لا حاجة للتوقف لدى واقع الاختلافات الكبيرة بين الدول العربية والإسلامية، سواء من حيث التاريخ والموقع والتركيبة الاجتماعية والتطور السياسي وغير ذلك... فهناك دول ذات قوميات واديان ومذاهب مختلقة فضلاً عن دور العشائر ومدى التطور الاقتصادي والثقافي. برغم هذه الفوارق ألبديهية فان ثمة ما يمكن تسميتها بالقواسم ألمشتركة التي هي في نظري معوقات للتطور الديمقراطي.
اولا : هوس نظرية المؤامرة وغياب عقلية النقد الذاتي وإعادة تقييم ألتجربة، هذا العامل تختلف درجاته ومدى تأثيره من نظام الى أخر ولكنه يكاد يشمل الجميع. وأمامنا التجربة العراقية وتخبطات ماسمي بالربيع العربي، باستثناء آمال معقودة على مستقبل التطور في مصر وتونس.. والقيادات الفلسطينية المتعاقبة لم تحاول آيّ منها اعادة تقييم ما حدث والسياسات المفرقة ما بين ما هو خاطئ وما هو سليم.. والعقلية التي تعتبر النقد الذاتي (عيباً)، تتجلى حتى في أداء مذيعين ومذيعات في الفضائيات العربية، فمثلاً بدلاً من تصحيح الخطأ بالقول(عفواً)، يجري استخدام كلمة (او) السحرية، التي تحول كل شيء الى (صابون) على حد التعبير المصري.. مثلاً ( المثل من عندنا) خبر يقول (وفي نبأ من ماليزيا، او مالي...........) وبلغ عدد الضحايا عشرين ، او عشرين الفاً ..................
اما اخطاء القيادات السياسية والأنظمة والأعلام وأجهزة الاعلام والتعليم ، فما اسهل من تعليقها على حمالة ( المؤامرة الامبريالية الغربية) وقد راجت في العقد الاخير نظرية المؤامرة الدولية ضد الاسلام والمسلمين...
ثانياً: التسييس المستمر للإسلام وتدويره وعرضه وكأنه اسلام احكام الشريعة ومعاد لحرية العقيدة والرأي والمرأة... ولا ينكر ان غالبية المسلمين يفهمون الاسلام على هذا النحو.. وحتى بين الجاليات المسلمة في الدول الديمقراطية الغربية. ولو فحصنا احكام الشريعة كما يعرضونها ، فسوف نرى انها تعني العقوبات الجسدية والرجم حتى ألموت وزواج ألصغيرة وإدانة من يبدل دينه، الخ..... وكل هذا يخالف مبادئ الديمقراطية وللإعلان الدولي لحقوق الانسان.
ثالثاً: النظرة غير النقدية للماضي كما هو ودون تمييز نقدي بين الصفحات المشرقة والصفحات السوداء. نرى مثلاً تمجيد شخصية مثل خالد بن الوليد الذي نكل بمسيحي العراق وقطع رأس مالك بن نويره ورماه في قدر يغلي لمجرد ان يعتدي على زوجته الجميلة.. ونجد البكاء على الاندلس العربية مع تجاهل ما حل بالكنائس وعشرات آلاف المسيحيات الجواري اللواتي نقلن الى العرب ، اما لبيعهن او للاعتداء الجنسي. ومن غرائب المفارقة ان طارق بن زياد مات يتسول على ابواب المساجد لان اميراً غضب عليه لأنه لم يحصل على ما يكفي من الجواري.... وهذه الملاحظات لا تنكر بان هنالك صفحات مشرقة في الاندلس العربية ولاسيما ظهور فيلسوف مثل ابن رشد الذي استفاد منه الغرب ولكن هنا ايضاً ، قام المسلمون انفسهم بحرق كتب ابن رشد ورفض افكاره. هذا بعض ما يمكن قوله من دون ان نستوفي الموضوع حقه، اي عن المعوقات (الداخلية) للديمقراطية في العالمين العربي والإسلامي وطبعا هنالك العوامل والظروف الدولية والإقليمية ولاسيما سياسات الدول الكبرى..&
&