حزب الدعوة وولاية الفقيه: 3
بعد الحديث عن الآصفى فى الحلقة الأولى والحائرى فى الحلقة الثانية جاء دور العسكرى فى هذه الحلقة الثالثة
يعدّ مرتضى العسكرى من أهم الشخصيات فى تاريخ حزب الدعوة قيادة وتنظيرا، فكرا وسياسة وعملا. ولد العسكرى عام 1332 هجرية فى مدينة سامراء بقى فيها لدراسة المقدمات فى الحوزة ثم رجع إلى قم لتكملة دراساته الدينية ثم عاد فترة إلى العراق ثم رجع إلى إيران، ومن أهم أساتذته هو الخمينى، فالعسكرى من ذوى الأصول الإيرانية التى تحمل جنسيتها وولاءها وانقيادها
بعد خروج السيد محمد باقر الصدر (ت 1980) من حزب الدعوة فى بداية الستينات وتحريمه الدخول فى الحزب على رجال الدين لأنه لم يجد مبررا شرعيا لتأسيس الأحزاب الإسلامية وكانت استدلالاته السابقة من آيات الشورى وغيرها لم تعد نافعة ولا كافية بعد معارضة ثلاث مراجع له وهم الحلى وآل ياسين والحكيم& فضلا عن تصوره للشخصنة فى الحزب وما أسماه (الحزبية الصنمية) التى تتنافى مع مبادئ الإسلام وقيمه لأنها تفضل الحزبى غير المؤهل على غير الحزبى المؤهل والأفضل، جاء الدور القيادى الجديد للحزب من الثلاثى مرتضى العسكرى كرجل دين منظر وزعيم وأبو حسن (محمد هادى) بن شيخ عبد الله السبيتى القائد الفعلى الميدانى للحزب والذى كتب منشورات (صوت الدعوة) التى تدرس تنظيميا فى الحزب، وعبد الصاحب دخيل مسؤول الخلايا التنظيمية كما شرحت سابقا فى تاريخ حزب الدعوة
مرتضى العسكرى زعيمهم يعدُّ من منظرى التشيع الفارسى المعاصر فى مختلف أبعاده ويظهر فى حركته كما يظهر فى كتبه خصوصا مثل (معالم المدرستين) كمقارنة لمدرستى السنة والشيعة وفيه من المفارقات والتناقضات والأخطاء الشئ الكثير، و(أحاديث عائشة) وكتابه الهزيل (الأسطورة السبأية) وهى أكذوبة كاملة قد رددتُ عليها فى كتابى (التشيع العربى والتشيع الفارسى) وأثبت إجماع فقهاء الشيعة المتقدمين على وجود عبد الله بن سبأ وتأثيره ورفض الإمام على لأفكاره المغالية. وعندما سألتُه العسكرى (كيف تدعى أن لا أحد من فقهاء الشيعة القدماء يؤمن بابن سبأ، رغم أن الحقيقة تسالمهم جميعا على وجوده أى عكس ما كتبتم) أجابنى العسكرى (قليل هم من يقرأ من الشيعة وأكثرهم عوام يرددون ما يسمعون، وأقل من القليل من يغور فى التحقيق). وكذلك كثير من الكتيبات البسيطة غير العلمية التى طبعها كما لا نوعا مثل عقائد الإسلام والبناء على القبور والزواج المؤقت
وقد سلّمه خامنئى كليات عديدة افتتحها فى قم ومختلف المحافظات الإيرانية (دانشكدة أصول الدين) وكان هدفه الأساس تحويل السنة إلى شيعة تابعين لولاية الفقيه -الخامنئى
كما يذكر عنه على شريعتى (تعصبه –أي مرتضى العسكرى- تعصب أعمى لمن يخالفه حتى فى طريقة التفكير وطبيعة المزاج فإنه لايتورع عن تكفيره بدون ترديد ويتهرب من الجواب ثم السيل من السباب والشتم والإتهام بالفسق والتكفير) وقد أجاب العسكرى شخصا، يشكك فى سند رواية شتم للخلفاء والطعن فى عائشة، قائلا (أنت مشكوك فى أصلك واسأل أمك عن أصلك فإنه لايبغض عليا إلا ابن زنا) وقد أصدر مرتضى العسكرى بيانا ضد الإرشاد وضد على شريعتى بخط يده وفيه (متى كان عمر بن الخطاب شريف بنى عدى، أما نسبه فقد كانت الصهاك جارية لعبد المطلب وكانت ذات عجز وكانت ترعى الإبل وكانت تميل إلى النكاح فنظر إليها نفيل جد عمر فى مرعى الإبل فوقع عليها فحملت بالخطاب فلما أدرك البلوغ نظر إلى أمه صهاك فأعجبه عجزها فوثب عليها فحملت منه بختمة، فلما ولدتها خافت من أهلها فجعلتها فى صوف وألقتها بين أحشام مكة فوجدها هشام بن المغيرة بن الوليد فحملها إلى منزله ولما نظر إليها الخطاب فمال إليها وخطبها من هشام فتزوجها وأولد منها عمر فكان الخطاب أباه وجده وخاله وكانت ختمة أمه وأخته وعمته… (من جده خاله ووالده وأمه وأخته وعمته أجدر أن يبغض الوصى وأن ينكر فى الغدير بيعته) إنتهى كلام مرتضى العسكرى..!
