منذ بداية هذه السنة 2015 بدأت النشاطات المختلفة وفي مختلف بقاع العالم للتذكير بالمذابح التي اقترفت بحق الاشوريين خلال الحرب العالمية الاولى والتي سميت بسيفو اي السيفا وقطلعما اي ابادة الشعب، مذابح ابتدأت منذ 12 تشرين الثاني عام 1914 عندما اعلن السلطان محمد الخامس الجهاد والانظمام الى المحور وتاييد ذلك من خلال فتوى شيخ الاسلام بالجهاد ضد الكفار، واستمرت حتى نهاية الحرب في عام 1918. ذهب ضحيتها وحسب الارقام المتداولة (مليون ونصف المليون من الارمن، سبعمائة وخمسون الف اشوري (سريان وكلدان ونساطرة) ومائة الف يوناني. ترمي النشاطات من اجل تذكير العالم بهذه المذابح البشعة التي اقترفت ضد ابناء شعبنا وتركته عاجزا لعقود طويلة عن لملمة جراحه، لا بل تركته اقلية غير قادرة على المطالبة وتحقيق حقوقها المشروعة. ان النشاطات السياسية والاعلامية والجماهيرية ترمي الى نيل الاعتراف بحق شعبنا الواضح بما لحق به، وضرورة معالجة الاثار السياسية على الاقل لما حدث، وحقه في نيل اعتذار رسمي عما لحق بحقه، من قبل من يدعي تمثيل استمرارية السلطة والدولة المسؤولة عن حملات الابادة الجماعية.
&مار بنيامين شمعون&يطريرك كنيشة المشرق، تم اغتياله اثناء الاحداث
ليس من السهل تحمل وزر الظلم والاجحاف الذي لحق بشعبنا، هذا اعتراف قد يكون مقلوبا وغير مفهوم لدى البعض، ولكن الضحية تشعر بثقل الالم المستمر لما لحق بها، وحينما لا تجد منافذ للتنفيس عن الامها او معالجة اثار الالام حينها يتحول الامر الى مرض يستعصى معالجته، مرض قد يتحول الى كره للعالم كله، لانه لم يحاول ان يمد يد المساعدة لمن احتاجها ولا يزال يحتاجها، لكي يعبر الطريق المظلم الذي وضع فيه. ولتوضيح بعض امثلة المعاناة اليومية وعلى مستوى الشعب ومطالبه بالخصوص، اطرح مثال يتم تعييرنا، كلما طالبنا بحقنا في المشاركة في تقرير مصير بلدنا، باننا اقلية، يا ترى لو لم يكونوا قد قتلوا هذا العدد من ابناء شعبنا خلال هذه المذابح والمذابح التي سبقتها والتي تلتها، هل كانوا يتمكنون من تعييرنا هكذا؟ والمرارة تكون اشد حينما يعيرك من شارك اباءه او اجداده في قتل شعبك بهذا الامر، دون ان يرف له جفن، اي نعم في الحوار الجانبي قد يقر شخص ما بان ما حدث كان جريمة، وقد يبرره بان الدافع كان دينيا، ولكن حين التطبيق على الارض يتم محاسبتك وتفصيل حقوقك على اساس انك اقلية، هل تدركون مدى الالم الذي يمكن ان يستشعره الانسان حينها؟
نحن ندرك ان لا معنى ابدا للانتقام حتى لو قدرنا عليه، لانه لن يعيد لنا قتلانا ولا يضاعف اعدادنا، ولكننا نرمي الى الحصول على العدالة، التي تقول اي نعم لقد تعرضتم ظلما لكل هذا ولتفادي استمرار ذلك ومعالجة اثاره، نتشارك جميعا معكم في وضع اساس قانوني يحميكم من غول وشره الاكثريات التي بين الحين والاخر تستل سيف الايديولوجية الدينية وترميه في وجوهكم مهددين وجودكم. هل هذا كثير، سؤال اوجهه للعالم كله عالم القرن الواحد والعشرو ن. ولعل الاحداث خلال السنوات الاخيرة في العراق وسوريا وغيرها من المناطق وما احاط الاشوريين والازيديين خير دليل على ما اقول.
يا ترى هل كان هناك مبرر للهمجية هذه، لهذا القتل المجاني، لهذه الابادة المجنونة، اذا كان يحق لنا ان نسأل حقا عن مبرر، لمثل هذه الممارسات التي لا تبرير لها؟ الحقيقة المؤلمة ان ان المدافعين عن موقف السلطنة ومن شاركها من العشائر، يحاول اما نفي احتمال قتل هذا العدد الكبير من الناس، اي بمعنى انهم يشككون في العدد، وهذا يذكرني بما قاله حسن عبد المجيد وزير الدفاع العراقي في زمن صدام حينما قال وهو يفند دعوة الكورد بانهم قتلوا منهم في الانفال مائة وثمانون الف انسان، قال ولماذا هذا التضخيم ان القتلى لا يتجاوزون المائة الف! اي ان المهم ليس القتل بل العدد، ولكن يتناسى الكل ان القتل هو جريمة تحرمها كل الشرائع الدينية والارضية، اما البعض الاخر فيحاول الايحاء ان الارمن كانوا يتأمرون على السلطنة، متناسين انه لا يمكن ان ينضم شعب كامل في مؤامرة بهذه الضخامة، وانه لا يمكن ان يتم قتل كل هذه الاعداد لهذا السبب، وان السلطنة لم تكن من ممتلكاتهم بل كان الارمن والاخرين شركاء و اصحاب ارض وكانوا مهانون ومظلومون ومن حقهم البحث عن حقوقهم، ولكن ماذا عن الاشوريين وعن اليونان، ماذا عن الحملات الابادة على الازيدية والتي تجاوزت السبعين حملة، ولماذا لم يلاقي العرب نفس الامر وهم كانوا يتامرون علنا. اذا كل محاولات التبرير تبقى واهية عن هول المذبحة البشرية التي اقترفت بحق بعض الشعوب الاصيلة لهذه المنطقة، بل تبقى هناك اسباب ايديولوجية وتعاليم دينية تحث وتسمح بذلك.
التعليقات