&

من المعلوم تاريخ وجود الكرد فى منطقة الشرق الاوسط يعود الى ماقبل الميلاد و هم احد اعرق القوميات فى المنطقة بجانب القوميات الاخرى من الفرس و الارمن و العرب و الاتراك وغيرهم من القوميات الاخرى،وكما معروف ان للكرد امبراطوريتهم المسماة " امبراطورية ميديا" منذ 700 عام قبل الميلاد،بالاضافة الى عدد من الدويلات و الامارات المستقلة تحت وصاية الفرس و السلاطين العثمانيين بحكم موقعهم الجغرافي مابين هذين الدولتين العظميتين انذاك فى المنطقة. وللكرد دور هام فى مجريات الامور فى المنطقة من كل النواحى السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و العسكرية و الادبية و الفنية، كون ان الشعب الكوردي هو شعب نشيط و حيوى و مشارك فعال مع القوميات الاخرى فى تقدم و بناء الحضارات التاريخية فى المنطقة.ولكن رغم كل هذه المعطيات لم يستطيعوا ان يكونوا دولتهم القومية المستقلة فى المنطقة كباقى الشعوب و القوميات الاخرى، بسبب مجموعة من الاسباب الذاتية و الموضوعية اهمها،كبر وسعة مساحة كردستان الكبير 600الف متر مربع و وعورة مناطقها المختلفة و كونها مابين الدولتين الكبيرتين ايران وتركيا فى المنطقة و بسبب توفر و غنى مصادر العيش من الارض الخصبة والمياه الوفيرة بالاضافة الى مصادر الطاقة الاخرى من نفط وغازالطبيعي والخ, ولكن كان للنزاعات و الصراعات الداخلية بين العشائر ورؤساء الاحزاب السياسية فى المناطق الكردية المختلفة والتي معظمها كان بسبب التدخل الخارجي و الخطط العدوانية لدول المنطقة المحيطة وايضا بسبب التدخل من الدول العظمى لوضع جذور الفرقة بينهم. كل هذه الاسباب ادت الى تفرقة الكرد جغرافيا بل وحتى مابين الشعب الكوردي, فعمليات التقسيم بدات بوادرها الاولى بالاتفاق بين الدولتين الصفوية و العثمانية فى عام 1514 اتفاقية جالديران و بعد ذالك بموجب اتفاقية سايكس بيكو فى عام 1916 مرة اخرى حيث تعرضوا الكرد الى عملية تقسيم ظالمة و لا انسانية على اربعة دول المنطقة... تركيا و ايران و العراق و سوريا. علما ان هذه الدول هي بالاساس مصطنعة وثبتت حدودهم من قبل المنتصرين فى الحرب العالمية الاولى مابين1914-1918 كميراث للدولة العثمانية المريضة و المتفككة. ولاجل مصالح الدول العظمى التي ادت الى تقسيم الكرد ارضا و شعبا وتوزيعهم على هذه الدول الجديدة، ونتيجة لهذه الاتقافية المشؤومة اصبحوا الكرد موزعين على الدول الاربعة فى المنطقة ومنذ ذلك الحين و حتى يومنا هذا الكرد فى صراع مستمر تخللها ثورات و انتفاضات مستمرة فى هذه الدول الاربعة من اجل الاستقلال و الحرية و رد الظلم و التعسف وخصوصا ضد سياسات فرض الواقع عليهم من خلال اتخاذ اسلوب التتريك و التفريس و التعريب وايضا ضد سياسات القمع و القتل و التشريد القسرى وسياسات التهجير و الابادة الجماعية لمحو تاريخ و جغرافيا الكرد، ولكن تمكن الكرد من الدفاع عن وجودهم و اصالتهم فى المنطقة بعكس شعوب اخرى المنقرضة نتيجة الاحتلال و سياسات القهر ضدهم مثل الاشورييين و الكلدانيين وغيرهم. الكرد ببسالتهم و مقاومتهم كاصحاب حق مشروع و اصحاب تاريخ و جغرافية ودين استطاعوا ان يقاوموا كل السياسات اللانسانية و العدوانية ضدهم منذ 100 عام و اكثر.&

واليوم الكرد عامل مهم فى عملية واسعة وشاملة للتغير تطال انظمة الحكم السياسية و الاقتصادية فى المنطقة،الكرد فى جنوب كردستان الكبير( العراق) استطاعوا ان يحرروا ارضهم من احتلال البعث العربى منذ عام 1991 و اسسوا برلمانا و حكومة كردية منذ عام 1992 و مستمرة لحد الان و كونوا لانفسهم كيانا و اقليما شبه مستقلا و قاوموا كل الخطط العدوانية من اجل محوهم من الوجود عن طريق استعمال الاسلحة الكيمياوية و الابادة الجماعية و سياسة الارض المحروقة. وهذا الاقليم اصبح رمزا للحرية و الديمقراطية فى العراق و المنطقة واصبح سندا قويا للكرد اجمع فى الاجزاء الاخرى، وبمقاومتهم الباسلة وخصوصا قوات (( البيشمركة)) ضد عصابات داعش اصبحوا يتلقون الدعم والمساندة من قبل الدول الكبرى و اصبحوا رمزا لمقاومة الارهاب و الارهابيين.&

