انجازات هائلة تحققت في دولة الامارات العربية المتحدة في المجالات كافة خلال العام الرابع والأربعون من عمر الاتحاد، ولكن يبقى هذا العام مميز تاريخياً ـ من وجهة نظري المتواضعة ـ بأنه عام الإرادة والتضحيات والولاء والانتماء، فهو العام الذي شهد القرار التاريخي للقيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ بالمشاركة في الدفاع عن هوية بلد عربي عزيز على قلوبنا جميعاً، وهو اليمن الشقيق، حيث شاركت قواتنا المسلحة الباسلة في التحالف العربي الداعم للشرعية الدستورية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وكان لهذا القرار أبعاده التاريخية التي تعكس الإرادة القوية للقيادة الرشيدة في ترجمة القيم والمبادىء الاخلاقية والانسانية والهوية العربية التي لا تنفصم عن أبناء هذا الوطن وأرضه، فكانت المشاركة الفاعلة لقواتنا المسلحة الباسلة في عملية "عاصفة الحزم" ثم عملية "إعادة الأمل" دفاعاً عن هوية اليمن الشقيق وتحصيناً لأرضه من عبث العابثين وتحريض القوى الاقليمية الطائفية التي تسعى إلى تنفيذ مخططات التآمر ضد أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
هو عام الإرادة بامتياز، والإرادة التي أقصدها هنا لا تقتصر على الإرادة السياسية والعزيمة القوية لقيادتنا الرشيدة، بل أقصد أيضا إرادة شعب الامارات العربي الأصيل الذي التف حول قيادته واصطف على قلب رجل واحد ثابتا راسخاً عازماً ولم يهتز ولم تنال منه شائعات المغرضين والحاقدين والمتآمرين، فكان الوعي الشعبي والاصطفاف الوطني الرائع خلف القيادة الرشيدة داعماً وموازراً لها وسانداً لقراراتها ومستجيباً لنداءاتها في ملحمة وطنية نادرة في هذا الظروف الزمنية والمكانية التي تشهد خلطاً للأوراق والتباسات واضطرابات عصفت بأمن العديد من الدول العربية واستقرارها ووحدة أراضيها وأهدرت مكتسبات شعوبها وتسببت ـ للأسف الشديد ـ في تشريد الملايين من العرب بين نزوح داخلي ولجوء خارجي.
هذه الإرادة الوطنية القوية الصلبة هي أشد ماتحتاجه شعوبنا العربية في هذه المرحلة التاريخية الحرجة، فالبيئة الاقليمية الراهنة حبلى بالعديد من السيناريوهات الخطرة، فضلا عن الأزمات التي تعانيها بالفعل، ما يجعل المشهد الاقليمي، في لحظته الراهنة ومستقبله القريب، حالك الضبابية بالغ الاضطراب، وهنا فقط أثمن غالياً موقف قيادتنا الرشيدة التي انتبهن لخطورة مايحاك للمنطقة العربية منذ عام 2011، وأدركت بفطنتها أن الأمر لا يتعلق بإرادة الشعوب العربية بل يتعلق بمخططات خارجية استغلت معاناة بعض الشعوب العربية وتعاونت مع قوى داخلية متآمرة تسعى إلى السلطة والحكم من أجل تنفيذ أهدافها ومشروعاتها الأيديولوجية، فكان القرار منذ اللحظة الأولى وكان الثبات على الموقف بالتصدي للمؤامرات مهما تكلف ذلك من تضحيات، فالأمن القومي العربي كل لا يتجزأ واستقرار كل شبر من الوطن العربي هو استقرار لدولة الامارات العربية المتحدة، وتلك القناعة الراسخة التي غرسها الآباء المؤسسون وعلى رأسهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
سيمضي عام الإرادة، ولكن إرادتنا باقية وستطل الامارات عزيزة تأبى الضيم لأشقائها العرب، وتأبى أن تقف موقف المتفرج على مايحدث من حولها لشعوب عربية شقيقة، ليس لها من ذنب فيما تتعرض له سوى أن نفر من أبناء جلدتها باعوا أنفسهم للمتآمرين والقوى الاقليمية الساعية إلى ثآرات تاريخية ومطامع طائفية.
ستبقي الامارات ـ إن شاء الله ـ ملاذ للمظلومين وداعم قوي للقيم والمبادىء الانسانية والحضارية والاخلاقية، وحريصة كل الحرص على أن تقدم النموذج الحضاري المشرف لدولة عربية مسلمة استطاعت أن تحقق أعلى المراتب والدرجات على سلم التنمية البشرية، وتوفر لشعبها أرقى مستويات العيش والرغد الذي يستحقه، وستبقي أيضا ساعية إلى دعم أشقائها العرب وتوفير سبل الحياة الكريمة للانسان في أي مكان على ظهر الأرض بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو العرق، فتلك هي مبادىء الامارات التي ظلت مخلصة لها منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971، وستبقى إن شاء الله كذلك.
كل التهنئة لقيادتنا الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ـ رعاه الله ـ وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم حكام الامارات وأولياء العهود، وشعب الامارات الكريم، وكل عام وإرادتنا قوية صلبة وراسخة على دروب الحق والخير والبناء والعطاء الانساني.
&