قبل ان نتناول بالتحليل ما شهدته أرض سيناء الغالية في الصباح المبكر لأول أيام شهر يولية الحالي، علينا ان نتفق معا علي مجموعة من الحقائق التى أبانت عنها الهجمة الإرهابية من وجهة نظر الذين خططوا لها وقاموا بتنفيذها وكانوا ينتظرون أن تأتي بما تخيلوا أنه قابل للتحقيق كنتيجة لترتيباتهم الغادرة..&

1 – انها الأكبر حتى الآن من حيث حجم الإرهابيين، والأكثر تسليحا من حيث النوعية والكمية، والأفضل تخطيطا..&

2 – أنهم جربوا قبلها عدة هجمات هنا وهناك، لم تنجح بالقدر الكافي بسبب قلة الأعداد ومحدودية السلاح المستخدم فيها..&

3 – انها بدأت في توقيت مبكر إلي حد كبير، ربما يكون فيه الطرف الآخر بين اليقظة والنوم أو بين الإرهاق والصلابة خاصة للصائمين في هذه البيئة الصحراوية..&

4 – أنها بدأت بهجمات متزامنة علي أكثر من موقع عسكري بهدف الإرباك والخلخلة، كان الغرض من ورائها تدمير الإمكانيات المادية والمعنوية لهذه المواقع والكمائن..&

5 – تدمير وتعطيل كافة هذه المواقع أو الجزء الأكبر منها كان يهدف إلي منح الهجوم الإرهابي المساحة الزمنية التى تمكنه من الوصول إلي منطقة الشيخ زويد واحكام سيطرته عليها..&

وعلينا أن نتذكر معاً..&

أرض سيناء الغالية لا زالت مطمع لإسرائيل منذ حرب عام 1967..&

إسرائيل تُروج لمفهوم خاطئ من الناحية التاريخية والجغرافية يقول انها – أي شبه جزيرة سيناء - يمكن ان تكون متنفسا لأبناء قطاع غزة المتكدسين في مساحة غير قابلة للزيادة.. وتتناسي أنها كدولة إحتلال وعنصرية هي المسئولة عن هذا الحالة الانسانية التى لا شبيه لها في العالم كله وأنها بإستيلائها علي أراضي الشعب الفلسطيني جعلته يعيش في أضيق نطاق فوق أرضه سواء في الضفة أو في القطاع و كذا في الاحياء العربية الخاضعة لسلطتها..&

إسرائيل تتصور&أن دعمها للإرهاب في سيناء.. وسماحها لتسرب بعضاً من عناصره عبر حدودها لتشكيل الخلايا الإرهابية والبؤر التدميرية.. وتوفير السلاح لهم.. وفتح معسكرات التدريب لهم بمعرفة منظمة حماس او بدون معرفتها، سيمكنها يوما من التخطيط لإقامة إمارة إسلامية في شمال سيناء..&

هنا إلتقت المصالح..&

حين خلصت الدراسات وورش العمل التى عقدت في إسرائيل وفي عدد من مراكز التفكير الأمريكية إلي ضرورة تشجيع ودعم المنظمات الإرهابية " الإسلامية " بطريق غير مباشر.. من خلال الخدمات التى يستطيع جهازها الإستخباري أن يوفرها - من وراء ستار عن طريق طرف ثالث - لأي من المنظمات الإرهابية التى تبدي إستعداداً لمنازلة الدولة المصرية خاصة في شمال سيناء الأقرب إلي حدودها..&

من هنا سارعت إلي خلق كيان مستتر يتختفي وراءه مندوبي الموساد لتوفير السلاح والمال لها، ويرتب لها أمكانيات التدريب، وينسق معها عند لحظة محددة أين وكيف تقوم بهجماتها الإرهابية..&

وينتظر معها دون ان يبدو في الصورة اليوم الذي يحقق فيه مخطط قيام إمارة إسلامية في شمال سيناء !!..&

إسرائيل علي صلة قريبة جدا مما يجري في المنطقة برمتها سواء إلي الشرق منها في سوريا والعراق أو الملاصقة لها في القطاع.. أو في ليبيا واليمن..&

وليس من المستعبد في، رأيي، ان يكون لها عملاء يتحركون في زي سوري وعرافي وغزاوي وليبي ويمني في هذه المناطق جميعاً، يقومون برصد ما يجري من إخفاقات ونجاحات علي مستوي القتال الدائر بين ما يسمي بتنظيم داعش والقوي الوطنية التى تناضل في هذه المناطق دفاعاً عن الشرف والكرامة..&

ولا بد أنها باركت بعض الصدامات الدامية التى وقعت في أكثر من مكان داخل سوريا والعراق في الرقة والأنبار والفالوجة والموصل وريف دمشق وحلب.. إلخ.. و ثمنت عملياً قدرة الإرهابيين علي التمركز في موضع ما والتأسيس لأقامة مطولة يعقبها جلب للسلاح وللإرهابيين، ومن ثم التمدد إلي مواقع أخري..&

