&يحکى إن ملکا بلغ من العمر عتيا، تم إبلاغه بنصر کبير حققه جيشه على جيوش الاعداء، لکن الملك الذي کان المبشرون يعتقدون بإنه سيطير فرحا قد بانت على سحناته علامات الاکتئاب و الحزن ولما بادره وزيره بالتساٶل عن سر حزنه و کآبته، أجابه الملك، أي إنتصار هذا و أنا أشهد إنتکاسة ببلوغ العداوة بين أبنائي حد القتل!

التوصل للإتفاق النووي، و التدخل الروسي في سوريا و ماقد تداعى عنهما، يعتبره البعض بمثابة نصرين سياسيين للنظام القائم في إيران، و إيران نفسها تسعى للإيحاء بذلك، کي تظهر أمام المحور الذي تقوده بمظهر"الفارس الهمام"، فتدفع عنهم مشاعر القلق و التوجس التي إزدادت في الآونة الاخيرة ولاسيما بعد تراجع الدور الايراني في سوريا و اليمن على حد سواء و"تهميشه"النسبي في العراق وخصوصا بعد عمليات تحرير الرمادي التي لم يکن فيها أي دور يذکر لإيران سوى متابعة الاخبار!

الدور الايراني في المنطقة بعد الاتفاق النووي و التدخل الروسي في سوريا، لايمکن مقارنته بالفترات السابقة أبدا، حيث إن الاعوام السابقة قد شهدت صعودا ملفتا للنظر لهذا الدور، بحيث وصل الامر الى حد الحديث عن سقوط البحرين و دول الخليج و السعودية أيضا في قبضة طهران، لکن إنطلاق عملية"عاصفة الحزم"، کانت بمثابة المنعطف في الدور الايراني في المنطقة، ذلك إن مواجهة هذا الدور في اليمن و کبح جماح توسعه و رد کيده الى نحره، قد أطار صواب رجال الدين في طهران بحيث دفعهم للتهجم على الدور السعودي في المنطقة بأساليب و طرق أقل مايقال عنها غير مٶدبة!

علي أکبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، فاجأ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و العالم برمته بتصريحه الذي تحدث فيه عن التمهيد لتشكيل مجلس قيادي يخلف المرشد الإيراني عقب وفاته. هذا التصريح الذي يعتبر بمثابة موقف غير مسبوق لشخصية قيادية لعبت دورا مميزا في تأريخ النظام سواء في عهد الخميني أو في عهد خامنئي"الذي کان أهم صناعه"، حيث إنه من الواضح جدا بإن رفسنجاني يمهد لمرحلة سياسية جديدة في تأريخ النظام وهو کما يبدو أثار حفيظة أقطاب التيار اليميني المتشدد في إيران، الى الحد الذي هددوا فيه رفسنجاني، بأنه سيلقى مصير آية الله حسين علي منتظري، الذي مات تحت الإقامة الجبرية.

إقتراح أو موقف رفسنجاني، بإجراء تغيير جذري على رأس قيادة نظام ولاية الفقيه، يعتبر إقرارا ضمنيا بإن النظام يعيش أزمة خانقة جدا لاخلاص منها

بالاساليب و الطرق المألوفة، في وقت نرى فيه المعارضة الرئيسية للنظام و المتجسدة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية تحقق تقدما ملفتا للنظر على مختلف الاصعدة ولاسيما من حيث عکس الصورة الحقيقية للواقع الايراني بمختلف أوضاعه الوخيمة و المتردية، ويبدو إن رفسنجاني قد أدرك الوضعية الحرجة للنظام تماما ولم يعد أمامه سوى آخر الدواء أي الکي والذي ليس بوسع أحد أن يضمن نتائجه.