1. التأرجح بين التعصب و التسامح علي الصعيد الديني والقومي

افرزت نتائج الحرب العالمية الاولي 1914 – 1918 تشتت الامبراطورية العثمانية وتوزيع غنائم الحرب بين الحلفاء حسب اتفاقية سايکس – بيکۆ في 16/05/1916. بعد فکرة التقسيم بدأت فکرة تشکيل دول تحت وصاية الاستعمار تلوح الي الافق، وبالفعل تم توزيع ميراث الدولة العثمانية علي عدة عوائل معروفة، کالهاشميين في العراق والاردن، وآل سعود في الجزيرة الخ. ان عهود الخلافة الاسلامية کانت تمتاز بالتعصب الديني والتسامح القومي (راجع کتاب هرطقات 2 لجورج طرابيشي)، أما عقود ما بعد الخلافة وأحداثها أنتجت العکس أي التعصب القومي والتسامح الديني ما عدا الحالة اليهودية التي تعتبر شاذة لان اليهودية يمکن اعتبارها دين (الشعائر والتعاليم اليهودية) و قومية (بني اسرائيل) علي حد سواء. بعد اکتشاف مصادر الطاقة تحولت المنطقة اکثر من ذي قبل الي منطقة نفوذ ونزاع مستمر سرعان ما غير من طبائع ومزاج الطبقات الحاکمة وبالتالي اهل المنطقة لان الناس علي دين ملوکهم. فاتجهت المزاج العام في المنطقة نحو اعلاء البعد القومي وتهميش البعد الديني رويدا رويدا، فرأ‌ينا کيف بدأت الانقلابات العسکرية تجتاح المنطقة من أجل التفرد بالسلطة باسم القومية العربية والنهوض بها.

2. فشل الفکر التجديدي&

بعد عقود طويلة من حکم الانظمة الدکتاتورية، حاول الجيل الجديد الصاعد في البلدان العربية ان تأخذ علي عاتقها مهمة القيام بثورة تنقل المجتمع من حال الي حال وتقربها اکثر من الحداثة في ادارة الحکم والدولة. لکن الاصطدام بالواقع الصعب في الدول العربية في جميع المجالات السياسية، الاقتصادية، التربوية و الاجتماعية حالت دون الوصول الي الهدف المنشود فلم تحقق الثورات أهدافها بل ابرزت الي العلن مشاکل جديدة اقل ما يقال عنها هو عدم القدرة علي التجديد و تبني الفکر التجديدي المعاصر الذي ما زال امامە الکثير من العقبات کي يفهم ويطبق. لم يفلح قادة الثورات العربية تسويق الثورة بمعناها التجديدي، واستطاع الاسلام السياسي ان يطفو علي السطح وحاول استغلال خبرتە للوصول الي الحکم، ووصلو ولم يحسنو التصرف ففشلو، وها هي المنطقة تعود الي المربع الاول.&

&

3. بروز الاخوان و الفکر التکفيري

&تعتبر دول المغرب العربي اکثر انفتاحا من دول المشرق العربي، وهذا يعود لاسباب متعلقة بجغرافية وتأريخ هذه الدول وتفاعلها مع الغرب. لذلك كانت الشرارة الاولي للثورة في تونس لها معانيها، حيث راقب العالم و دول الغرب خاصة باهتمام کبير أحداث وتطورات الثورة التونسية و الثورات العربية التي تلت، وعندما أثمرت صمود الثوار في تونس بهرب الرئيس التونسي الي المنفي، وفي مصر برحيل الرئيس المصري، کانت بوصلة التحليلات و التعليقات السياسية في الغرب تتجه نحو الرأي القائل أن العالم العربي قد بدأ يستيقظ وأن الحداثة و الاصلاح في الدول العربية آت لا محالة. کانت اوروبا وبالاخص فرنسا منذ اللحظة الاولي تتعامل بشکل ديناميکي مع الاحداث، فقد تبنت سياسة جديدة تجاه تونس، وبعثت فرنسا بسفير جديد الي تونس (بوريس بوالون، السفير الفرنسي السابق في بغداد) باعتبارە خبير في الشؤن العربية. لكن بروز الاسلام السياسي واستلامها مقاليد الامور في تونس ومصر، غيرت الكثير من التوقعات. وما زاد الطين بلة، انتشار الفكر التكفيري المتطرف وقطع الرؤوس وكاننا رجعنا الي عصور الظلام.&

لقد ضاعت دول الشرق الاوسط فرصة فكرة تبني الفكر التجديدي والحداثة كنظام حكم وكحاجة لتطور المجتمع، فاصبحت من جديد اسيرة للتخلف.&

&

رئيس المركز الفرنسي الكوردي للعلوم والثقافة في باريس&