كما ان للكرد فى غرب كردستان الكبيرة ( سوريا) الدور الكبير والفاعل فى مقاومة الارهاب و عصابات داعش و جبهة النصرة السلفية و مجموعات ارهابية اخرى، وقد حققوا انتصارات كبيرة و حرروا مناطق واسعة من كردستان الغربية و كونوا نظام حكم مستقل ديمقراطيا لادارة المناطق المحررة من قبل جميع مكونات الشعب في المنطقة من الكرد و العرب و الايزيديين و الكلدان و غيرهم.واصبحوا نموذجا حيا و ديمقراطي مشرف فى كل سوريا و المنطقة حيث يتولى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى PYD برئاسة السيد صالح مسلم هذه الامور، رغم المعرقلات و الخطط العدوانية الكثيرة ضدهم و ضد تجربتهم اليافعة من قبل تركيا الاردوغانية التي تعتبر الساند الرئيسى لعصابات داعش حيث تحاول بكل ماتتمكن من عرقلة مسيرة الكرد و تقدمهم فى ساحات المقاومة وايقاف هذا التوسع و الانتصارات الكردية مما يجعلهم عائق وحجر عثرة امام امال و طموحات الكرد الانسانية، ولكن خابت امالهم بسبب دعم ومساندة الدول العظمى (امريكا و روسيا) للكرد ولشعوب المنطقة ككل، ان تركيا الاردوغانية فاشلة فى سياستها ضد الكرد حيث انكشف وجهها الحقيقى ونياتها الشريرة ضد الكرد, و تركيا اليوم فى اسوء حالاتها السياسية و الاقتصادية و العسكرية بسسب التعنت والغرور من قبل اردوغان و حزبه ((العدالة و التنمية)) و بسبب طموحاته الشخصية و حب التسلط و الديكتاتورية واحلامه فى انبعاث اللامبراطورية العثمانية من جديد و تنصيب نفسه سلطانا عثمانيا جديدا في المنطقة، ولكن مصير تركيا و اردوغان سيكون نفس مصير صدام حسين و الاسد و هتلر و موسولينى وذلك بسبب طموحاته الغير الانسانية والمعادية للبشرية.&

&الكرد فى تركيا سبب و عامل رئيسي فى عملية التغيرالقادمة من حكم دكتاتوري تسلطي الى حكم ديمقراطي و شعبي،وها هم يقاومون السلطة الاردوغانية العسكرية فى تركيا عن طريق الثورة المسلحة من قبل حزب العمال الكردستانى PKK بقيادة البطل القومى الاسير فى سجون تركيا (( عبدالله اوجلان)) منذ عام 1999 وايضا من خلال النضال السياسى و البرلمانى الذي يمارسه حزب الشعوب الديمقراطية HDP بقيادة صلاح الدين ديميرتاش.&

كما ان الكرد فى ايران لهم فعالياتهم العسكرية و السياسية ضد النظام الايرانى من اجل تحقيق امالهم فى الحرية و الاستقلال و الديمقراطية.&

اخيرا الكرد فى المنطقة بشكل عام اصبحوا عاملا مهما ومؤثرا فى عملية التغيير الشاملة فى المنطقة و رمزا للقوة و البسالة و الشجاعة ضد الارهابيين و عصابات داعش المجرمة فى المنطقة و الكرد اليوم ليسوا بكرد الامس قبل 100 عام،لان حقوقهم مشروعة و امالهم و طموحاتهم الانسانية هي من اجل الحرية و الاستقلال و العدالة وليس من اجل الاحتلال و اغتصاب حقوق الاخرين، الكرد دائما و ابدا عاملا ايجابيا وليس سلبيا، كما انهم شعب طموح و محب للسلام ويكره الحروب و القتال الا اذا اضطر لحمل السلاح للدفاع عن الارض والعرض. لذا يجب على كل شعوب المنطقة و العالم ان يقدروا هذه التضحيات الكردية من اجل السلام العالمى وجعل هذا العالم مليىء بالمحبة و الاستقرار و السلام ونبذ الحروب و القتل وعمليات التشريد. وان يتعاونوا معهم لنصرة مسالتهم وقضيتهم المشروعة فى بناء دولتهم المستقلة فى المنطقة، عرفانا&منهم على تضحياتهم و مشاركتهم الفعالة و الصادقة من اجل مستقبل زاهر للمنطقة و شعوبها.

&

كاتب كردى من كردستان العراق&

[email protected]&