تركيا العثمانية سابقاً وايران الفارسية سابقاً وأسلمة شعبيهما عمل أدركه الرسول الأعظم ولم يدركه من تبوء السلطة السياسية وتسلط على رقاب المسلمين لاحقاً. العلمانية حالياً تدار سلطنتها من خليفة مسلمي العصر quot;أوردغان quot; من جهة وعقلية quot;الخمينيquot; من جهة، بعد أن ترك العرب دورهم التاريخي والأخلاقي ونسوا أن القرآن quot; نزلَ عربياً وأنتشر في بقاع الأرض أسلامياً quot; وأندس في تعاليمه وتفسيره بلا عنصرية الانسان الأبيض والأسود في بقاع الأرض، كما أندست فيه عناصر تداولته لتدنيسه والأنقلاب على أخلاقيته وتسامحه، ولايسعني أِلا أن أراها كمهمة العدو الصديق العاقل والصديق العدو الجاهل في خلقهم البلبلة واللغط السياسي بخبث وتفسير متعمد يفقدنا النظرة الأنسانية للعالم.
تأييد العدو العاقل وتحريض الصديق الجاهل مرفوض في الحالتين. أنه دخول العقل العربي بطرق الدبلوماسية المقنعة لتقسيمنا بين شيعي وسني وشرذمتنا بين كردي وتركماني وفيلي ومسيحي وفرط اللحمة والمحبة التي نشأنا وتربينا عليها. فأغنية عتابا شعبية ورقصة دبكه فلوكلورية كانت تجمعنا، وفتنة خطيب لعالم دين في أستطاعتها قتلنا. أنه الأمر الذي دفعنا الى وزن الأمور السياسية وعدم الوقوع بين العدو العاقل والصديق الجاهل.
لغط العدو العاقل والصديق الجاهل يدفع بالأنتهازين الى العمل المرفوض فكرياً ومجتمعياً وتاريخياً ويدعوهم الى مصادقة التطرف اليميني لأكثر أعداء العرب والأسلام كالسناتور الأمريكي جون مكين، صقر الصهيونية وأسرائيل، الذي زار المنطقة وجلست معه على الحدود التركية -السورية عناصر تَدعي حب الوطن. السناتور الأمريكي المتصهين كان قد أبلغ دبلوماسيين عرب خلال حضوره هامش قمة دافوس على البحر الميت بأن معركة القصير أساسية وأن المطلوب مرحلياً منع النظام السوري من الإحتفال الكبير بإقتناص مدينة القصير والسيطرة على الشريط الجغرافي بمحاذاة إسرائيل.
الخضوع للأدارة الأمريكية والولاء العربي لتركيا وأيران، شكّلَ ومازال يشكل خطراً على أمن وسلامة ومستقبل العالم العربي، ومايجري في سوريا أعادة المسرحية التي مرَّ بها شعب العراق بكل فصولها، بل أسوء مما جرى على أرضه. ولقد أثبتت تفجيرات المساجد والحسينيات والأسواق العامة وقتل الأبرياء ذلك.
ولعل مشاهدة شريط الفديو المرفق أدناه يعطي الشهادة الكاملة على أن حرية الأرهاب في سوريا و محاكم الشوارع التخويفية (القيادات اثورية التي أجتمعت مع السناتور الصهيوني المعادي للعرب جون مكين على الحدود التركية السورية ملمة بالشريط المخجل) وطرق الجلد تتنافى مع كل من له ضمير وأن مايتعرض له شعب سوريا من ممارسات مهينة بعيدة كل البعد عما هو معروف عن المجتمع السوري وشرفاء قياداته.
http://www.youtube.com/watch?v=ckVck_2x5vUamp;feature=you
أي قيمة أدبية أو خُلقية أجتماعية تُعطى للثورة التي تسمح بقيام الرعاع بجلد مواطنيها في شوارع سوريا بمحاكمات وثنية لاعلاقة لها بالأسلام؟ وعلى عكس الدولة اليهودية المستقلة التي تحترم مواطنيها و تحتفل بعيد أستقلالها كل عام، فأن دول عربية عديدة غير مستقلة وغير مكتملة السيادة الوطنية طالما يقرر أرادتها ثوار التخويف والتدمير والتفجير و تنصت وتحتكم فقط للعدو العاقل والصديق الجاهل.
أما اللجوء الى الأدارة الأمريكية وتحكيمها، فأن تلك الأدارة المطعمة بالخاضعين لأسرائيل لاتستطيع مناصرة القضايا العربية ولن تناصرها يوماً، ولن يستطيع رؤسائها ودبلوماسيّها حل قضية العـرب الأولى في فلسطين، ولن يقفوا الى جانب الحق العربي، وكان السادات قد أكتشف ذلك عندما قال ( إن الأمريكيين يمتلكون 99% من أوراق اللعبة السياسية في المنطقة). ودعوة ثوار سوريا للسناتور (الصديق) جون مكين تقع في مصلحة أسرائيل بالدرجة الأولى، ودعوة الصديق التركي أوردوغان والمسلم الأيراني نجاد لتزويد ثوار سوريا أو نظام سوريا بالسلاح والعتاد والمال ليس الحل المنطقي، وهي دعوة مداهنة لأسرائيل للتوسع في الأرض العربية وأستمرار الاقتتال بين العرب وخدمة مجانية الى قوى أجنبية. والمهمة الصعبة الحالية هي كيفية التخلص من أكثر من 100 ألف مقاتل دخلوا الأراضي السورية من دول عربية وأجنبية للقيام بأعمال تخريب إرهابية باسم الجهاد. أنها دعوة الى محاربة أهل سوريا لأن ألأقلية شيعية، ودعوة الى محاربة أهل لبنان لأن أغلبية شيعته قاتلت الأحتلال الأسرائيلي ودحرته من الأراضي اللبنانية في معارك 2006.