هذا هو التشيع الفارسى الذى يكفر الخليفة الثانى ويزرع الأحقاد والتكفير والظلم والعدوان.
أما قصة ابن سبأ فقد وردت روايات كثيرة عن الأئمة على بن أبى طالب والحسنين والباقر والصادق والسجاد وغيرهم تحدثت عن عبد الله بن سبأ وعقائده الفاسدة وفرقته الضالة منها ولم يرد تشكيك فى وجوده من أى إمام أصلا
عن أبي جعفر الباقر: (أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين هو الله -تعالى عن ذلك- فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال: نعم أنت هو، وقد كان قد ألقى في روعي أنت الله وأني نبي، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك قد سخر منك الشيطان، فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فأبى، فحبسه، واستتابه ثلاثة أيام، فلم يتب، فأحرقه بالنار وقال: "إن الشيطان استهواه، فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك").
وعن أبي عبد الله الصادق أنه قال: (لعن الله عبد الله بن سبأ، إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام، وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبداً لله طائعاً، الويل لمن كذب علينا، وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم، نبرأ إلى الله منهم)، (معرفة أخبار الرجال) للكشي (70-71)، وهناك روايات أخرى كثيرة.
كما تحدث عنه فقهاء الشيعة فقد قال الصدوق القمى (ت381ه) أحد أعمدة تأسيس الفقه فى القرن الثالث وصاحب الكتاب الثانى من المصادر الحديثية (من لا يحضره الفقيه) راويا عن الإمام على: (إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء وينصب في الدعاء، فقال ابن سبأ: يا أمير المؤمنين أليس الله عز وجل بكل مكان؟ قال: بلى، قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟
فقال: أو ما تقرأ قوله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)، فمن أين يطلب الرزق إلا موضعه؟ وموضعه -الرزق- ما وعد الله عز وجل السماء) (من لا يحضره الفقيه) (1/229).
و يذكر الصدوق القمي في نفس الكتاب، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رفع اليدين إلى السماء أثناء الدعاء .ج1-213
و قال الفقيه أبو جعفر الطوسي ( ت 460هـ ) في كتابه تهذيب الأحكام ( 2/322) وهو المصدر من الكتب الحديثية الأربعة المعتمدة قال أن ابن سبأ كافر وأظهر الغلو .
وقال المحقق الفقيه الشيعى عبد الله المامقاني: (عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلو) وقال: (غال ملعون، حرقه أمير المؤمنين عليه السلام بالنار، وكان يزعم أن علياً إله، وأنه نبي) (تنقيح المقال في علم الرجال)، (2/183، 184).
وقال الفقيه سعد بن عبد الله القمي (ت301ه) في معرض كلامه عن السبئية: (السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني، وساعده على ذلك عبد الله بن خرسي وابن اسود وهما من أجل أصحابه، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم)
و نقل الفقيه سعد القمي في كتابه (المقالات و الفرق) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة ، و تبرأ منهم ، وادّعى أن علياً أمره بذلك . و ( أن السبئية قالوا للذي نعاه ( أي علي بن أبي طالب ) : كذبت ياعدو الله لو جئتنا والله بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وإن لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ثم مضوا …)
وقال الفقيه نعمة الله الجزائري: (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبى طالب: أنت الإله حقاً، فنفاه علي إلى المدائن، وقيل أنه كان يهودياً فأسلم، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وفي موسى مثل ما قال في علي) (الأنوار النعمانية) (2/234). كذلك الفقيه محمد باقر المجلسي ( ت 1110هـ) المعتمد عند الصفويين في كتابه بحار الأنوار (25/28-287) .
