&

التاريخ يؤكد بأن الشعوب المجروحة في كرامتها وبرغم أنها تقبل بشروط هزيمتها, هذا القبول يبقى مؤقتا إلى أن تستعيد عافيتها. خلال هذه الفترة لا تتردد الحكومات وبمباركة شعوبها في قبول أصعب الإمتحانات, والضغط الإقتصادي في سبيل إستعادة الكرامة المجروحه. أكبر مثال على ذلك التجربة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية, والتي تحمّل فيها الشعب الياباني اقصى درجات المعاناة الإقتصادية , والمرونة في كل ما يخص أمورها السياسية وحرمانها من أية قوة عسكرية. إلى أن عادت وفجأة للظهور كقوة إقتصادية ’عظمى في أوائل التسعينات.&
&
السؤال الآن.. هل هذا ما تصبو إليه روسيا من إقتحامها العسكري في سوريا وضربها عرض الحائط بالمجتمع الدولي وبالولايات المتحدة الأميركية بالتحديد؟
روسيا رضيت بهزيمتها في أفغانستان وإستكانت لفترة تشرذمت خلالها إلى دويلات صغيرة إنتهى معها الإتحاد السوفياتي كقوة عظمى وقفت دوما بالمرصاد للقوة الغربية ممثلة بالولايات المتحدة الأميركية.&
&
ولكنها وعلى خلفية الأزمه السورية حسمت موقفها وإستثمرته في أول عملية عسكرية تقوم بها بعد هزيمتها الكارثية في أفغانستان 1979. خاصة وبعد التردد الأميركي في اخذ قرارا عسكري, وفشل الخطه الأميركية في تدريب وتسليح المعارضة السورية, التي رصدت لها 500 مليون دولار وإنتهت بإنضمام الكثيرين ممن دربتهم مع أسلحتهم إلى جبهة النصرة المنبثقه من القاعدة ولا تختلف كثيرا عن داعش في الفكر الجهادي!
&
&وعادت روسيا للظهور مرة اخرى كقوة عالمية ضربت عرض الحائط بالمجتمع الدولي الذي يصر على إنهاء الأزمة سياسيا. وبإستعراض واضح للقوة العسكرية ظهرت فيه علامات التحدي الدولي, ونيتها في الخروج من العزلة المفروضة عليها منذ ضمها لشبه جزيرة القرم. برغم أزمتها الإقتصادية التي زادت سوءا بعد تدهور أسعار النفط والعقوبات الغربية المفروضة.
&
التدخل الكنسي يعني مباركة هذه الحرب في سوريا ولا يمكن أن يكون لمجرد محاربة الإرهاب.. ففي حساب المصالح لا يمكن لدولة ان ترمي عرض الحائط بالمجتمع الدولي وتزج بشعبها في أتون ظروف إقتصادية أصعب من تلك التي يمر بها إلا بمباركة شعبية من كل مواطنيها بما فيهم المسلمون وتحت غطاء بربرية داعش والحرص على التخلص من الإرهاب. لإستعادة الكرامة والسيادة.
&
وهو ما يعني نتائج كارثية أكبر ستشهدها شعوب المنطقة. بدايتها كانت في نجاح بن لادن في تعبئة شعوب المنطقة وإستقطاب المجاهدين من العالم العربي , بمباركة أميركيه وحكومات عربية. ونجاحه في إعادة إحياء فكر الجهاد. وألحاق هزيمة كبرى بالإتحاد السوفياتي. وعاد بعدها وألحق هزيمة أخرى باالولايات المتحدة الأميركية في العراق ,الأمر الذي يجعلها ’مصرة على عدم الخوض في حرب أخرى في المنطقة العربية. خاصة حرب برية ستحصد الآف من أرواح جنودها. نعم ’قتل بن لادن ولكن المنطقة العربية لا زالت تعاني من نتائج تلك الحرب الكارثية. فبالإضافة إلى أنها أيقظت جني الجهاد فإنها غذت التطرف الديني.
&
وبذكاء شيطاني وطموحات وآمال شعوب مقموعة من حكام مستبدين إنقمست إلى طوائف وأديان ’محرّضة من رجال دين بلا دين و’مغيبة عقليا. التقط البغدادي الموقف, وأحيا القاعدة وفكر القاعدة والجهاد وإحيا التراث الديني بكل سلبياته. والأهم أنه إستخدم التكنولوجيا الحديثه أفضل إستخدام وبعصرية كبيرة ’تضاهي كل ما هو موجود في العالم الغربي الحديث. أشعل المنطقة بالطائفية وبحروب داخلية لا نستطيع التكهن بنهايتها.. المهم الآن ما سنشهده في تناطح القوتان العظمتان لإستعادة لقب القوة العظمى على الأرض السورية. وكم سيطول هذا التنافس ومتى سيصلوا إلى تسوية حساباتهم. لقد دخلت سوريا مرحلة جديدة من الصراع. لن يستطيع وقفها لا الأسد ولا المعارضة فهو أكبر من طاقاتهم وأكبر من محاولة التحجيم.

السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثه؟؟؟؟؟ وإذا كان الجواب بلا فكم من الوقت ستحتاجه كل من القوتين لتجذير فكرة اللا حرب. وأن ليس هناك من قوة عظمى منفردة تتحكم في مصائر الدول الأخرى ولا غالب ولا مغلوب بينهما.

وهل سيتركان البركان المنفجر في المنطقة حرصا على أرواح جنودهم ولعدم زيادة الكلفة العسكرية؟

في كل الأحوال وتحت كل الخيارات وبأسف وأسى أقول بأن الأسد وداعش والطائفية هم المنتصرون على الشعب السوري وعلى الشعوب العربية كلها!
&
&
&