نقلتُ هذا العنوان الرئيسي من أحدى الصحف العربية (القادة السياسيون يجتمعون السبت المقبل لبحث الأزمة). هذا العنوان التخديري ينطبق على معظم الدول العربية التي تئن وتتألم من حكامها وقادتها الذين يجتمعون على لاشيئ ويضعون حلولهم كما تردهم من الصديق العاقل والعدو الجاهل.
في أسطنبول، أعلن جورج صبرة أحد قادة الثورة السورية من الائتلاف المعارض للنظام أن القادة لن يشاركوا في مؤتمر السلام الدولي quot;جنيف 2quot; المقترح من روسيا والولايات المتحدة ليضيف مأساة جديدة لأستمرار القتل والتخريب بين النظام والمعارضة بعد مرور سنتين من الدمار ويتيح لأسرائيل المجال للأستمرار في تصعيد عملياتها وضرباتها الجوية ضد الأراضي السورية وتشديد قبضتها على الجولان.
ويقابل ذلك الأعلان أشارة الأسد في مقابلة مع قناة quot;المنارquot;، إلى إن (الرد المؤقت لسوريا على الهجمات الأسرائيلية ليس له قيمة....وقوله (نحن إذا أردنا أن نرد على إسرائيل.. فيجب أن يكون ردأ استراتيجيا). أنه دليل آخر على أن أقتتال الأخوة السوريين أضعف كل الجبهات، وسوريا كما يعرف أصدقائها وأعدائها لاتملك أمكانية أي عمل عسكري ضد أسرائيل في الوضع الميداني الحالي.
ولو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان وسوريا سيستفيق العرب من نومهم ويجتمعوا مع أعداء العرب والأسلام كما أجتمعوا في الماضي مع الصديق العاقل والعدو الجاهل لشجب الاجتياح الأسرائيلي ليتبعه تسليم مقاليد أمورهم وأراضيهم وأعراضهم ومصير أهاليهم الى مجلس الأمن الذي لن يرعى أِلا المصالح الغربية وعملائهم في المنطقة.
هذه العبودية للحلول الأجنبية هي الصفة التي يتحلى بها العرب قبائلاً وشعوباً وحكاماً والإصرار العربي على أقتتال المذاهب هو ألأصرار على عدم معرفة حقيقة العلاقة التي تجمع الشعب الواحد وسبل والركون إلى الحوار والعيش المسالم.
quot;Do not curse a god you donrsquo;t worshipquot; quot;لا تشتم الهاً لا تعبدهquot;
وُجدتْ هذه الجملة، مكتوبة باللغة الارامية، في معبد تدمر قبل 2500 عام، وهي تدل على ان اجدادنا قبل اكثر من 2500 عام كانوا أكثر عقلاً وحكمة واكثر تسامحا وقبولا للاخر من شعوبنا حاضرا حيث يكفّرون ويقتلون بعضهم بعضاً ويشتمون معتقدات بعضهم رغم انهم يعبدون أِلها واحد ولهم دين واحد ونبي واحد وكتابهم واحد.
وبسبب هذا الأدمان التاريخي واللغط المذهبي التحريضي على الأقتتال أصبح من الصعوبة تنظيف الفكر العربي وتوجيهه للقراءة الصحيحة لمبدأ القبول بالتأخي او رفضه على أسس واضحة للمجتمع المدني. وقد زاد من هذا الأدمان أنتشار فضائيات الاعلام العربي الموجه التي يحرضها المال. فالمعركة التي دارت وتدور على الأرض العربية هي معارك تفضيل العقيدة المذهبية والقبول بأستخدام المذهب في الأرهاب والرعب والتخويف الديني الذي يشارك فيه الوسطاء والمندسين، سواء أكانو في شوكة السلطة والمواقع العليا والقيادات العسكرية و الامنية أو بين الفئات التي تشغل مناصب أدارية وسياسية وأصحاب المنابر الدينية وأدخالهم العقيدة المذهبية بمساندة خارجية في التمويل والتسليح والأسناد السياسي. ومن دون أستبدال الوسطاء وعزل تدخل العدو العاقل والصديق الجاهل ( وهي الضرورة القصوى) فأن منهج التربية الوطنية يسوده الخلل العام والفوضى، يضع المواطن العربي في خيام الحيرة التي نصبها الصديق العاقل لأكثر من 100 ألف سوري مشرد داخل الأردن والصبر على العدو الجاهل من المرتزقة الذين دخلوا بلاد الشام دون أذن لنشر الرعب والفقر وحرية الأرهاب، ووقوف بقية العرب بأنتظار نتائج مباحثات منظماتهم الهيكلية الهزيلة التي ليس لها قدرة التمييز والتفعيل.
لقد شاهدنا ذلك في العراق على مدى السنين الاخيرة، وأستمرار هذه الظاهرة كما أشرنا أليها تحمل في طياتها أبعاداً لن يكون التدهور الأمني وأرتكاب الجرائم أولها، ولا تغيير الأنظمة آخرها. أنها المأساة الأنسانية.
باحث وكاتب سياسي
1.The sentence was found written in Aramaic in a temple in Palmyra 2500 years ago.
- آخر تحديث :
التعليقات