أورد الناشئ الأكبر (ت 293هـ) في كتابه مسائل الإمامة ما يلي: (و فرقة زعموا أن علياً حي لم يمت ، و أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. )- مسائل الإمامة ص22-23
و يتحدث الفقيه الشيعى الحسن النوبختي (ت 310هـ) في كتابه فرق الشيعة (ص 23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن ، قال للذي نعاه : كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت و لم يقتل ، و لا يموت حتى يملك الأرض.
و يقول في (ص 44) وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصيا بعد موسى بالغلو فقال في إسلامه بعد وفاة النبي في علي بمثل ذلك وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه. عبد الله بن سبأ كان ممن أظهر الطعن على أبى بكر، وعمر، وعثمان، والصحابة، وتبرأ منهم، وقال إن عليا أمره بذلك، فأخذه علي، فسأله عن قوله هذا، فأقر به، فأمر بقتله فصاح الناس إليه، يا أمير المؤمنين أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم، أهل البيت، وإلى ولايتكم، والبراءة من أعدائكم، فسيره إلى المدائن
و روى الفقيه الشيعى الكشي ( ت 340هـ ) في كتابه الرجال ( ص 98-99) بسنده إلى أبي جعفر محمد الباقر قوله : أن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة ، و يزعم أن أمير المؤمنين هو الله تعالى . و ينقل أقوالا مشابهة عن الأئمة جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في نفس الكتاب
و يروي الكشي أيضا بسنده إلى أبي جعفر ( أنه بلغ ذلك أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال : نعم أنت هو وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي فقال له أمير المؤمنين : ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أنه نفاه بالمدائن …)
وكذلك الفقيه الشيخ محمد المفيد ( ت 413هـ ) في كتاب شرح عقائد الصدوق ( ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة ، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار .
كما نقل ابن شهر آشوب ( ت 588هـ ) في مناقب آل أبي طالب (1/227-228 ) عبد الله ابن سبأ.
وذكر الحسن بن علي الحلّي ( ت 726هـ ) في كتابه الرجال (2/71) إلى ابن سبأ.
و يرى ابن المرتضى ( ت 840هـ ) – و هو من أئمة الشيعة الزيدية - : أن أصل التشيع مرجعه إلى ابن سبأ ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة . تاج العروس لابن المرتضى ( ص 5 ، 6 ) .
و يرى الأردبيلي ( ت 1100هـ ) في كتاب جامع الرواة (1/485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته .
كذلك طاهر العاملي ( ت 1138هـ ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص 62 ) .
كذلك الخوانساري فقد ذكر ابن سبأ عنده على لسان الإمام جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير . روضات الجنات (3/141)
&وقال العلامة الحلى: إبن سبأ غال ملعون حرقه أمير المؤمنين بالنار كان يزعم أن عليا إله-الخلاصة الفسم الثانى الباب الثانى 236
و ذكر ابن أبي الحديد (ت 655هـ) في شرح نهج البلاغة ( 2/99) ما نصه : (فلما قتل أمير المؤمنين أظهر ابن سبأ مقالته ، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه) .وقال ابن أبي الحديد أن عبد الله بن سبأ قام إلى علي وهو يخطب فقال له: (أنت أنت، وجعل يكررها، فقال له -علي- ويلك من أنا، فقال: أنت الله، فأمر بأخذه وأخذ قوم كانوا معه على رأيه)، شرح نـهج البلاغة (5/5).
وذكر المؤرخ الشيعي محمد بن خاوند في "روضة الصفا": " أن عبد الله بن سبأ تظاهر بالعلم والتقوى، حتى افتتن الناس به، وبعد رسوخه فيهم بدأ يروج مذهبه ومسلكه، ومنه، وقال: إن الأمة ظلمت عليا، وغصبت حقه، حق الخلافة، والولاية، ويلزم الآن على الجميع مناصرته ومعاضدته، فتأثر كثير بأقواله وآرائه... ".
وغيره كثير جدا مما يثبت وهن ادعاء العسكرى عدم وجود أى مصدر شيعى لابن سبأ فى المصادر كما ثبت بالتفصيل فى كتاب (التشيع العربى والتشيع الفارسى) مما يجعل العسكرى رمزا من رموز التشيع الفارسى المعاصر والتبعية لولاية الفقيه الإيرانية فكرا وسياسة
وهناك حلقات أخرى لاحقة
&
التعليقات