&تعاظم دور التنظيمات الاسلامية المتطرفة في الحرب السورية وسيطرة "تنظيم الدولة الاسلامية – داعش" على مناطق واسعة من سوريا والعراق واعلانها "دولة خلافة اسلامية". هذه التطورات الميدانية وغيرها التي استجدت على المشهد السوري المضطرب، دفعت الادارة الامريكية الى تشكيل تحالف عسكري دولي/عربي تحت شعار "محاربة الارهاب". كذلك اضطرت( الادارة الامريكية ) الى اعادة النظر بحسابتها ومواقفها مما يحصل في المنطقة، وتراجع اهتمامها بالقضية السورية، حتى أن ( رحيل بشار الأسد ) لم يعد شرطاً أمريكياً لأي حل سياسي للأزمة السورية. جاءت الجريمة الارهابية على جريدة "شارلي ابدو" بباريس في السابع من هذا الشهر، التي نفذها ارهابيون اسلاميون متشددون مرتبطون بتنظيم القاعدة ، لتدق " ناقوس خطر الارهاب على أوربا" وتشغل فرنسا والغرب عموماً أكثر فأكثر بمسألة الارهاب وتراجع اهتمامهم بالقضية السورية، الواقعة أصلاً ضحية تنافس وتعارض مصالح القوى العظمى في هذه المنطقة الحيوية من العالم.&

الروس، ابرز حلفاء النظام السوري وأكثر الداعمين له سياسياً وعسكريا، قرأوا جيداً هذه التطورات وما صاحبها من تغير في المناخ السياسي، الاقليمي والدولي المتصل بالأزمة السورية، ومنها انطلقوا بتحركهم الدبلوماسي الجديد – بمباركة امريكية غربية- واطلقوا دعواتهم لشخصيات سورية من مختلف الولاءات السياسية والانتماءات العرقية والدينية، إلى " لقاء تشاوري" نهاية كانون الثاني الجاري ،على أن يعقبه لقاء بين وفد المعارضات وممثلين عن النظام ، للتحاور حول الحلول والمعالجات السياسية الممكنة للحرب السورية. المستفيدون من استمرار الكارثة السورية سارعوا الى وضع الفخاخ في طريق موسكو1. إما من خلال رفض المبادرة الروسية والتشكيك بأهداف التحرك الروسي أو من خلال وضع شروط تعجيزية لمشاركتهم في لقاءات موسكو. في مؤتمر صحافي قال رئيس الاتلاف الوطني المعارض (خالد خوجا)، القريب من تركيا و المحسوب على التيار الاسلامي: "بحسب ما تدعو موسكو، المطلوب هو حوار مع النظام، وهذا غير وارد بالنسبة إلينا.. لا يمكن الجلوس مع النظام على طاولة واحدة سوى في إطار عملية تفاوضية تحقق انتقالا سلميا للسلطة وتشكيلا لهيئة انتقالية بصلاحيات كاملة". وكانت قيادة الاتلاف في اجتماعات الهيئة العامة الأخيرة في إسطنبول قد هددت بفصل كل عضو اتلاف يذهب الى موسكو للمشاركة في الحوار مع ممثلين عن النظام. أما معارضات الداخل الممثلة في هيئة التنسيق تركت الحرية لأعضائها المدعوين لموسكو حرية المشاركة من عدمها.&

&ثمة حاجة وضرورة وطنية لتعاون المعارضات السورية مع الروس لأجل وقف الحرب بين السوريين وعلى السوريين، وقد باتوا مجرد وقود رخيصة في هذه الحرب الكارثية. فالثابت تاريخياً ، أن من هو جزء من مشكلة ما ، سياسية كانت أو غير سياسة، يمكن له أن يكون عنصراً فاعلاً وإيجابياً في حل هذه المشكلة، إذا ما رُعيت مصالحه. وهل بمقدور معارضات ضعيفة متشرذمة ،عاجزة عن حسم الصراع لصالحها ، تجاوز مصالح ودور الروس في أي حل للأزمة السورية؟. وهل من خيار آخر أمام السوريين سوى الذهاب الى موسكو، خاصة وقد تخلت الادارة الامريكية عن "الملف السوري" -على الأقل حالياً - ووضعته في عهدة الروس؟.&

طبعاً ، من غير المتوقع أن تفضي لقاءات موسكو1 الى اتفاق نهائي بين أطراف النزاع في سوريا. فلا النظام ذاهب لتسليم السلطة للمعارضة ولا المعارضة ذاهبة للتوقيع على ورقة بيضاء للنظام. لكن يمكن لهذه اللقاءات أن تضع سوريا على سكة الحل إذا ما توفرت الجدية والمصداقية لدى المتحاورين. على النظام أن يكون مستعداً لتقديم تنازلات سياسية مهمة للشعب السوري، الذي انتفض لأجل أنهاء كل أشكال الاستبداد والفساد والانتقال بسوريا الى دولة مدنية ديمقراطية تعددية تحقق العدل والمساواة لكل أبنائها ويُحترم فيها حقوق جميع مكونات الشعب السوري. وعلى المعارضات السورية أن تبدي استعداداً للدخول مع النظام في مرحلة انتقالية والتعاون معه لأجل إنهاء المأساة السورية. فمن دون توافق السوريين على حل سياسي ما يحظى بتوافق اقليمي ودولي ، يستحيل اعادة توحيد بلادهم(سوريا) المقسمة بين الميليشيات والفصائل المسلحة و تطهيرها من التنظيمات والمجموعات الاسلامية المتطرفة والارهابية. فشل موسكو1 يعني المد في عمر الحرب السورية سنوات أخرى وسفك مزيد من الدم السوري وتدمير مزيد ومزيد من المدن والبلدات السورية والتحاق أفواج جديدة من النازحين والمشردين واللاجئين السوريين بمن سبقهم الى مخيمات النزوح واللجوء والهروب الى المنافي. فهل أدرك من يزعم بأنه يمثل الشعب السوري(سلطة و معارضة) مخاطر فشل موسكو1؟

&

&كاتب سوري&

[email protected]&