ألم تفعل اسرائيل ذلك خلال سنوات الحرب العالمية الثانية؟؟ ألم تستولي علي القري الفلسطينية الواحدة بعد الأخري؟؟ الم تشعل فيها جميعاً الحرائق والدمار والقتل والترويع والمذابح؟؟ أليست هي الدولة الإستعمارية الوحيدة في العالم التى لا زالت حتي يومنا هذا تمارس أساليب القمع والقتل العشوائي والتدمير الممنهج لكي تتمدد إلي ما بقي من أراضي فلسطينية بمختلف الحجج؟؟ الم تطالب بمساندة من واشنطن ان يتم تسكين الفلسيطيون حيث يعيشون الأن؟؟ وها هي تنظر لسيناء كحل نهائي وناجع لهذه المشكلة..&

أزعم أن المخطط الذي رسمت خطوطه إسرائيل عن بعد، وتولت مجموعة من العناصر الارهابية تنفيذه عن قرب.. كان يرمي إلي..&

أولاً.. تنفيذ مخطط الهجوم المتزامن علي عدد كبير من المعسكرات والكمائن العسكرية يهدف القضاء عليها قضاءاً مبرماً..&

ثانياً.. إحتلال هذه المواقع من جانب قسم من الإرهابيين يعمل علي إحكام السيطرة عليها إستعداداص للتعامل مع القوات العسكرية المعاونة التى ستكلف بنجدتها للخلاص منها جميعاً أو علي الجزء الأكبر منها..&

ثالثاً.. تحريك العدد الأكبر من الإرهابيين بأقصي سرعة ناحية مدينة الشيخ زويد لإحكام السيطرة عليها ورفع العلم الأسود فوق واحد من مبانها المدنية أو الأمنية، والقضاء علي عناصر الشرطة والقوات المسلحة التي تقوم بحمايتها..&

رابعاً.. قطع طريق رفح / العريش بزرع الألغام علي الجانبين وإمطاره بسيل لا يتوقف من النيران التى تمنع من المرور فوقه..&

خامساً.. إعلان قيام إمارة الشيخ زويد الإسلامية..&

هذا الترتيب الجهنمي فشل منذ لحظته الأولي حين قام أبطال القوات المسلحة بالتصدي له والتعامل المباشر معه علي أمتداد حوالي عشر ساعات بلا هوادة برغم فقدانهم من استشهد ومن اصيب..&

فشل لأن من تجرأ من الإرهابيين علي المخاطره بالتوجه إلي مدينة الشيخ زويد لقي مقاومة باسلة من جانب القوات المسلحة والشرطة وأهالي المدينة الشرفاء..&

فشل لأن الترويع الذي حاول الإرهابيون نشره بين سكان المدينة لم يجد نفعاً معهم..&

وفشل لأن الرايات السوداء التى رفعت فوق أسطح بعض المنازل، لم تثن سكانها عن التصدي لهم والإستشهاد دفاعاً عن تراب وطنهم الغالي..&

فشلت خطة التمركز في مدينة الشيخ زويد تمهيداً لسلخها نهائياً من جسد الدولة المصرية إلي الأبد، وفشل معها إعلان قيام الإمارة الإسلامية في هذه البقعه العزيزة من أرض سيناء، وفشل تبعا لذلك المخطط الإسرائيلي الذي مول ودرب وقدم الأسلحة من وراء ستار !! وترتب ونسق عبر عملاء !!..&

هم يظنون كما كررت وسائل إعلامهم المأجورة أن الجولة التالية ستكون لهم..&

ونحن من جانبا نؤكد أنه حلم غير قابل للتحقيق..

لماذا؟؟..&

لأن تاريخ سيناء يشهد علي أنها ظلت منذ تشكلت الدولة المصرية قبل آلآف السنين جزء لا يتجزأ من ترابها وعضواً لا ينفصل عن جسدها، ويشهد أنها إستعصت علي الغزاة وعلي كل المؤمرات علي مدار العصور، ويشهد انها لم تكن ذلك " الديك الرومي الذي تم إصطياده " تحت مظلة حرب عام 1967 تمهيداً لتقطيعه !!..&

هذا التاريخ شهد منذ بعضة أيام صفحة أخري من أمجاد القوات المسلحة وقدرتها علي مواجهة أدوات الحرب غير النظامية عسكرياً وإعلامياً، وشهد تكاتف رسمي وشعبي كرر صور الرفض التى أبدتها محافظات مصرية أخري لكافة أعمال الإرهاب التى يَصفها كوادر جماعة الإخوان الفارين بأنها سلمية..&

هذه قواعد ثابته لا تعرفها إسرائيل دولة الإستعمار والعنصرية.. وبالطبع لا يؤمن بها الإرهاب الذي نعتقد أنه لم يستفد من الدرس ولا إستوعبه..&

السؤال الذي يطرح نفسه..&

هل سيحاول الإرهابيون اي كان المسمي الذي يتلبسونه القيام بعمليات إرهابية أخري؟؟ وهل سيخططون لتكرار تجربة التنسيق مع أجهزة أمنية أجنبية بهدف إستقطاع شبر من أرض شمال سيناء لأعلان قيام إمارتهم؟؟..&

الإجابة عندي، نعم..&

وأزعم أن محاولتهم التالية ستجابَه بكل عزيمة وشراسة علي المستويين العسكري والشعبي !! ولمن لا يصدق كلامي هذا، اقول له.. الأيام بيننا.
&

* استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]

&