الإنقسام الفلسطيني أو كما يطلق البعض عليه إسم "صراع الإخوة" هو مصطلح يشير إلى نشوء سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في صيف عام 2007م في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية، والأخرى تحت سيطرة حركة حماس الإسلامية في قطاع غزة، وذلك بعد فوز حركة حماس في الإنتخابات التشريعية في مطلع عام 2006م، ونشوء أزمة سياسية إرتبطت بعراقيل للإنتقال السلمي للسلطة داخلية وخارجية، وخضوع أجهزة السلطة الفلسطينية للحركة التي كانت تقليديا ومنذ توقيع إتفاقية أوسلو في عام 1994م تمسك بزمام الحكم الذاتي الفلسطيني، أي حركة فتح. ولا يبدو في الأفق القريب أن قطبي الصراع الفلسطيني – الفلسطيني (أي حركتي فتح وحماس) في وارد الوصول إلى المصالحة الوطنية رغم النكبات التي حلت بالشعب الفلطسيني منذ إنقلاب غزة في 14/6/2007م.

منذ إنسحابها من قطاع غزة عام 2005م، شنت إسرائيل ثلاث حروب على القطاع في الأعوام 2008-2009 و 2012 و 2014م. وتعد الحرب الأخيرة التي أطلقت عليها إسرائيل إسم "الجرف الصامد" بينما أسمتها حماس "العصف المأكول" الأعنف من بين الحروب الثلاث، حيث إستمرت 51 يوما وأسفرت عن إستشهاد 2165 فلسطينيا، وإصابة أكثر من 11 ألفا آخرين، كما أن عدد الوحدات السكنية التي تهدمت أو تضررت بلغ 28366 وحدة سكنية. في المقابل، كانت خسائر إسرائيل حسب البيانات الرسمية تفيد بمقتل 68 عسكريا، واربعة مدنيين إسرائيليين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيليا بينهم 740 عسكريا.&

الشيئ المؤسف حقا أنه منذ أن سيطرت حماس على قطاع غزة في منتصف شهر يونيو من عام 2007م، لم تتوقف الحرب الكلامية والإتهامات والشتائم المتبادلة بين الفريقين، آخرها الإتهامات التي ساقها "السيد محمود عباس" ضد حماس، حيث ذكر أن حماس إتفقت مع إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية تتكون من قطاع غزة وجزء من أراض تقتطع من شبه جزيرة سيناء المصرية. وكالعادة في كل مرة، رد ممثل حركة حماس بتكذيب "السيد عباس" وإتهامه بأنه هو من أضر بالقضية الفلسطينية عبر إنصياعه للضغوط الأمريكية والإسرائيلية وتقديمه التنازلات المجانية على حساب الحقوق التاريخية للفلسطينين.

قادة كل من فتح وحماس جميعهم يتحدثون في خطبهم السياسية الرنانة (ليلا ونهارا) عن تحرير الأرض وإنشاء الدولة الفلسطينية وحقوق اللاجئين، ولكن تصرفاتهم على أرض الواقع تقول غير ذلك، فأكثرهم يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية عبر التشبث بالسلطة ولو ادت إلى حرب أهلية. في الأنطمة الديمقراطية التي تحترم شعوبها، إذا حصل تجاذب وخلاف بين الأحزاب السياسية المشاركة في الحكم واستعصى عليهم الوصول إلى إتفاق، فإنهم يحتكمون إلى الشعب (مصدر السلطات) عبر الإستفتاء الحر والنزيه على الموضوع أو المواضيع الخلافية.

وحيث أن الخلاف بين الحركتين الرئيسيتين (فتح وحماس) – في إعتقادي الشخصي – يتركز حول كيفية حل القضية الفلسطينية، حيث أن حركة فتح ومن يدور في فلكها من الحركات الفلسطينية الأخرى قبلت بحل الدولتين طبقا للقرارات الدولية الشرعية (أرقام 194 و 242 و 338)، بينما حركة حماس ومن يدور في فلكها يطالبون بتحرير كامل فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، وعلينا إحترام وجهة نظرهم سواء كانت واقعية أو غير واقعية.

وبما أن الحوار بين الحركتين الرئيسيتين قد وصل إلى طريق مسدود وأن الخلاف يعتبر جوهريا، فلا يوجد طريق آخر للخروج من هذا النفق المظلم والخطير إلا بالاحتكام إلى الشعب الفلسطيني الذي يدعي كل طرف انه يمثله، وذلك بالدعوة إلى إستفتاء عام حول هذا الخلاف الجوهري الذي طال أمده وقصم ظهر الشعب الفلسطيني وأوصله إلى حافتي اليأس والهاوية. ليعطى الشعب الفلسطيني الفرصة ولو لمرة واحدة ليقرر مصيره ويتحمل نتائج قراره بنفسه، بعد أن عاش تجربة حكم الطرفين اللذين يتنازاعان تمثيله، ولم يحققا له شيئا مما يطمح له من أمن واستقرار وحياة كريمة كباقي شعوب العالم.

آخر الكلام: سمعت أحد قادة حماس في مقابلة إذاعية مع مجطة الـ BBC البريطانية يقول: إتفقنا مع السيد محمود عباس على حل الدولتين كمرحلة مؤقتة. لم أفهم في الحقيقة ماذا يقصد بالمرحلة المؤقتة وخصوصا أنه لم يسهب في شرحها. أقول للأخ العزيز: إذا قبلتم بحل الدولتين طبقا للقوانين الدولية المذكورة أعلاه، وتم الإعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل دول العالم وأصبحت دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. هذا يعني إعترافا صريحا منكم بدولة إسرائيل لن تستطيعوا أن تنقضوه لاحقا. كونوا صادقين وصريحين مع شعبكم.&

&