على اسمه وأحرفه ولكنهم لم يغادروا كلمة الديمقراطية مع كلمة تسبق أو كلمة تلحق..
تأملت في هذا الحزب القادم وتاملت شخوصه وأنصت لحواراتهم الرسمية والتي من وراء حجاب فتعجبت واستصعبت... استصعبت مهمة أن أجد إطارهم الحزبي الجامع وفكرهم اللامع..

أصروا على وصف أنفسهم بالديمقراطيين ولم يطبقوا بينهم أي إجراء ديمقراطي..
رؤساء جلسات العمل معينون ومواضيعهم معدة سلفا وبنود ما سيتوصلون اليه له إطار معد سلفا.
أهم رموز المؤتمر ورؤساء الجلسات افتتحوا جلساتهم الرئيسية وخرجوا احتراما للحاضرين من القاعات الى ردهات الإعلام ولم يعودوا أبدا احتراما لزملائهم وتطبيقا للحوار الديمقراطي الذي لم يحضروه.

حاولوا أن يطبقوا الديمقراطية لانتخاب لجنة متابعة فتبين للحاضرين أن الذين اقترحت أسماؤهم من رئاسة المؤتمر عشرون وأن المطلوب انتخابهم عشرون فحار المشتركون واعترضوا وظلوا يعترضون حتى مزقت فقرة الانتخاب وألغيت واستبدلت بنهج ديمقراطي جديد : (أهلا وسهلا باللي جاي) وتعني في لغتهم السياسية الرصينة : من يريد أن يكون في اللجنة فأهلا به الآن وفي المستقبل ومتى ارتأى.

بعد فشل المتمعن في تحليل الاجراءات والممارسات في المؤتمر للوصول الى معرفة إطار هذا الحزب الوليد كان لابد من التمعن في الأشخاص وتاريخهم الفكري والسياسي والنضالي..

لقد ازداد الأمر صعوبة فالذين لم يطبقوا أي شيء ديمقراطي ليدلوا على اطارهم كانوا متباينين فكريا وتاريخيا الى حد عجيب...
كان هناك شيوعيون متطرفون نافسوا لينين في طرح ديكتاتورية البروليتاريا فكيف أصبحوا اليوم ديمقراطيين....ومتى أصبح في الشيوعية ديمقراطية؟ سالت أحد كبارهم فأجابني إنها الشيوعية المعدلة الحديثة... طورناها وحرفنا كلم الآباء المؤسسين عن موضعه أجابني ومضى الى البارليشرب الويسكي الامبريالي.

كان هناك اشتراكيون علميون وقوميون اشتراكيون واشتراكيون ماويون وكان هناك قوميون عرب واتحاديون اشتراكيون وكان هناك الكثير من البعثيين ظن المتمعن أنهم بعثيون منشقون ولكنه فوجئ أنهم مستمرون لايزالون يعتقدون بالدور القيادي لحزب البعث العربي الاشتراكي.

كان في المؤتمر بعض أتباع بقايا الكتل الديمقراطية السورية القديمة الذين ضاعوا تماما وسط ديناصورات الشيوعية والاشتراكية والقومية والبعثية..
ولم يفلح التمعن في تاريخ الأشخاص وانتماءاتهم القديمة في شيء لمعرفة الإطار الجامع لهذا التجمع الماضي الى التحزب المنظم.

ولم يبق أمام المتمعن إلا إطارا واحدا عاما وفضفاضا ليلم الحضور المؤتمرين ضمنه وليجعلهم مجتمعين لإسقاط النظام وما يجمعهم هو كره النظام الفاشي ومفاصلته ونبذ فكره وتاريخه الأسود.... ولكن المتمعن ذهل وذهل معه عشرات عندما وجد في الصف الأول رئيس أكبر حزب كردي شوفيني متحالف ومازال مع بشار السفاح ومازالت مليشياته الى الآن تقاتل وتصطدم بألوية الجيش الحر في المناطق المشتركة وأصر منظمو المؤتمر بكل أوزانهم بشدة على اشراكه في المؤتمر ولجانه....

وقد حاور المتمعن سيدة كانت من رموز النظام وظنها قد انشقت وندمت ولكنها أذهلته عندما قالت بجرأة هائلة أنا غير نادمة لقد مضيت مع النظام عن قناعة ومازلت مقتنعة بكثير من الامور التي طرحها و يطرحها النظام ولكنني تركت لأنني لا أحب الدم (ياي)... ثم نهضت لتبدل ملابسها فقد بدأت فترة السواريه..
لقد زادت الحيرة والدهشة والصدمة... ما الذي جمع هؤلاء ماالذي لمّهم ؟ ما الإطار الذي يؤطرهم ويجمعهم....حتى الود بينهم مفقود والاحترام المتبادل مفقود ولا شيء مشترك بينهم لافي الفكر ولا في الممارسة...إلا أمرا واحدا كان كثير منهم يحرص عليه يوميا وكل مساء إنه الويسكي.

إنه الويسكي يجمعهم وهم يتقاربون ذهنيا وفكريا وسياسيا بوجود الويسكي ويشترك أغلبهم بخشيته وحرصه على الويسكي وجميعهم ضد من يحرم الويسكي... ولو خيرتهم بين بقاء بشار وزوال الويسكي لاختاروا بقاء بشار.

إنه حزب الويسكي له أتباع كثر وهو الحزب الذي فيه من كل مكونات الشعب السوري ولايميز بينهم ولا فرق فيه بين ذكر وأنثى أو أبيض وأسمرإلا بالسكر والإدمان والتسلق.