&

رغم مرور فترة زمنية كافية على تشكيل حكومة السيد العبادي فالوضع العراقي يزداد سوء والعراق مرشح ليصبح دولة فاشلة خزينته خاوية ومناطق شاسعة من البلاد محتلة وسيادة البلد حبر على ورق وفساد لا مثيل له في اي بلد من بلدان العالم و المجتمع منقسم طائفيا وقوميا وحتى قبليا لا انتماء وطني ولا هوية وطنية جامعة بعد ان فشل مشروع الدولة الطائفية فشلا ذريعا و زاد من افرازات هذا المشروع السلبية المحاصصة السياسية والتغيب المتعمد لمكونات رئيسة في المجتمع العراقي وأيضا التدخلات الاقليمية والدولية التي خلقت صنوفا من الولاءات والارتباطات وفق مصالحها دون اي اعتبار لمصلحة العراق و مستقبله.

لقد حظيت حكومة السيد العبادي في اول تشكيل لها بتأييد القوى الوطنية واغلب الكتل السياسية وبدعم المرجعية الدينية وترحاب الاوساط الدولية و مع ذلك لم تقدم حتى الان على اي خطوة ايجابية مؤثرة على طريق تصحيح مسار العملية السياسية في البلاد والقيام بإصلاحات جذرية تنقذ العراق من الوضع المأساوي الذي يعيشه الان اذ لم يتم الالتزام بوثيقة الاصلاح السياسي التي اجمعت عليها القوى الوطنية كما لم تتخذ اي خطوات جدية لتحقيق المصالحة الوطنية ولم تستطع الدولة ايجاد حلول واقعية مقبولة للمشاكل المزمنة مع اقليم كوردستان هذا بالإضافة الى عدم تحقيقها اي انتصار مهم على قوى الارهاب الغاشمة عدا ما حققته قوات الحشد الشعبي في ابعاد خطر الارهاب عن العاصمة وتحرير مناطق في صلاح الدين وديالى وما حققه البيشمه ركه في صد وإيقاف تمدد ما يسمى بالدولة الاسلامية في محافظتي كركوك ونينوى وتحرير شنكال والمناطق المحيطة بها في غياب اي وجود فعال و حقيقي لقوات الحكومة الاتحادية التي تكلف الخزينة والشعب العراقي مبالغ خيالية في نفس الوقت الذي يجري فيه حرمان البيشمه ركه من مرتباتهم القانونية ولا يقدم للحشد الشعبي إلا النزر القليل من المعونات المادية.

صحيح ان حكومة السيد العبادي اقدمت على اجراءات سمتها بالإصلاحات والتي في الحقيقة لم تتعدى عن كونها اجراءات تقشفية لا اكثر فالقضاء لا يزال مسيسا وابعد ما يكون عما يريده الشعب العراقي من قضاء مستقل لا يرضخ للضغوطات المعروفة وأقطاب الفساد لا يزالون يسرحون ويمرحون دون حسيب او رقيب واللذين كانوا السبب في خسارة العراق لأكثر من ثلث البلاد وسيطرة الارهابيين على مدن رئيسة كالموصل والرمادي لا يزالون في السلطة دون محاسبة او محاكمة قانونية هؤلاء اللذين قاموا بتوفير كل المقدمات الضرورية للهزيمة المدوية للجيش العراقي هذه السياسة الهوجاء التي وضعت الاسس لتشرذم العراق وتقسيمه مالم تتدارك حكومة السيد العبادي الوضع وتضع الحلول المناسبة لمشاكل العراق وفي مقدمتها الالتزام بالاتفاق السياسي وتنفيذ بنوده وتحقيق المصالحة الوطنية وحل الاشكالات مع حكومة اقليم كوردستان.

انها الفرصة الاخيرة لحكومة السيد العبادي للبدء باتخاذ خطوات جادة لإنقاذ العراق مما هو عليه الان خاصة واستنكار الشارع العراقي يتفاقم والتظاهرات الشعبية مستمرة والمرجعيات الدينية تطالب بالإصلاح وعلى السيد العبادي استثمار التأييد الشعبي للإصلاحات الحقيقية و مواجهة حيتان الفساد بشجاعة وتحقيق المصالحة الوطنية والاتفاق مع حكومة اقليم كوردستان اذ بغير هذا فان مستقبل العراق كدولة في مهب الريح وعندها لن يلام اي طرف قومي او ديني في اتخاذ الموقف الذي يضمن مصالحه مادامت الدولة فاشلة في ضمان هذه المصالح داخل اطار الهوية الوطنية الاختيارية الجامعة .

*[email protected]